المنظومة العشائرية وتأثيراتها على آفة العنف في النقب

تضرب آفة العنف مجتمعنا العربي النقباوي في السنين الأخيرة جميع أطياف المجتمع.

المجتمع الجنوبي له مميزات خاصة به حيث تركيبته الاجتماعية العشائرية تمنحه نوع من الحصانة الاجتماعية، بحيث أن الفرد يشعر بانتمائه لقبيله كامله وهذا يحمله المسؤولية بالانضباط السلوكي نحو عشيرته واهله وناسه. لأنه في حالة قام فرد ما من عشيرة معينة، بعمل انحرافي كجريمة قتل، عنف الخ فإن عشيرته كامله، تتحمل المسؤولية وتصبح مطالبه أمام الطرف المتضرر..

للعشيرة وأعرافها وقوانينها قوة لا يستهان بها في ردع الجريمة والعنف. إلا أنه مع التغيير الذي طرأ على مجتمعنا البدوي في الجنوب تضعضعت مكانة العشيرة مما أدى الى فوضى نوعا ما في مجتمعنا الجنوبي.

ففي صخب سيرورة التغيير التي يمر بها مجتمعنا تضعضعت أيضا مكانة ""كبير العيلة"" الشيخ واصبحت كلمته غير مسموعة عند الجميع، الشيء الذي خلق نوع من الفوضى وأدى إلى الزيادة في حالات العنف.

بكلمات اخرى، تضعضع المؤسسة التقليدية العشائرية امام المؤسسة الحكومية المدنية التي تتمثل بالشرطي وفي وزارة الأمن الداخلي. حيث أن الأخيرة لم تأخذ دورها في مكافحة الجريمة ولم تشكل رادع أمام مرتكبي الجرائم..

أسباب الجريمة والقتل

السبب الرئيسي للنزاعات وحالات القتل هو الصراع حول قسائم الارض التي طالما تنتهي بجريمة قتل وحالة ثأر، يدفع ثمنها جميع أفراد القبيلة. بيوت تشتت وأُسر بأكملها تشت نتيجة حالات قتل وثأر دم.

السبب الثاني هو التجارة بالسلاح الغير مرخص وانتشاره بشكل كبير ووضعه بمتناول اغلب المواطنين. فوضى السلاح ادى الى ارتفاع عدد ضحايا الجريمة والقتل لأنه اصبح بمتناول ايدي اناس غير مسؤولة ومتهورة وأصبح وسيلة قتال، البعض ينظر إليها “كدفاع عن كرامة العيلة ورد اعتبار وانتقام "". في الماضي أغلب ""الشجارات "" لم تنتهِ بعملية قتل لأنه لم يتوفر سلاح حي كما عليه الوضع اليوم. أما اليوم فأغلب الصراعات دامية تنتهى بضحايا قتلى وجرحى. زد على ذلك المناورات وضرب الرصاص ليلا في الحارات وبين العائلات الشيء الذي أصبح مصدر إزعاج لجميع المواطنين والسكان بالأخص المرضى، كبار السن، الاطفال والخ.

السبب الثالث هو المناكفات على صفحات التواصل الاجتماعي، السوشيال ميديا مثل التكتوك والانستغرام والفيسبوك الخ.. حيث أصبحت هذه الصفحات منصة للتحريض الوعيد والتهديد الذي في النهاية يؤدي الى جرائم قتل وعنف جمة.

السبب الرابع : تدهور الوضع الاقتصادي وتحول الفرد البدوي من منتج إلى مستهلك. انتشار البطالة وعدم توفر فرص عمل أدى إلى الجنوح واللجوء إلى مصادر غير قانونية لكسب المال مثل التجارة بالسلاح والمخدرات، وعمليات السطو، والسرقة إلخ.. بكلمات بسيطة ""بين يوم وليله الشاب يود أن يصبح ثري ذو سلطه ومال بدون جهد ولا مجهود"" والنتيجة لهيك مسار معروفة مسبقا للجميع!!

لعلاج الجريمة في المجتمع النقباوي يجب العمل على تمكين مكانة الصلح العشائري. حيث انه يوجد للقضاء العشائري قوة ونفوذ اقوى بكثير من القضاء المدني في الدولة.

اعادة الثقة برجال الصلح واعطائهم فرصة فض النزاعات والخلافات ومنع حدوث حوادث العنف والجريمة.

اثبت مؤخراً بأن تدخل رجال الصلح في فض نزاعات كثيرة بين جيران وعائلات منع سفك دماء وأنقذ أرواح كثيرة من عمليات القتل!

لذا من هذه المنصة اناشد كل رجل اصلاح بأن يأخذ دوره في منع الجريمة القادمة!

علاج المشاكل الصغيرة قبل أن تكبر وتتطور الى مشاكل عنف وجريمة.

اتخاذ موضوع العنف كموضوع أساسي في مؤسساتنا التربوية المنهجية والغير منهجيه!

طلاب المدارس هم سفراء صغار ما نزرعه فيهم يترعرع ويكبر وممكن أن نحولهم إلى سفراء محبة كبار ليبثوا روح الحوار والتسامح في صفوف من حولهم وفي محيطهم!

تجذير لغة الحوار والحل السلمي كبديل للغة القوة والعنف!

بث روح التسامح وبناء جسور المحبة بين العائلات والحارات على يد برامج تتبناها السلطات المحلية.

تمكين مكانة الأهل في تربية أبنائهم وعدم تهميشهم في بناء الجيل الصاعد من منطلق الإيمان بأنه لا يوجد بديل للأهل في سيرورة تنشئتهم لأولادهم.

توطيد العلاقة بين المدرسة والأهل لضمان بناء شخصية الطالب بنية صحيحة وسليمة.

طالب اليوم هو رجل المستقبل

وطالبة اليوم هي فتاة المستقبل

لذا التغيير يبدأ من البراعم من البذور..

ما سنزرعه بأبنائنا وبناتنا سنحصده غدا

شفاء الهزيل - الصانع

مديرة قسم الرفاه الاجتماعي في مجلس اللقية المحلي

شاركونا رأيكن.م