ملاحظة عن مآلات المعلّم في ظلّ التحولات السياسيّة والتكنولوجيّة
المعلّم في مُجتمعنا ليسَ فقط بحرٌ من المعلوماتِ والمعرفة والثقافة، الذي يستقطب منه الطلاب المزيد من المعرفة والعلم، بل هو المصباح الذي يجب أن ينير العقول والأذهان، المرشد، الصديق الذي يرّبي على النقد والابتكار.
بالمقابل، يواجه المعلّم العربي في مجتمعنا تحديات كثيرة في مجال عمله، يتقيد بمعاييره القيمية التربوية من جهة، وينصاع لمنهاج تعليمي تضعه الوزارة وفقا لمعايير ومقاييس مختلفة من الجهة الأخرى.
تتأثر مهنة التدريس في السنوات الأخيرة بدمج أساليب حديثة ودمج التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في أساليب التدريس اليومية. يتطلب الأمر تحديث مهارات التعلم والتجدد لدى كل معلم والالتحاق بدورات واستكمالات لتطوير الذات بهدف مواكبة العصر.
بالإضافة إلى كل التحديثات في الأساليب التعليمية تتغير مناهج التعليم وخطط التدريس بوتيرة سريعة بدخول شخصيات جديدة لإدارة هذه الوزارة وكل بحسب الرؤية المستقبلية التي تتماشى مع مصالحهِ الحزبية.
مع الأسف باتت عملية دمج السياسة في مناهج التعليم عائق يواجه المعلم، الذي عليه ملائمة نفسه لتوقعات الوزارة المتغيرة والجديدة. بِالمقابل يَتناسى الجميع المعاييّر القيمية الأخْلاقية والتي يَتَوجب أن يتَحلى بِها كل معلّم، والذي يسعى جاهدًا لبناء جيل كامل، فهُو مسؤولٌ أمامَ نفسهِ وضميره ومجتمعه عن الاخلاقياتِ الذاتيةِ ليحافظَ على المعاييّر الاساسّية التي تلائم مجتمعنا العربي بشكل خاص والمجتمع الإسرائيلي بشكل عام.
تُشَوشُ هذهِ التغييرات نظامَ المعلّم وتَضعهُ في مأزقٍ فكري، كيفيّة الحِفاظ على التَسـارع الزمنّي والتكنولوجي والخطط المنهجية المتغيرة بتغيّر الحُكومات، والحفاظ على المِقياس الأخلاقي والمعاييّر الإنسانية والقيميّة التي يُربي عليها والتي هي بِمثابة مبادئ مهمة وأسلوب حياة كالديموقراطية الجوهرية التي تُلزمه سُلوكيًا وأَخلاقيًا.
وأخيرًا، يَحملُ هذا المعلّم أعباء عديدة، كونه يُحاول تَلبية هذهِ المُتطلبات وبَين الفَصلِ بحياتهِ الشخصية الأسرية العائلية، فهو صاحب مسؤولية مزدوجة، في بيته ومدرسته ومجتمعه، فرفقًا بمعلمينا ومعلماتنا ولنُحدِد لأنفسنا سُلم الأولوِيات، ألمْ تُسمى هذهِ السَيرورةَ.. "التَربية اولًا ثم التعليم؟"
هدير أبو شنب
معلمة ومركزة منتدى المدنيات العرب، حاصلة على لقب ماجستير في العلوم السياسية