التزاحم على ال "Talents" والصراع على استمراريتهم في العمل
إن كنتم ممن يعانون من تسرب الموظفين بشكل عام والموظفين الموهوبين بشكل خاص في المؤسسة أو يهمكم الاستثمار بالموظفين الموهوبين وعدم تسربهم من العمل فهذا المقال لكم.
من أحد تحديات المؤسسات الشركات والمصالح التجارية هي الحفاظ على الموظفين، وفي الآونة الأخيرة، ظاهرة تسرب الموظفين تشغل العديد من أصحاب الشركات والمصالح، كما وهذه الظاهرة تعد من الأمور المركبة. بعض من المؤسسات، الشركات والمصالح التجارية لا يوجد لديهم وعي لهذه الظاهرة رغم وجود تسرب الموظفين فهم يُرجِعُون تسربهم لأسباب عديدة بعيدة عن المؤسسة الشركة أو المصلحة ذاتها. وفي حالات أخرى بها المؤسسات المتطورة من حيث الثقافة التنظيمية تعي لهذه الظاهرة وأهمية استمرارية الموظف في المؤسسة وتكون مستبقة للأحداث من خلال خطتها وثقافتها التنظيمية.
بعض من الشركات تؤمن بحال تم توفير ظروف العمل واحتياجات ومتطلبات الموظف من راتب، مكتب للعمل، نشاطات ترفيهية وغيرها من الظروف هذا كفيل بجعله مستمر في الوظيفة وفي المؤسسة. أي بمعنى آخر لا يوجد سبب للبحث عن وظيفة جديدة واستمراريته بالعمل مؤكدة.
أما النوع الثاني من المؤسسات والشركات والمصالح يكون حريص على تأمين ظروف عمل تتلاءم مع احتياجات ومتطلبات الموظفين إضافة إلى عوامل لا تقل أهمية وهي من العوامل المباشرة التي تقلص تسرب الموظفين.
هذه العوامل بعيدة بعض الشي عن الجانب المادي أو التحفيز المادي كما يظن البعض.
عوامل مهمة التي تتبعها بعض الشركات المميزة وهي التي تمكن الموظفين الموهوبين من تحقيق ذاتهم من خلال وظيفتهم وتهتم على أن يكونوا شركاء استراتيجيا في سيرورات الشركة ونجاحاتها. حيث تدمج هذا النهج وتعمل على أن يكون من ضمن خططها السنوية وأهدافها.
بعيدا عن اختلافات الأجيال والأنماط الإدارية أن العوامل المشتركة لبقاء الموظفين الموهوبين في وظائفهم هي عوامل وأسباب تتعلق غالبيتها بالثقافة التنظيمية للمؤسسة وبشكل خاص بالمدير المباشر.
أي علاقة الموظف بمديره المباشر، هي لا تقتصر فقط على التناغم بين المدير والموظف. إلا أن هذه العلاقة تتكون من عدة عوامل التي تؤدي لكون هذه العلاقة مسبب مباشر لاستمرارية أو عدم استمرارية الموظف في وظيفته أو في المؤسسة ككل.
وبخصوص العامل الثاني، تعالوا لنجرِ تجربة صغيرة لبعض المدراء والمديرات منكم/ن في بداية أسبوع عملكم، ما هو أول عمل تقومون به عند دخولكم للمؤسسة أو الشركة؟ أعترف أنه لدي فضول أن أسمع اجاباتكم من خلف الشاشة.
إذن، سأجيبكم أنا بما يفعل المدراء الذين يحرصون على بناء علاقة مهنية مميزة مع موظفيهم الموهوبين.
فهم عند دخولهم يطمئنون على طواقم العمل بشكل شخصي من خلال جلسات قصيرة فردية لكل منهم تكون مخصصة ومعينة مسبقا هدفها تعزيز الفرد وتحفيزه والإصغاء لمشاركاته بشكل شخصي وإعطاؤه المساحة الشخصية. إضافة لذلك هناك جلسة طاقم ثابتة تكون مرة كل أسبوع لمشاركة الطاقم حيثيات العمل والأمور الجارية وحتلنات من قبل الطاقم والمدير ومن خلال هذا النوع من الجلسات المدير ينتهز الفرصة ويعد نشاطا لبلورة الطاقم وتقوية الرباط الجماعي وروح الفريق الواحد.
هذا مثال بسيط لمدير نهج إدارته للطاقم مبني على أسس قيادية مخطط لها وغير عشوائية. البعض يتهم هذه الجلسات بأنها جلسات مضيعة للوقت ولا فائدة منها. أما البعض الآخر الذي يعي لأهميتها استراتيجيا لا يتخيل بداية أسبوع العمل بالشركة دونها.
العامل الثالث وهو من الطرق الإضافية التي ترفع من نسبة استمرارية الموظفين في الشركة هي إشراكهم في سيرورات العمل المختلفة. أي لكل موظف هناك ميزات خاصة، معرفة وخلفية ثقافية ومهنية من خلالها يمكن أن يكون مبادرا وشريكا في سيرورات المؤسسة. اسألوهم عن رأيهم استمعوا لما لديهم. وجود مدير مباشر يتيح هذا الجانب للموظفين ويحفزهم ويحثهم على المبادرة يؤدي لأن يكونوا مبادرين ومبدعين من خلال الاندماج بالمؤسسة وفق خلفياتهم الثقافية والمهنية والتي تجعل الموظف منخرط بالمؤسسة ورضاه الوظيفي عال ويشعر بالانتماء اتجاهها واتجاه وظيفته.
هناك أيضا عوامل سلبية تؤثر على استمرارية الموظف في وظيفته بالمؤسسة. وهي السيرورات البيروقراطية التي تقلل من توجهه وتحد من مبادراته وتطوره داخل المؤسسة.
السيرورات البيروقراطية تجعله يرى النهاية أو المماطلة بمبادرته قبل بدئها. ولإن عزم على المبادرة وقدمها وشاركها ولم تبحث أو غابت في السيرورات البيروقراطية سيرى بذلك عدم تقدير لجهده ومبادرته لتحسين العمل بالمؤسسة وهذا يؤدي لتردده بالمبادرة بالمرات القادمة وعدم بذل جهد في ذلك.
إضاءات مهمة للمدراء الذين يوظفون موهوبين:
موظف موهوب يفضل أن ينضم لمؤسسة متجددة ومواكبة للحداثة.
عند استقطاب موظف موهوب مهم أن تأخذوا بالحسبان أنه بمسار تطور وتقدم سريع وله أهداف لذلك.
مهم أن يتحضر المدير لتقدم واستمرارية الموظف في المؤسسة وعدم قوقعته في نفس الوظيفة كي يستمر الموظف في المؤسسة ولا يبحث عن تقدمه خارجها.
أسألوه عن طموحه وإلى أين يريد الوصول.
أوجدوا المسار الذي يثير اهتمامه، والذي سيعود عليكم بفائدة.
وفي نهاية المقال رسالتي لكم اجعلوا أماكن العمل مؤسساتكم، شركاتكم ومصالحكم غير اعتيادية من خلال إتاحة شعور التطور وتحقيق الذات لطواقم العمل لديكم. المبادرة والإضافة والمشاركة بسيرورات العمل تجعل منهم مخلصين لكم ولإنتاجيتهم مما يعود عليهم وعليكم بفائدة. وأخيرا، تذكروا مقولة ستيف جوبز "إننا نوظف الأذكياء ليعلمونا ماذا نفعل وليس لنعلمهم ماذا يفعلون".