رحلة إلى الشعر النّبطي.. يــا مــسوّي الــفنجال عــجّل بــسوقه
ذكر ابن خلدون في كتابه الشهير –مقدمة ابن خلدون- أخبار الشعر الذي لم يتقيّد بقواعد الإعراب كالشعر الفصيح، وها هو الشعر النبطي قد أتى الى صحراء النّقب عن طريق الأسفار التي كانت قبل قيام دولة إسرائيل. (فكان لجيل العرب بأنفسهم لغة خالفت لغة سلفهم من مضر في الإعراب جملة) – مقدمة ابن خلدون ص744- وقال أيضا (فيقرضون الشعر لهذا العهد في سائر الأعاريض، على ما كان عليه سلفهم المستعربون) ص745.
وقد ذكر الدكتور –عمر عبد الرحمن نمر- في كتابه – شعر البادية في النقب- أخبار وأشعار نبطية أتت من خلال روايات شفهيّة وكان بها أخطاء وتبديل كلمات ليست بموضعها الصحيح. وهذا دليل اوّلي على ذلك:
ذكر الباحث في كتابه ص 253 عن لسان شخص اسمه "الصواحين" من خلال بحثه الميداني في النقب:
يا مبهر الفنجان تسوقه
وتعديه على ناس عن ناس
سوقه على الي عد بذوقه
فكاك ربعه يوم الريق يبّاس
سوقه على الي يعرف حقوقه
رفض ولو قدم الزاد للناس
وقد قمت ببحث لعدد بسيط من القصائد التي ذكرها الباحث في بحثه، ومما حصلت عليه مثالا بسيطا أن الرواية الأصلية لهذه القصيدة في الأصل ترجع الى شاعر اسمه " سليمان باشا بن رقاده":
يــا مــسوّي الــفنجال عــجّل بــسوقه
خــصّ الــشيوخ وبــدّ نــاسٍ على ناس
خــصّ الــشجاع الــلي تخلّى طروقه
فــكّــاك ربــعــه يــوم الاريــاق يــبّ
والــثــاني الــلــي كـــلّ عــدًّ يــذوقه
فــوايــهــه تــشــهر جــديــدٍ ودرّاس
والــثالث الــلي مــسرفٍ فــي حقوقه
يملا الصحن ويرفّض النفس الانفاس
وبــاقي الــملا الــلي هــيّناتٍ حــقوقه
عــطهم مــن الــثنوة ولا عاد به باس
وهناك عدّة روايات لهذه القصيدة وأكتفي بهذه.
ومجال البحث في مثل هذه المواضيع واسع ويحتاج الى الكثير من الجهد والعناء وبلا شك أن أرض الحجاز قد حافظت ودوّنت كثيرا من أخبار الشعر النبطي والدليل على ذلك –قصيدة الجمل والطرمبيل- التي شاع ذكرها في منطقة بدو السبع على لسان الصغير والكبير وقد رواها أحدهم بصوته ولا أذكر اسمه الان، والقصيدة ذكرت في كتاب –الأزهار النادية في أشعار البادية الجزء الأول- ص140. للشاعر أحمد عطية الغامدي.
ومنها:
طاب المثل والْفَنْ بين الْغَريْمين
خَصْميْن مِتْعادينْ صِلفين صعبين
قامْ الدّعاوي والطّلب بينهم بين
والكُلّ منهم له مقاصد وشانِ
رحلتي مع الشعر النّبطي:
بدأت رحلتي مع الشعر النبطي منذ عشر سنين تقريبا. البداية كانت صعبة للغاية، لم أكن أعرف لا الوزن ولا القافية إلى أن هداني الله الى فيديوهات عبر اليوتيوب وبعد بضع سنين إلى شاعر من أرض الحجاز يقيم في الرياض اسمه سعيد الثقفي. لقد كان آخر محطاتي في التّعلم ومن ثم بعد ذلك أخذت زمام الأمور على أصولها وتوجهت إلى موقع اسمه بوابة الشعراء. وتمت إجازتي بشعري النبطي على يد الأستاذ – حمد الحجري- الشعر النبطي له تاريخ عريق مع البدو في ترحالهم وحياتهم في الصحراء.
وأتمنى أن يكون في النقب خاصة كثيرا من الشعراء الذين يكتبون على هذا الطّرقِ الجميل الذي نحن جميعا بحاجته للتعبير به عن مكنوننا الاجتماعي والسياسي.
من بعض ما كتبت:
(جزء من قصيدة)
بعض الشوارب لا تقرّب وتشريه
هــرجــه ثــقيلٍ والايــادي خــفيفه
بــعض الشوارب جدّ جدّه وندريه
طــيّب مــن شــروشه ويدّه نظيفه
بــعض الــشوارب والله انّــا بنفديه
لــوّ انــتصاوب بالخطوره وطفيفه
بــعض الشوارب توّهتنا بما فيه..
مــرّه يــذمّ الــخصم مــرّة حــليفه
بعض الشوارب لا يجيني ولا جيه
يــفتح غطى هالناس وعيني كفيفه
بــعض الشوارب يوم فعله نجازيه
ذبّــاح خــيله يــوم يــوقّر لــضيفه
بعض الشوارب عدّ نفسه مصاريه
الــمال حــاجه لــلعمر مــا يضيفه
(مشاركة أخرى)
وِلْد النقب مهما يعيش الحضاره
يــبقى اصيل البيتُ فعله رزيني
وان كــان شفته يوم يبني عمارة
يــبني خــيامه فــالخلا والبطيني
دنــيا مــغيره مــا بــغيّر مساره
مــا نكّر اطباعه ومثل الحصيني
(مشاركة أخرى)
اركــب عـلـى الـشقراْء وشـد الـلجامي
ولـمـلم صـحـابي لــو بـغينا الـمسابيق
واطرب على المسحوب وطربي بحامي
وافـتـح مــن الاشـعـار كـنز الـصناديق
واكــرب عـلـى خــط الـبـدايه لـثـامي
كــسـبـان ربـحـانـي وكــلّـه تـوافـيـق
الـلـي يـهـم اكـسـب ظـمـيري بـسامي
مــا هــو مـثيل الـلي يـسب الـمخاليق
روحــي نـزيـه مــا حـكـيت الـشتامي
ولـيا شـتمت اشتم شطاني من الضيق
يـا اهـل الـنقب حـب الاصايل طعامي
ويـا مـا سرجت البيد وحمر الشواهيق
كاتب المقال: سلامة اسماعيل القيعان وهو شاعر نبطي وممثل مسرحي من حورة النقب، متزوج وأب لطفلين.