هذا الشهر

نَكبَتَان وَزَمَن واحِد: مِنَ اقتِلاع 1948 إلى إِبادَة غزّة 2023
كلمة العدد – أيار 2025
يَعود أيار مُجَددًا... هذا الشّهر الذي نَقَشَ في ذاكِرَتنا الفلسطينية والعربية جَرح النَكبة المَفتوح منذ العام 1948، وكأنّ الزَمن توقّف هناك، عِند لَحظة اقتلاعٍ وشَتاتٍ لَم تنتهِ فُصولها بَعد. وها هي حَرب الإبادة المستمرّة تَدخُل عامَها الثاني، تُذكّرنا، ببثّ حيّ ومباشر أَمام أَنظار العالَم، أنّ النّكبَة لم تكن حدثًا عابرًا، بل مشروعًا مستمرًا ازداد وحشيّة ودمارًا مَع كلّ عقدٍ يَمضي، في ظلّ وَهَن فلسطيني، وتَخَاذُل عربي، ونِفاق دولي صارِخ.
ليست النّكبة مُجرّد ذكرى؛ إنّها واقع مُستمر، رِحلة أَلَم وكَرامة لم تتوقّف منذ التّطهير العِرقي في 1948 حتى الإبادة التي نَشهَدها في غزة منذ أكتوبر 2023. إنّها صورة واحدة ممتدَّة، لا تَهزِمها إلا يَقَظة جماعيّة قادِرَة على رؤية المَشهَد كاملًا، وإدراك أنّنا بصدد معركة وُجود، وهويّة، وحَقّ.
نَعَم، كَأَنّ الزّمان توقّف هُناك، كَأَنّ "هناك" هُنا الآن، كَأَنّ اللحظة الجائرة تتمدّد في المَكان، كَأَنّ الخُذلان مَلَّ البحث عن ذرائع وأَقنِعَة. لكنّ الفلسطيني أيضًا لا يُفاجئ نفسه بالصّمود العَنيد الذي اعتادَه.
لنَستَمِع إلى الشاعر الشاب حيدر الغزالي كيفَ يَدمج النَكَبات بِطَبعاتها المُتنوّعة وهو يَكتب بين قذيفة وأُختِها في غزة شاهدًا على الإِبادة: "أَقِفُ في طابور "وكالة الغوث"/ أُحدّثُ بيانات العائلة/ ضاع صَباحي تَحت الشّمس/ أَتأفّف بين أشخاصٍ يَخرجون عن الطابور/ حديقةُ المَدرسة مَقبرة/ الفُصول الدراسية، بيوتٌ صغيرة لا رائحةَ لها، ولا ذاكرة/ أخيرًا جاءَ دوري، تلحظُ الموظفةُ جبيني يتصبّب عَرقَا/ - منذ متى تقف هنا؟/ -منذ 1948".
لَيست هذه النّشرَة كأيّ نَشرةٍ أخرى. إنها دَعوة لإعادة التّفكير في النّكبة، لا كحادِثَة نحيي ذكراها سنويًّا ونَستحضِر تَفاصيلها مع أبنائنا، أبناء الجيلين الثالث والرابع فحسب، بَل كواقع حيّ يَطبَع حياة الفلسطيني في كلّ بقعة ومجال: في وُجوده، وهَويته، وثَقافته، وفي مَعركة البقاء اليوميّة التي تُخاض رَغم ضيق المَساحات الظاهرة، لكنّها تتّسع في صَداها الإنساني لتصبح معركة كلّ إنسان يؤمن بالحرّية والحقّ والعدالة.
نَضَع بين أيديكم هذه النشرة ونحن مُثقَلون بِوَجع لا يَحتمله قلب، آملين أن يَحمل صوتنا صلاةً حارّة وابتهالًا صادقًا، ونداءً إلى أَحرار هذا العالم: أن تتوقّف آلة الحَرب، وأن ينتصر الحقّ، وتتحقّق العدالة.
نشرات سابقة

"افْتِرَاسُ" الطُّفولَة في فِلسطين: كَأَنَّ الغُولَ أَفْلَتَ مِن حِكايَات الجَدّة!
كلمة العدد – نيسان 2025في واحِدَةٍ مِن أَفظَع حُروب الإِبادَة...

"نونُ النّسوة" تلفَحُها الحَرب: عَنْ نساءٍ لَسنَ ككلّ النّساء
كلمة العدد – آذار 2025في فِلسطين وغَيرها، لا تُخاض الحُروب...

الإِعلامُ في حَربِ غَزّة: أضرارٌ غَير جانبيّة طالَت "عَين الحَقيقَة"
كلمة العدد – شباط 2025ها نَحن في الشهر الثاني من...
مختارات

في هذه الحلقة مِن بودكاست "فارءه معاي"، نَتَحاور مَع بروفيسور أسعَد غانم حَول الحَرب المُمتَدّة على غزة، والتحوّلات في المَشهد الفِلسطيني، ودَلالات اللحظة التي نعيشها: هَل هي مفصليّة أَم استمرار للمأساة؟ حَلَقة تحُاول فَهم الحاضر عَبر بوّابة التاريخ، وتَفتح أَسئِلة بلا إجابات سَهلة.
الأكثر قراءة
فيديوهات
النشرة البريدية
انضم.ي إلى قائمة اصدقاء "فارءه معاي"
أدخل.ي بريدك الإلكتروني للحصول على النشرة الشهرية فور صدورها وآخر أخبار المنصة والتحديثات.
بامكانك الدخول لأرشيف النشرات من هنا.
بضغطك على زر "اشترك" تكون.ي قد وافقت على شروط الاستخدام.