الألعاب الالكترونية وتأثيرها على سلوك الأطفال

تُعتبر الألعاب الإلكترونية جزءًا من الثقافة الحديثة، كما أنَّها أصبحت شائعةً جدًّا في مختلف أنحاء العالم، وتشمل هذه الألعاب العديد من الأنواع والأشكال مثل الألعاب المحمولة، وأجهزة الحاسوب، وأجهزة الألعاب المنزلية، والألعاب الإلكترونية الجماعية التي تُلعب عبر الإنترنت. ومن المؤكد أن للألعاب الإلكترونية تأثيرًا على سلوك الأطفال، وهناك بعض الدراسات التي تشير إلى عدد من الآثار الإيجابية والسلبية التي قد تحدث.

من الناحية الإيجابية، تساعد الألعاب الإلكترونية الأطفالَ في تحسين مهاراتهم الإبداعية والتفكير النقدي والمهارات الإدراكية والتواصل مع الآخرين، كما أنها قد تساعد في تحسين قدرات الأطفال على حل المشكلات واتخاذ القرارات الصحيحة.

من الناحية السلبية، يمكن أن تؤثر الألعاب الإلكترونية على السلوك الاجتماعي للأطفال، وقد تزيد من اضطرابات النوم وتقليل النشاط البدني والتفاعل الاجتماعي في العالم الحقيقي. فضلا عن أن بعض الألعاب الإلكترونية العنيفة يمكن أن يؤدي إلى زيادة الميل إلى العنف والعدوانية لدى الأطفال، وهذا يعد من الآثار السلبية التي تحتاج إلى متابعة ومراقبة من قبل الآباء والأمهات.

للحد من الآثار السلبية للألعاب الإلكترونية على سلوك الأطفال، ينبغي على الآباء والأمهات مراقبة وقت استخدام الأطفال للألعاب الإلكترونية وتوفير أنشطة إيجابية بديلة فعالة لهم.

من الواضح أن صناعة الألعاب الإلكترونية والمحوسبة قد شهدت نجاحًا كبيرًا في جذب اللاعبين الصغار. وأحد أسباب هذا النجاح هو السهولة التي توفرها هذه الألعاب، حيث تستخدم تقنيات التحكم المبسطة التي تتيح للأطفال الصغار التفاعل مع اللعبة بسهولة ومتعة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الألعاب الإلكترونية والمحوسبة تقدم رسومات وأصواتًا عالية الجودة وتأثيرات خاصة متقدمة، مما يجعل اللعبة أكثر جاذبية ومتعة للأطفال الصغار. كما أن الألعاب الإلكترونية والمحوسبة توفر تجربة تفاعلية وشائقة للأطفال، حيث يمكنهم التفاعل مع شخصيات وعوالم افتراضية بشكل مباشر، مما يساعد على تعزيز خيالهم وإثارة اهتمامهم باللعبة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن بعض الألعاب الإلكترونية والمحوسبة تقدم محتوى تعليميا متعلقا بالتاريخ والثقافة والعلوم والرياضيات، مما يساعد الأطفال على تعلم المعلومات الجديدة بطريقة ممتعة وتفاعلية. ويمكن للأطفال أيضًا تحسين مهاراتهم اللغوية والاجتماعية من خلال الألعاب الإلكترونية التي تعتمد على الاتصال والتعاون مع الآخرين.

وبالإضافة إلى جذب الأطفال، فإن الألعاب الإلكترونية والمحوسبة تجذب أيضًا الشباب والبالغين، حيث يمكن أن توفر تجربة ممتعة ومسلية لأي شخص يحب الألعاب. وقد أصبحت الألعاب الإلكترونية والمحوسبة صناعة كبيرة وناجحة في العالم، وتستخدم في العديد من المجالات مثل الترفيه والتعليم والتدريب والبحث العلمي والصحة النفسية.

ولكن، ينبغي للوالدين والمراقبين أن يكونوا حذرين فيما يتعلق باستخدام الأطفال للألعاب الإلكترونية والمحوسبة، حيث يجب عليهم مراقبة مدة اللعب والمحتوى المستخدم والتأكد من أنه مناسب لعمر الطفل ويتماشى مع قيم الأسرة والمجتمع.

توفر الألعاب الإلكترونية والتكنولوجيا الحديثة فرصًا كبيرة للترفيه والتعلم، ومع ذلك، فإن استخدامها بشكل زائد قد يؤدي إلى بعض المشكلات الصحية والاجتماعية؛ لذلك، يجب على الوالدين تحمل مسؤولية توجيه أطفالهم وإدارة وقتهم في ممارسة الألعاب الإلكترونية والحد من انخراطهم الزائد فيها. كما يجب عليهم اختيار الألعاب التي تحتوي على مضامين تعليمية وترفيهية صحية، وتحديد وقت محدد لممارستها، وتشجيع الأطفال على القيام بأنشطة أخرى في الهواء الطلق وتطوير مهاراتهم الاجتماعية والإبداعية.

تشير الدراسات إلى أن هناك ارتباطا بين الممارسة المتكررة للألعاب العنيفة والعدوانية والسلوك العدواني عند الأطفال. وعلى الرغم من أن الألعاب الرياضية والحربية والقتالية قد تحظى بشعبية بين الأولاد، إلا أنه من المهم التأكد من عدم تعزيز العنف والعدوانية في هذه الألعاب.

بالنسبة للألعاب الإلكترونية، فإنها قد تحتوي على محتوى عنيف ويتم تصميمها لجذب انتباه الأطفال، وهذا يعني أن الأطفال قد يتعرضون للتأثير السلبي عندما يقومون بلعب هذه الألعاب بشكل متكرر. وبالتالي، من المهم أن يتسم الآباء والأمهات بالحذر عند اختيار الألعاب التي يسمحون لأطفالهم بلعبها، والتأكد من أنها تحتوي على محتوى مناسب لعمرهم وتشجع القيم الإيجابية.

ينبغي أن يركز الأهل والمجتمع بشكل عام على تشجيع الأطفال على الأنشطة الإبداعية والتفاعلية التي تعزز القيم الإيجابية مثل التعاون والتسامح والتعلم والتطور الشخصي. ويمكن استخدام الألعاب التعليمية وألعاب الألغاز والألعاب الإبداعية والتفاعلية كوسيلة لتحقيق ذلك. وينبغي للآباء والأمهات أيضًا العمل على توجيه الأطفال وتعليمهم قيم الاحترام والتسامح والمسؤولية وغيرها من القيم الإيجابية التي تساعدهم على التحلي بالسلوك الحسن في حياتهم اليومية.

يمكن القول إن الألعاب الإلكترونية تؤثر بشكل متناقض على الأطفال، فهي تجعلهم يتجنبون الاتصال الاجتماعي والتواصل الحقيقي مع الآخرين، ولكن في الوقت نفسه تعلمهم التكنولوجيا وتعزز من إرادتهم في تحقيق النجاح والفوز.

ومع ذلك، يجب أن نضع في اعتبارنا أن الألعاب الإلكترونية لا تعوض التواصل الاجتماعي الحقيقي مع الأصدقاء والعائلة. ينبغي أن يحدّ من استخدام الألعاب الإلكترونية وتشجيع الأطفال على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية مثل الرياضة والموسيقى والفنون والألعاب الجماعية. علاوة على ذلك، ينبغي على الآباء والأمهات أن يكونوا على دراية بالألعاب التي يقوم أطفالهم بلعبها ومراقبتهم بشكل دوري لضمان عدم إدمانهم على الألعاب وعدم تأثيرها سلبا على حياتهم الشخصية والاجتماعية.

تجعل الألعاب الإلكترونية الطفل يميل إلى العزلة الاجتماعية والانطواء على نفسه، مما يؤثر سلبا على نموه الفكري والشخصي والاجتماعي، فهو بدلا من الجلوس أمام شاشة التلفاز مع العائلة أو يتبادل أطراف الحديث معهم، يذهب لممارسة الألعاب، وبذلك يفضل اللعب على الحديث مع العائلة، وهذا ما استقصيناه من خلال البحث. ومن جهة أخرى تعمل هذه الألعاب على تعليم الطفل كيفية التعامل مع التكنولوجيات الحديثة كالحاسوب والإنترنت والأجهزة الإلكترونية وغيرها من التقنيات الحديثة والعصرية التي أدخلت الطفل في عالم التكنولوجيا الرقمية والعالم الافتراضي، فممارسته المستمرة لهذه الألعاب تجعله ينغمس بشكل أكبر في مجال الرقمنة والتقنيات الحديثة، فبموجب هذه الألعاب صار الطفل يتحكم في الحاسوب بطريقة غير متوقعة يفوق أحيانا الكبار في ذلك، فسنه الصغير يجعله يخزن أكبر قدر من المعلومات والتقنيات. 

تصنع الألعاب الإلكترونية أطفالا أكثر إصرارا على تحقيق النجاح والفوز وتحقيق الطموح، فخسارتهم في الألعاب وإصرارهم على الفوز يولد فيهم الإرادة على تحقيق النجاح والفوز، مما يؤثر على طموحاتهم المستقبلية وإصراره في تحقيق أهدافه والتخطيط لحياته. 

إلا أنه يجب أن نفهم أن تأثير الألعاب الإلكترونية يعتمد بشكل كبير على كيفية استخدامها وعلى الإشراف الموجود من قبل الأهل والمربين؛ لذلك، ينبغي علينا أن نكون حذرين في تحليل تأثيرات الألعاب الإلكترونية بشكل عام، وينبغي علينا النظر في سياق استخدامه.

وأبرزت الدراسة بذلك أن الألعاب الإلكترونية ليست تسلية بريئة، فهي محكومة بالمنظومة القيمية لمنتجيها والتي ليست ذاتها لدى المجتمع العربي، وتؤدي بحسب مفهوم "روبير ميرتون" وظائف ظاهرة وأخرى مستترة، فالظاهرة هي التسلية، أما المستترة فمنها ما هو مرتبط بنشر ثقافة منتجيها والترويج للعنف وفساد الأخلاق. 

وأخيرًا، فإن الألعاب الإلكترونية والمحوسبة توفر أيضًا أدوات تعليمية وتطويرية متقدمة للأطفال الصغار، حيث يمكنهم تعلم مهارات جديدة مثل التخطيط والتنظيم وحل المشكلات وتحسين الذاكرة، وهذا يساعد على تعزيز التعلم والتطور الذي يساعد الأطفال على تطوير مهاراتهم وقدراتهم في الحياة الحقيقية.


الإحالات:

  1. علي (أحمد)، الطفل بين حب التقليد وموانع التجديد، دار الهدى، الأردن، 2006.

  2. حسني الشحروري (مها)، الألعاب الإلكترونية في عصر العولمة، ما لها وما عليها، الطبعة الأولى، دار المسيرة، عمان، الأردن، 1428-2008. 

  3. زكريا الرمادي (أماني)، المكتبات العربية وآفاق تكنولوجيا المعلومات، مركز الإسكندرية للكتاب، الإسكندرية، مصر، 2008. 

  4. سلامة (فضل)، سيكولوجية اللعب عند الطفل، دار أسامة، دار المشرق العربي، الأردن.

كاميليا صول

كاميليا صول وهي طالبة دكتوراة في الإدارة التربوية، وتعمل محاضرة لاستكمالات معلمين ومرشدة قطرية بالسكرتارية التربوية للبيداغوجيا المحوسبة. ادارت سابقا "مركز الموهوبين" في شفاعمرو وعملت كمرشدة للعلوم والتكنولوجيا في المرحلة الاعدادية لمدة سبع سنوات.

حياة
شكرا ع محتوي الرائع دا
السبت 4 تشرين الثاني 2023
حياة
شكرا ع محتوي الرائع دا
السبت 4 تشرين الثاني 2023
هاجر
حلو
الثلاثاء 26 كانون الأول 2023
بلال
معلومات مفيدة🤍
السبت 27 كانون الثاني 2024
شاركونا رأيكن.م