هذا الشهر

حينَما تُصبِح المَكتَبَة حَطَبًا

 كَلِمة العَدد – تموز 2025

في هذا العَدَد الأوّل من ملفّنا الثقافي مُنذ اندلاع الحرب الإسرائيليّة الأخيرة على غزّة، نفتح نافذةً على سُؤال صار أكثر إلحاحًا من أيّ وقت مضى:
ما مَصير الثقافة في زَمَن الإبادة؟

وأيّ دور يَبقى للفنّ والمعرفة حين تُحاصَر الكلمة، وتُهدَّد القَصيدة، وتُحرَق المَكتبة لتُدفَّأ بها أجساد الناجين؟

لا يُفارِق مخيّلتَنا المشهدُ المؤلِم الذي رواه الكاتِب الغزّي محمود عسّاف، وهو يُضرِم النار في مكتبَته الّتي راكَمَها عَبر أكثرَ من ثلاثة عقود؛ آلاف الكُتب تحترق، لا لأنّه كَفَر بالكلمة، بل لأنّ النار كانت آخر ما تبقّى لإنقاذ أُسرته من الجوع والبَرْد.

ليست تلك لحظة فرديّة، بل مشهد رمزي يُجسّد مَصير الثقافة حين يُطبق الحِصار على الرّوح، ويَضيق الأُفق حتى تَغدو النّجاة أولويّة تتفوّق على أيّ معنى.

هذا العَدَد، إذن، ليس ترفًا ولا تنفيسًا.


إنّه محاولة لمساءَلة مَوقِع الثقافة والمثقّف في زمن يتكثّف فيه القَتل والتّجويع والتّشريد، ولِفَهم وظيفة الكَلمة حين تُسحب "الميكروفونات" مِنَ الأَيدي، وتتحوّل المنابر إلى صَمت مفروض.

هل يُمكن للثقافة، في هذا الواقع، أن تظلّ مشروعًا حيًّا؟
هل بمقدورها أن تَجمَع شَتات الأرواح في ما وراء الرّكام؟

في "سين48"، لا نَزعم امتلاك أَجوبة نهائيّة، لكنّنا نؤمن أنّ في التّراكم الثقافي فعلَ مقاومة، وفي الكِتابة ترميمًا لما تمزّق، وفي القراءة إضاءةً لما طُمِس.

ندعوكم إلى قِراءة هادئة وعَميقة لنصوص كتبها كاتبات وكتّاب فلسطينيون مِن مختلف أماكن التّواجد، يحاولون بالكلمة أن يرووا ما قد تَعجَز اللغة أحيانًا عن قوله.

لأننا ما زِلنا هنا، نَكتب، ونَروي، ونبني ذاكرةً لن تُمحى.

قراءة ثريّة.

للمزيد..

مختارات

358
عدد المساهمات
436
عدد المساهمين
1356
عدد المقالات
134
عدد مقاطع الفيديو
112
عدد المدونات الصوتية
53
عدد القصص المصورة