لَن نَنهَضَ دونَهُم: سُؤالُ المُستَقبَل في مَسأَلَة الشَّباب

كلمة العدد - آب 2025

"فَيَا ليتَ الشّبابَ يعودُ يومًا، فأُخبرَه بما فعلَ المَشيبُ" – بيتٌ من الشِّعر يَفتتح به أبو العتاهية قصيدةً يَرثي فيها انقضاء أيام شبابه، واشتداد الشّيب في رأسه، متمنّيًا لو يعود الزمان به ليُغيّر قرارًا ما، أو يتّخذ موقفًا مختلفًا، أو يبوح بمشاعره لشخصٍ ما.

وكثيرًا ما يقال في توصيف حالات الالتباس والغُموض المَفتوح على التّأويل إن "المعنى في بَطن الشاعر"، لكنْ ما لا لُبس فيه أن هويّة الغد كامِنة في "بطن" الشباب، وأن استدعاء مستقبَل لائق لا يَصِحّ إلا بحلول كفُؤة للمسأَلة الشبابيّة.

نحن نَعيش في مجتمعات فتيّة، تمتلك طاقاتٍ هائلة قادرة على تشييد الأوطان والنهوض بها نحو مستقبلٍ يليق بها. مع ذلك، يردّد كَثير من شبابنا بيت أبي العتاهية، رغم أن رؤوسهم لم يَخُطّها الشيب بعد.

لقد أَثقَلَت كاهل شبابنا عبر العقود أزماتٌ متراكمة: بطالة، وفساد، واستعمار، واحتلال، وعنف، وجريمة، وعنصريّة، وتهميش، وقمع، وتقسيم... لكن، على الرغم من ذلك كلّه، فلا تزال إنجازات شبابنا الفلسطيني والعربي تملأ الآفاق، وتَسطع من نيوزيلندا إلى أمريكا.

فلماذا لا تلمَع هذه الطاقات ذاتها في بلداننا؟ أَلَسنا الأَولى بثمار طاقاتهم؟ أَلَيس الأقربون أولى بالمعروف؟

أَلَسنا جميعًا مسؤولين عن فتح الأبواب أمامهم، وتوسيع الخَيارات لهم؟ متى سندرِك أننا لا نستطيع التقدّم خطوة واحدة دونهم؟

أَلَم يَحِن الوقت لإشراكهم الفعليّ في صناعة القرار، إن كنّا جادّين في تغيير أوضاعنا وبناء مستقبل كريم لأجيالنا القادمة؟

في هذا العدد من "سين48"، الذي نُطلقه بمناسبة "اليوم الدولي للشباب" الموافق 12 آب، تجدون مجموعة من المقالات التي تسلّط الضوء على واقع الشباب في ظلّ الحرب، بقلم شباب وكتّاب ونُشَطاء من مختلف أماكن التّواجد الفلسطيني، ممن يَعيشون مع الشباب، ويَعملون معهم، ويعبّرون عنهم.

نأمل أن تقرؤوا هذه النشرة بعينٍ من الأَمَل، وعينٍ من التفاؤل.

علّ كلماتنا تجد آذانًا صاغية، وقلوبًا مُنفتحة، وعقولًا ترى ما يمكن أن يكون عليه الغد.

لنبدأ التّغيير من اليوم!