رقمنة التعليم .. تطوير قدرات بدلََا من تمرير معلومات
تجربة كورونا وضّحت لكلّ من لم يتنَبه مسبقََا إلى حجم تأثير العوالم الرقميّة على كل جوانب الحياة - الاجتماعية، العمل، الاقتصاد، السياسة، والأهم التربية والتعليم. كما وبينت لمن لم يرَ سابقََا إلى مدى الفجوات وعدم جاهزيتنا كمجتمع، كمؤسسات وكأفراد مع عصر الرقمنة الذي نعيشه، وأن عصر الرقمنة ليس شراء الهاتف المتنقل الأحدث، وليس عدد الساعات التي تُقضى على الشاشات وليس كثرة ""اللايكات"" على منشورات وصور الشبكات الاجتماعية، بل القدرة على استثمار وتوظيف البيئات الرقمية للاستمرار في التعلم والعمل والتطوير وإيجاد حلول للمشاكل والقضايا التي تواجهنا والتي تتزايد بحجمها وتركيبتها. الأزمة بينت الى أي مدى التعليم مقيد بسلاسل ثقيلة من نظام تقليدي قديم لم يستطع التعامل مع هذه الأزمة ولا حتى التعلم من هذه التجربة لأجل المستقبل. فالتعليم وإن دمج العوالم الرقمي، لا زال عالقََا في تمرير المعلومات بدلََا من أن يتوجه نحو تطوير القدرات واستثمار العوالم الرقمية لاحتياجاتنا الحياتية.
أزمة التعليم التقليدي
التعليم التقليدي الذي لا زال يسيطر على مدارسنا، بل والكليات والجامعات بشكل عام، لا زال يكتفي بتمرير المعلومات وربما بناء المعرفة، ولكن قلَّما ما يتعدّاه الى تطوير القدرات بمفهومها المتكامل الذي يتجذر بالقيم، ويستمر في تطوير المعرفة والمهارات ليصل الى تطبيقها على أرض الواقع والعيش بها ما وراء جدران المدارس وأسوار الكليات والجامعات. ومن المهم أن أوضح هنا أن مجرد دمج التكنولوجيا في التعليم لا يعني أننا حولنا التعليم الى حديث وعصري، فكم من تعليم تقليدي لا زال مستمرََّا أيضََا في البيئات الرقمية، فيها المعلم يمرر معلومات وعلى الطالب استقبالها. فالمدارس لم تتغير بمبناها ونظامها العام كثيرََا، بل هي المؤسسة الأقلّ تغيير على مدى التاريخ الحديث والأقل تجاوب مع التطورات الرقمية الحديثة لتحويل التعليم إلى عصري وفعّال.
عندما نتحدث عن التعليم التقليدي، عادة ما نتحدث عن المثلث: معلم، طالب، محتوى. المعلم يكون عادة حامل المحتوى لتمريره وفق منهاج سُلم له من المسؤولين، والطالب هو المستقبل والمخزن المؤقت لنسخ من هذا المحتوى، الى حين يتم تقييمه بعلامة وتقييم معلمه أيضا على جودة تمرير المعلومات. المعلم والطالب ممتلآن بهذا النظام إلى حد استنفاذ طاقة التعلم وعدم التفكير بالأسئلة الكبيرة حول ماهية الأشياء، توجهاتها، قيمتها، تأثيراتها، بدائل لها وغير ذلك ممّا يجعل من الطالب إنسانََا مفكّرََا بمستويات عالية. التعليم بوضعه الحالي يفصل الطالب بجدران عالية عن العالم الخارجي والحياة الحقيقية، ويجعل من المدرسة نظامََا متكامِلََا منفصلََا عن الواقع وعن التطورات المتسارعة في هذا العالم المتشابك.
التعلم الحديث
العوالم الرقمية وسعت وأثْرَت مصادر التعلم بكميات هائلة من مصادر مكتوبة، مسموعة، أفلام، برامج محاكاة، تطبيقات تفاعلية وغيرها التي تتيح فرص التعلم الذاتي أو الجماعي. نحن في عصر يتيح التعلم أكثر من أي وقت مضى، مع أو بدون معلم، فكم من الأشخاص الذين تعلموا لغة جديدة، رسم، عزف، إدارة الوقت، تصميم وغيرها من خلال مشاهدة أفلام فيديو، تطبيقات للتعلم الذاتي، أو دورات أونلاين وغيرها الكثير من الطرق والمصادر. فالتعليم التقليدي يطور قوالب محددة من المعارف ويقيّم الطلاب وفق هذه القوالب، بينما متطلبات الحياة والعمل والتعليم العصري تبحث عن أناس تفكر خارج القوالب، تبني جسور وتهدم جدران الفصل والتمييز، بقدرات متطورة، جريئة وإبداعية لحل قضايا عصرية شائكة وتطوير خطوات لمستقبل أفضل، وبطبيعة الحال ليس هذا ممكنََا دون العوالم الرقمية في عصرنا.
التعليم الحديث عليه التعامل مع تعدد وتنوع إمكانيات التعلم، ملاءمة المحتويات لاحتياجات العصر، فتح قنوات التعلم على العالم الواسع، تحويل التعليم الى تجارب حياة ذات معنى – بكلمات أخرى التركيز على تطوير القدرات المبنية على المعرفة بدلََا من حشو المعلومات وتقييم كمياتها.
المعلم في عصر الرقمنة
وهنا نسأل أنفسنا كم نستثمر - نحن وأولادنا - من الساعات الطوال التي نقضيها أمام الشاشات بهدف تعلم يوسع آفاقنا ومعرفتنا ومهاراتنا؟ وكم منا يعرف كيف يختار مصادر التعلم والطرق الملائمة بنفسه؟ الواقع يقول إنّ قلّة من الناس لديهم القدرة أو الإرادة على تصميم سيرورة تعلم كاملة لأنفسهم. من هنا فإنّ وجود معلم بمفهوم مرشد ومربي سيبقى من أهم المهن التي نحتاجها في المجتمع، كي يصمم بحكمة بيئة التعلم وما فيها من محتويات، نشاطات، دعم وتحفيز ويوجهها نحو تطوير قدرات الطلبة التي من شأنها أن تهيأهم نحو إدارة حياة عصرية ناجحة وناجعة ذات معنى.
بطبيعة الحال فان المعلم الذي يستمر في حشو المعلومات، والتعامل مع الطلبة كأنهم قالب واحد، فإنه يربي جيل اليوم للقرن السابق، فيخرج لدينا جيل يتخبّط في عوالم اليوم دون وجهة ودون قدرات للتعامل مع الحياة العصرية. من تجربتي على مدار أكثر من 20 عامََا في تدريبات تأهيل معلمين، أستطيع أن أقول أنه وبعد أزمة كورونا، أن نسبة المعلمين ذوي القدرات الرقمية ارتفعت ولكنها لا زالت لا تتعدى الثلث في مدارسنا العربية. والأمر الأصعب من ذلك أن نسبة كبيرة ليس لديها الحافز للتطوير المستمرّ في القدرات، بما فيها الرقمية، وكيف يمكن لمعلم يفتقر لهذه القدرات أن يطورها لدى الطلاب؟ أولادنا الذين يغرقون في العوالم الرقمية – التي بغالبها تتحول إلى إدمان شاشات بعيدة كل البعد عن الاستثمار للتطور، بحاجة ماسة الى معلمين مرشدين ذوي قدرات عصرية، يحفزون الطلبة لتحويل وجهتهم نحو تطوير القدرات العصرية بمرافقة مليئة بالاحتواء والمحبة والإيمان بقدرات الطلبة.
الرقمنة في مدارسنا
ننظر الى الرقمنة في التعليم من خلال أربعة جوانب:
البنية التحتية: الرقمنة بحاجة لارتباط انترنت سريع وحواسيب على أقلّ حال، وصولََا إلى تابلتات (ألواح إلكترونية)، روبوتيكا، طابعات ثلاثيّة الأبعاد وبرمجيّات تطوير وتصميم، لأجل كشف وتدريب الطلبة على ما وصلت إليه التكنولوجيا خارج جدران المدرسة. مدارسنا العربية بمعظمها فقيرة في البنية التحتية، فمنها من تفتقر لأجهزة الحاسوب وخط انترنت للتعليم، ومنها تحتوي على مختبر حاسوب بأجهزة قديمة وخط ‘نترنت ضعيف أو متقطع، ومنها من تحتوي في كل غرفة صف على حاسوب مخصص للمعلم لعرض المحتوى على شاشة كبيرة للطلاب. مدارسنا لا زالت بحاجة لخطة حوسبة سريعة ومكثفة يكون بها حاسوب أو تابلت مع كلّ معلم وطالب على أن تستثمر بحكمة، يدََا بيد مع الجوانب الآتية.
بيئة إدارة التعلم: وجود منظومة محوسبة تعتبر من أساسيات إدارة التعليم والتعلم، يتم فيها الجانب الإداري من حضور، مشاركة، علامات، برامج يومية وسنوية وغيرها، إلى توفير محتويات التعلم والمهام، تقويم وتقييم، الى نشاطات تفاعلية فردية أو جماعية، وصولا إلى إدارة عملية تعلم مع ملاءمة فردية، يرى بها الطالب، والمعلم وولي الأمر مسار تطور واضح. هذه البيئات ومن خلال إحصائيّات محوسبة ذكيّة، تساعد في اتّخاذ القرارات المبنيّة على معلومات لتصميم خطوات التعلّم والتطوّر للطالب. معظم المدارس العربية تستخدم فقط جانبََا إداريََّ أساسيََّا في مثل هذه المنظومات الرقميّة، وبالغالب تلك المطلوب توثيقها للوزارة، دون تحويلها إلى ثقافة مدرسية متكاملة.
محتويات ونشاطات رقمية: تطوير محتويات وتصميم نشاطات يحتاج إلى الكثير من الوقت، فمن غير المنطقي التوقع من المعلم أن يطور بنفسه هذه المصادر، فالإنترنت أتاح العديد من هذه المصادر منها المجانية ومنها المدفوعة، المطلوب من المعلم اختيار الملائم منها وإجراء ملاءمات وتعديلات عليها وفق مجموعة التعلم لديه. المحتويات العربية تتفاوت في جودتها في الإنترنت، بل وهنالك صعوبة في بعض المواد من وجود محتويات ملائمة باللغة العربية. إشكالية أخرى بمحتويات اللغة العربية أنها بمعظمها لم تمر تحويلََا رقميََّا بل انتقلت من كونها مطبوعة على ورق إلى ملفّات محوسبة دون تحويل المبنى إلى شبكة من المعرفة أو اثراء المحتوى بميديا متنوعة مرئية أو مسموعة. هنالك حاجة إلى تطوير محتويات ونشاطات تعلم تتلاءم مع عصر الرقمنة في المبنى والمحتوى.
قدرات رقمية: لأجل استثمار العوالم الرقمية بالشكل الصحيح هنالك حاجة ماسة لقدرات رقمية متطورة لدى المعلم المرشد بدءا من القدرة على البحث المتقدم، تقييم واختيار الملائم منها، تنظيمها لتسهيل الرجوع إليها، إلى مهارات باختيار أدوات رقميّة وتصميم نشاطات والدمج الحكيم بينها، وتوجيه كلّ ذلك نحو تحقيق أهداف التعلم من تطوير القدرات لدى الطلاب، بما فيها قدرات رقمية. تطوير القدرات الرقمية بمفهوم الاستثمار الحكيم ووصولََا إلى الإنتاج هو جزء مركزي في سيرورات التعلم، فمثلََا يمكن للطالب تقديم مهمّة من خلال منتج رقمي - تصميم بوستر رقميّ، إنتاج مقطع فيديو، أو إجراء حراك في الشبكات الِاجتماعيّة، بما يتلاءم مع المحتوى التعليميّ والمواضيع والتي من الممكن وبطرق إبداعيّة أَنْ تكون أيضََا متناغمة مع المنهاج الدراسيّ من جهة ومع الواقع والمستقبل من جهة أخرى.
تعليم موجه نحو تطوير قدرات
الهدف من وراء التعليم هو أن نُحدث لدى المتلقي - المُتعلّم - تطوير في القدرات التي تساعده في قيادة وإدارة حياته بصورة ناجحة ذات معنى وجدوى لنفسه ولمحيطه. مفهومي للقدرات هو مجمل ما لدى الإنسان من معارف، قيم، مهارات وسلوكيات على أرض الواقع. فمثلََا من الممكن تكون لدى الشخص معرفة نظرية واسعة في موضوع إدارة المال، ولكنه لا يدير أمواله الخاصة بشكل ناجح، فهذه تعتبر معرفة وليست قدرة، أو شخص لديه مهارات رقمية ممتازة لكنه يقضي جل وقته بمتابعة الشبكات الاجتماعيّة ومشاهدة الأفلام أو الألعاب، ولا يستثمر معرفته لتطوير مهارات أخرى من شأنها أن تعود عليه وعلى من حوله بالفائدة، كفتح قناة يوتيوب تدريبية، دورات، بناء مواقع، تصميم جرافي، تأثير اجتماعي، أو أي خدمة رقمية أخرى. فالتعليم الذي يمرر المعلومات ويكتفي ببناء المعرفة لا يلائم عصر المعلوماتية، الذي فيه المعلومات متاحة في ضغطة زرّ، بل نحتاج التعليم الذي يطور القدرات الملائمة للنجاح في العصر الحالي وبناء المستقبل. اليكم باقتضاب عرض للقدرات المفتاحية الستّ التي علينا التركيز عليها:
تنور رقمي: الساعات الطويلة أمام الشاشات لا تعني أن المهارات الرقمية متطورة، فهنالك حاجة لتعلم متقدم لكيفية الاستخدام الحكيم، اختيار محتويات ملائمة وتقييمها، القدرة على تنظيم أوقات الشاشات، كيفية الحفاظ على الخصوصية والأمان، مهارات استخدام برامج مهمة للحياة اليومية وللعمل، وصولا الى معرفة البرمجة وفهم التوجه التكنولوجي وخاصة الذكاء الصناعي، الروبوتات، عوالم ثلاثية الأبعاد والبيانات الضخمة (Big Data).
تفكير وتعلم: نطور القدرة على التفكير بطرق ومستويات مختلفة ومتنوعة، من تحليل وتركيب وناقد وغيرها، حول ما نواجه في حياتنا وخاصة في عالم تتضارب فيه ""الحقائق"" في شاشاتنا، نستثمر طرق التعلم الرقمية المتاحة وكل موقف في حياتنا نحوله الى فرصة للتعلم. فالتفكير بمستويات عالية والتعلم المستمر من ضروريات العصر الحديث.
حصانة وتوجيه ذاتي: الانكشاف على العالم الواسع من خلال الشبكات واختلاط العادات والقيم والأفكار، يحثنا على بناء شخصية تعرف هويتها، قيمها وثقافتها، تعرف كيف تدير مشاعرها، تثبت إيمانها، لتكون لها قاعدة من خلالها تحاور وتتفاعل وتختار، ولا تتوه في تخبطات تبعدها عن تحقيق ذاتها وأهدافها في الحياة، شخصية تأخذ مسؤولية على حياتها وتدير نفسها بشكل واع على أسسٍٍ قيميّةٍ.
قدرات اجتماعية وثقافية: الشبكات الاجتماعية أصبحت من أساسيات حياتنا، لكن هنالك حاجة لتطوير القدرة على التوازن في استخدامها، والحكمة في اختيار الملائم منها، وعدم سلبها لقدرة التواصل الشخصي الوجاهي، وأن نثري تواصلنا بالقدرة على الحوار الإنساني الغني بالمعرفة والثقافة، والتعبير عن الرأي بحرية وجرأة واحترام. قدرة تمكن الشخص من اختيار الصداقات الملاءمة، وإدارة العلاقات داخل العائلة وخارجها بشكل صحي وصحيح.
تكيف ومرونة: التغيرات السريعة من أكبر ميزات العصر، ولهذا فالحاجة الى التكيف السريع والمرونة الفكرية للتأقلم من أهمّ ما نحتاج، لأن ما نعرفه اليوم من طرق تعلّمٍ وعمل وحياة اجتماعية وأوضاع سياسيّة واقتصاديّة وغيرها، لا شكّ ستتغير وربّما أَسرع ممّا نتخيّل، ولأجل النجاح برغم أو بفضل التغيرات، فالحاجة ملحة للوعي لأهمية المرونة والتكيف وتطوير القدرة على النهوض السريع من الكبوات، ومعرفة واتخاذ قرارات للتأقلم الملائم.
إدارة موارد: الوعي لنوعية الموارد الموجودة لدينا وكميتها وكيفيتها من وقت، مال، علاقات، قدرات، صحة، طاقة وغيرها. كلما زادت قدرتنا على إدارة واستثمار هذه الموارد كلّما استطعنا أن نحول حياتنا إلى انجاز، تطور وتطوير يعود بالفائدة على الفرد والمجتمع. العوالم الرقميّة مثلََا يمكنها أن تستنفذ وقتنا وحياتنا بمتابعات في الشبكات أو المسلسلات، أو يمكن أن نستثمرها لتوفير وقتنا وجهدنا من خلال حوسبة العديد من المهام، واستثمار الوقت المتوفر لإنجازات أخرى.
كيف نطور هذه القدرات؟
عندما نفهم أنّ التعلّم هو عملية مستمرة ومتنوعة فيمكننا استثمار كل موقف، كل نص، كل حدث كفرصة لتطوير القدرات. أقترح في هذه المقالة التصميم السداسي لتصميم نشاط تفاعليّ تعليمي يهدف لتطوير القدرات، ويمكن تطبيقه بشكل منهجي وعملي في أنظمة التعليم الحالية:
تحديد هدف – اختيار هدف تعليمي محدد وقدرة محددة (مثلا مهارة محددة مثل القدرة على الحوار). من الممكن أن يختار الهدف بمشاركة الطلبة.
تصميم فعاليّة افتتاحية – أي نشاط تعليمي تربوي تفاعلي فردي أو جماعي، يهدف إلى تمرير الطلبة تجربة من خلالها يتم استكشاف القدرات القائمة لديهم، وتحفيز الأسئلة والتساؤلات من خلال تحديات مصممة بشكل منهجي تتلاءم مع الهدف المحَدَّد مُسبقََا.
تغذية مرتدة وحوار – بعد المرور بالتجربة واستكشاف نقاط القوة، التحديات، وطرق التعامل معها، يتم إجراء حوار عميق يديره المعلم المرشد ويوجهه من خلال أسئلة وتساؤلات مفتوحة، تحفز تفكير الطالب بالتفكر وتقييم معرفته، قيمه، مهاراته وسلوكه ويستنتج بنفسه ما به من نقاط قوة ونقاط تحتاج لتطوير.
استنتاجات – يتم تذويت الاستنتاجات من خلال تدوينها، أو تعميق الحوار حولها وإعادة التفكر بها، بشكل فردي أو جماعي، فهذه الوقفة مركزية لأجل النماء.
فعالية مطورة – معظم النشاطات التعليمية القائمة حاليا ينتهي بها المطاف في المرحلة السابقة، لكن الفرصة للطالب في تطبيق ما استنتجه في نشاط من شأنه أن يعطي فرصة تطبيق التطور تنمي الثقة بالنفس، التحفيز والشعور بالقدرة، بل والمرونة والتواضع المستقبلي للتعلم والتطور الذاتي.
تذويت الاستنتاجات – الوقفة مرة أخرى على الأداء التطويري، مقارنته مع الأداء في النشاط الافتتاحي، والقدرة على التغذية المرتدة الذاتية وللزملاء في المجموعة من شأنه أن يضاعف سرعة التعلم من التجربة الشخصية وتجربة القرناء.
يمكن للنشاطات بالمبنى السداسي أن تكون وجاهية أو رقمية والأفضل أن تكون دمج فيما بينها (مدمج - Hybrid)، وأيضََا مستمرة بحيث تبنى النشاطات المستقبلية بشكل لولبي، تعتمد على التعلم السابق وتبني عليه التعلم الجديد. من المهم الانتباه إلى الاختلافات الفردية واحتوائها، بل واستثمارها لتطوير التعلم الجماعي واثرائه، وأيضََا توسيع حيّز الاختيار للطلبة، وتحويل الأخطاء إلى فرص للتعلّم.
بالملخص
مفهوم الرقمنة في التعليم يحتاج إلى تحويل من تعليم يدمج التكنولوجيا تقنيََّا إلى تعليم يستثمر العوالم الرقمية لإحداث تعلّم موجَّه نحو تطوير القدرات اللازمة لإدارة حياة عصرية ناجحة، ناجعة وذات معنى، مرتبطة بالواقع المحلّيّ والعالميّ، تعرّف بوصلتها نحو بناء مستقبل أفضل. للوصول لهذا الهدف هنالك حاجة ماسّة لفهم المتطلّبات لتحقيق هذا الهدف وتدريب الطواقم على هذه القدرات وكيفية تذويتها لدى الطلبة.
د. أسماء نادر غنايم
محاضرة وباحثة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ومؤسسة ومديرة في مركز InnDigital - للتطوير التكنولوجي في المجتمع والتربية. [email protected]