تنمية المهارات للتغلب على القلق من الامتحانات

المهارات الوالدية:

تربية الأبناء مهمة عظيمة ومسؤولية كبيرة وهي أسمى وأعظم "مهمة أو وظيفة" وقد تكون الأصعب، فتربية الأبناء، الرعاية والتعليم بكل إيجابياتها تضع الأهل أمام تحدٍّ كبير وصعوبات متعددة خصوصًا في هذا العصر. الأبناء هم النعمة التي وهبها الله لنا، وهم أمانة في أعناقنا، فالمهارات اللازمة لممارسة الوالدية قد تكون دمجا ما بين الفطرة والتعلم من التجربة والخبرات السابقة، أو الاستشارة والمساعدة من المحيطين، أو البحث عن إرشادات ومرافقة من أشخاص مهنيين أو البحث في مصادر معرفة لاكتساب أدوات وآليات لتربية سليمة وقد تكون... كثيرا عندما نفكر في بناء الأبناء فأول شيء يخطر في بالنا هو البناء المادي والحياة الرغيدة التي تؤمِّن لهم العيش الكريم، ولكن البناء الحقيقي لأبنائنا هو بناء الانسان، بناء جيل واثق وجريء، يواجه ضغوطات الحياة والأزمات بمرونة، قادر على حل المشكلات، يتمتع بالمتانة والحصانة النفسية وبمهارات اجتماعية وعاطفية توفر له فرص النجاح وتحقيق الكفاءات المكنونة. ما نزرعه في أبنائنا نجنيه منهم، وما نربيهم عليه ونبثه فيهم من قيم ومبادئ، أو نعلمه لهم من معارف وقناعات ومفاهيم يساهم بشكل لا يمكن لأحد أن يجادل فيه في تكوين شخصياتهم وتشكيل ملامحهم النفسية والسلوكية، فالأبناء يولدون صفحة بيضاء ينقشها الآباء والأمهات، ثم يتعلمون مجموعة من الأشياء التي يكونون منها لغة يعرفون بها العالم الخارجي، من المفاهيم والقيم والأخلاق والعادات والطبائع والأساليب التي يتعاملون بها مع الآخرين، من هنا تأتي أهمية التربية السليمة فتربية الأبناء مسؤولية عظيمة وحساسة للغاية وخاصة في زماننا هذا لكثرة المتغيرات والأحداث السريعة وانفتاح العالم وتغير المفاهيم ..

ويختلف أسلوب التعامل مع الطفل من شخص لآخر ومن طفل لطفل … ومن وقت لآخر.

من هو ابني؟

ينبغي على الوالدين أن يتفهموا طبيعة كل مرحلة وطبيعة المهارات التي يمكن لابنهم أن يمتلكها في تلك المرحلة، وعليه يجب أن تكون توقعاتهم تجاه الطفل متسمة بالواقعية والمرونة، فلا يطالبونه بمهارات أعلى من قدراته الفعلية، وعلى النقيض لا يجب إهمال الطفل والاستسلام للصعوبات حال وجدت إنما السعي والمرافقة للمساعدة وتيسير الصعوبات لتقليص الفجوات (وكم من طفل وطالب تقدموا ونجحوا لوجود والدين وثقوا وآمنوا بهم وكانوا العون والسند لهم).

الهدوء والحب وإجادة اللعب بمثابة المفتاح الذي نفتح به الباب لكي يتعلم الابن المهارات اللازمة، كما يجب تقبّل الفروق الفردية الموجودة بين الأطفال، كما أن يسمح الوالدان لابنهما بالخطأ وتصحيحه بهدوء ودون انفعال.

ما هي تلك المهارات الواجب تنميتها لديه؟

المهارات عديدة ومتنوعة ويمكن أن يكتسبها الإنسان أو يتعلمها ومنها: الثقة في الذات ـ الاعتماد على النفس ـ الاستقلالية ـ اتخاذ القرار. ولعلنا ندرك أن المهارات السالفة الذكر بمثابة سلسلة متشابكة من المهارات. والسؤال الآن كيف يبدأ الوالدان مع طفلهما في إكسابه المهارات؟

من الضروري أن نترك العنان بالتدريج للابن في تولي إدارة شؤونه بنفسه بظل المراقبة والمتابعة، أن نسلمه عصا القيادة ونتابع خطواته عن قرب ونحن إلى جانبه للتأكد أنه بخير، ونتيح له فرصة ممارسة حقه في أن يختار ويتحمل مسؤولية هذه الخيارات. إن إتاحة الفرصة للأبناء للتعبير عن

مشاعرهم وآرائهم، ومنحهم التشجيع والتحفيز في ممارسة نشاطهم الحركي والفكري المستقل في ظل الحوار المتبادل، المحبة والتعاطف، الاحترام والإصغاء الفعال يتعود الطفل على المصارحة والمشاركة مما يطور شخصية إيجابية تتمتع بقدرات إيجابية مميزة.

حوار الأبناء وتشجيعهم على المشاركة والتعبير عن مشاعرهم وأفكارهم، وأمور حدثت معهم من شأنه أن يساهم في تطوير الشخصية. عندما يبلغ الابن سن 6 سنوات يكون قادرا على تحمل مسؤولية معظم احتياجاته الشخصية (رعاية ذاتية) وفى سن 7 سنوات يمكنه أن يساعد في ترتيب ملابسه وترتيب غرفة نومه ونظافتها. وفى سن 8 سنوات يمكنه أن يختار ملابسه بنفسه ويعطى مصروف جيب يكون حرا في أن يتصرف فيه كيفما شاء. ومن سن 9ـ 12 تحدث له طفرة كبيرة في الاستقلالية، ويصبح للابن رأي في شؤون الأسرة ويجب أن يشترك في اتخاذ القرارات واحترام الاقتراحات.

على النقيض، فالحماية الزائدة للطفل أو القسوة تضر بشخصيته أكثر مما قد يطور أزمات وصعوبات نفسية وسلوكية.

مفضل تشجيع الابن في مرحلة لاحقة على الاختيار واتخاذ القرار وكلما زاد قدر المسؤولية التي يلقي بها الوالدان على كاهل طفلهما، كان الابن أكثر قدرة على تحمل المسؤولية وأصبحت لديه شخصية ناضجة وناجحة، بشرط أن تتلاءم المسؤولية المعطاة قدرات الابن.

توجيهات للطالب والأهل حول قلق الامتحان:

الامتحان ما هو إلا موقف من المواقف الكثيرة التي يتعرض لها الطالب في حياته اليومية. قد يراه موقفا ضاغطا صعبا يعيق أداءه الامتحاني والذي قد يكون جيدا في الأحوال العادية من العام الدراسي، التعامل معه كأنه ليس مصيريا ("مش اخر الدنيا") أو كأنه ورقة عمل مراجعة لمواد تعلمها في الصف، فبالإرادة والتصميم والعزيمة يمكن أن يجعل من الامتحان موقفا إيجابيا يساعده في تحسين مستوى تحصيله الدراسي وتحقيق أهدافه.

لذلك عزيزي الطالب عليك تغيير أفكارك السلبية عن الامتحان واتجاهاتك منه واستبدالها بأفكار إيجابية..

 

القلق أو الخوف من الامتحان:

قلق الامتحان حالة نفسية انفعالية قد تمر بها. وتصاحبها ردود فعل نفسية وجسمية غير معتادة نتيجة لتوقعك للفشل في الامتحان أو سوء الأداء فيه، أو للخوف من الرسوب ومن ردود فعل الأهل، أو لضعف الثقة بالنفس، أو لرغبتك في التفوق على الآخرين، أو ربما لمعوقات صحية.. وهناك حد أدنى من القلق.. وهو أمر طبيعي لا داعي للخوف منه مطلقا بل ينبغي عليك استثماره في الدراسة والمذاكرة وجعله قوة دافعة للتحصيـــل والإنجاز وبذل الجهد والنشاط.. ليتم إرضاء حاجة قوية عندك هي حاجتك للنجـاح والتفوق وإثبات الذات وتحقيق الطموحات.

أما إذا كان هناك الخوف والقلق والتوتر لدرجة يمكن أن تؤدي إلى سوء الأداء،فهذا أمر مبالغ فيه وعليك معالجته والتخلص منه. وكلما بدأ العلاج مبكرا كانت النتائج أفضل واختفت أعراض المشكلة على نحو أسرع، فالتدخل السريع واستشارة الاختصاصين في بعض الحالات الشديدة سلوك حكيم يساعد في حل مشكلتك والتخفيف من آثارها السلبية..

ما الذي يثير الخوف من الامتحان؟

ربما نتيجة الشعور بأن الامتحان موقف صعب يتحدى إمكانيات الطالب وقدراته وأنه غير قادر على اجتيازه أو مواجهته. وتنبؤه المسبق بمستوى تقييمه من قبل الآخرين والذي قد يتوقعه (تقديرهم السلبي له) ... "لا تقلق لأن بإمكانك التغلب على هذا الشعور من خلال تغيير أو دحض أفكارك السلبية عن الامتحان، واعتباره موقفاً أو محكا تمر به للتعرف على قدراتك وإمكانياتك وخبراتك المعرفية ومهاراتك، وأيضا اعتباره وسيلة لمعرفة مدى ما تحققه من تقدم في مستوى تحصيلك الدراسي".

أسباب أخرى قد تساهم في زيادة الخوف:

  1. اعتقادك أنك نسيت ما درسته وتعلمته خلال العام الدراسي- لتجنب ذلك عليك استخدام عادات الدراسة الحسنة، لا تقلق فهذا وهمٌ لأن كل ما تعلمته سُجل في الذاكرة.

  2. نوعية الأسئلة وصعوبتها - مع أن الأسئلة مدروسة من قبل لجان مختصة مراعية لمستوى الطالب مع الاختلاف بالقدرات.

  3. عدم الاستعداد أو التهيؤ الكافي للامتحان- في حال أنك واظبت على الدوام والحضور منذ بداية العام الدراسي وناقشت المعلم في غرفة الصف ودرست كل دروسك بانتظام وقمت بكل ما يتوجب عليك من وظائف وواجبات، إذن أنت مستعد ولديك الجاهزية للامتحان على مدار العام الدراسي كله وليس فقط في الفترة القصيرة التي تسبق الامتحانات مباشرة فلا تقلق.

  4. قلة الثقة بالنفس - يجب أن تأخذ بعين الاعتبار بأن قلة الثقة بالنفس شعور أنت مسؤول عنه، كما يجب أن تعرف بأنك طالب لك القدرات العقلية نفسها التي يملكها أو يتمتع بها الآخرون. فالاسترسال وراء انفعالات الخوف والتشنج والتوتر وفقدان الثقة بالذات يؤثر سلبا على مستوى أدائك في الامتحان وبالتالي على تحصيلك العلمي.

  5. ضيق الوقت لامتحان المادة الواحدة- عليك أن تعرف أيضا أن الوقت المخصص للامتحان كاف لقراءة الأسئلة أكثر من مرة والإجابة عنها جميعها ومراجعة الحل.

  6. التنافس مع أحد الزملاء والرغبة القوية في التفوق عليه- يجب أن تعلم وربما تعلم أن هناك فروقا فردية بينك وبين أقرانك الطلبة فإذا كان زميلك يتفوق في قدرة عقلية ما، فأنت ربما تتفوق عليه أو تتميز في قدرات أو نواح أخرى.

بالإضافة إلى أسباب أخرى، مثلا ما يقوم به بعض الأهالي من سلوكيات يظنون أنها نافعة ولكنها تؤدي إلى نتائج عكسية وسلبية على الطالب، مثلا أسلوب المراقبة المشددة والحرص الزائد على الطالب، حالة الإقامة الجبرية في المنزل والضغط الخانق وكأن فترة الامتحانات هي عقاب للأهل والطالب.

كما اعتماد الطالب على تعاطي المشروبات والمنبهات التي تدفعه للسهر وهي من الأمور الضارة صحيا وتربويا ولذلك ينبغي تحاشيها بكل الطرق والاعتماد على الراحة الجيدة والظروف الفيزيقية الجيدة كالإضاءة والهدوء والحرارة وما الى ذلك مما يشجع على التركيز وعدم تشتت الانتباه.

كيف تستعد وتؤدي الامتحان:

  1. اعلم أن القلق والتوتر يقودانك للتشتت والنسيان والارتباك فحاول أن تجعل ثقتك بنفسك عالية.

  2. لا تهمل أبدا غذاءك واحرص على أخذ فترات منتظمة للراحة أثناء الدراسة بغية الترويح عن النفس، وتجديد الطاقة والنشاط، وتحفيز الذاكرة على الاستمرار في الدراسة، ومواصلة بذل الجهد بحماس ورغبة..

  3. انتبه جيدا وبدقة لبرنامج الامتحان ومواعيد بدء امتحان كل مادة.

  4. نم باكرا ليلة الامتحان ليكون ذهنك صافيا وعقلك منظما وذاكرتك قادرة على التركيز، بعد مراجعة بسيطة للمادة التي ستؤدي الامتحان بها في اليوم الثاني.

  5. استيقظ باكرا وتناول فطورك فهذا ضروري، واعلم أن الحرمان من الغذاء يؤثر سلبا على عمليات الحفظ والتذكر وتنظيم الأفكار.

  6.  لا تبكر كثيرا في الذهاب إلى المدرسة ولا تتأخر حتى لا تعرّض نفسك للتشويش والارتباك وضياع الوقت والتزم الدخول إلى قاعة الامتحان في الوقت المحدد.

  7. لا تناقش رفاقك في المادة التي ستمتحن فيها ولا تبحث أو تستقصي عن الأسئلة المتوقعة لأن ذلك يربكك ويشوش ذهنك وأفكارك.

  8. اقرأ ورقة الأسئلة بدقة وبتأنٍ أكثر من مرة حتى تتأكد من أنك فهمت المطلـــوب منك تماما ولا تتسرع في الإجابة لأن المتسرع قد يغفل أو ينسى نقاطا هامة (وهو يعرفها) من الإجابة المطلوبة.

  9. بعد قراءة الأسئلة ابدأ بالإجابة عن الأسئلة السهلة منها واحرص أن تضع الأجزاء الرئيسية للإجابة المتكاملة في المسودة وحللها (مراعيا مسألة الوقت) من مختلف جوانبها.

  10. عليك أن تنتبه إلى أن الإجابات يجب أن تكون وفق صيغة كل سؤال.

  11. لا تنس وضع رقم السؤال الذي تريد الإجابة عنه على ورقة الامتحان.

  12. لا تقدم إجابتين مختلفتين للسؤال نفسه ظنا منك أن المصحح سيختار لك الإجابة الصحيحة.

  13. خصص لكل إجابة وقتا محددا وبما يناسبها حتى لا تنشغل بالإجابة عن أحد الأسئلة وتستغرق في تفصيلاتها ويضيع الوقت.

  14. أعد مرة أخرى وبتأن قراءة الأسئلة وإجاباتك عنها لتتأكد من أنك لم تترك سؤالا دون إجابة.

  15. حاول استغلال الوقت المخصص للامتحان كاملا ولا تتسرع كثيرا في تسليم ورقة الامتحان قبل انتهاء الوقت المحدد فهذا غير مفيد.

  16. عندما تنتهي من امتحان مادة ما ابدأ بالتهيؤ الجيد للمادة التالية.

نصائح للأهالي الاعزاء،

تقع على عاتقكم مسؤولية كبيرة في مساعدة أبنائكم على تحسين مستوى تحصيلهم الدراسي والنجاح في امتحاناتهم والتخفيف من قلقهم من خلال تقديم خدمات توجيهية وتربوية سليمة، لذا:

1. وفروا لأبنائكم جوا عائليا يتسم بالاستقرار والهدوء والشعور بالطمأنينة.

2. هيئوا أبناءكم على مدار العام الدراسي لاستقبال فترة الامتحانات بشكل طبيعي.

3. حاولوا قدر الإمكان عدم إبداء مظاهر الخوف والقلق أمامهم.

4. احرصوا على تدعيم ثقتهم بنفسهم وحثهم على المثابرة دون توبيخ أو ضغط يضعفان ثقتهم بأنفسهم مما يؤدي إلى المزيد من القلق والخوف والإحباط.

5. لا تبالغوا في قدراتهم وإمكانياتهم وطموحاتهم وخاصة أمام الآخرين ويفضل التعامل مع قدراتهم بموضوعية.

6. امتنعوا عن مقارنتهم بزميل أو قريب متفوق بشكل يحبطهم ويعيق إنجازهم.

7. حاولوا عدم فرض طموحاتكم عليهم دون النظر إلى ميولهم ورغباتهم وإمكانياتهم.. بل يجب مراعاة هذه الميول والرغبات والإمكانيات.

8. شجعوهم وساعدوهم على دراسة المواد التي يعانون صعوبات منها.

9. احرصوا على عدم إرهاقهم وتكليفهم بأعباء منزلية غير ضرورية.

10. إقناعهم بتجنب الإكثار من تناول المنبهات (كالشاي والقهوة، مشروبات الطاقة والكولا).

الصورة التربوية الصحيحة تنص على أن التربية هي إجراءات فكرية وسلوكية يشترك بها الوالدان معًا لمساعدة الأبناء على تعزيز المشاركة الأسرية، وفقًا لنظام الأسرة الداعم للإنتاج والحرية.

لذا فعلينا كآباء منذ نعومة أظفار أطفالنا أن نربيهم على وضوح الرؤية الأسرية، وفق نظام تربوي مجتمعي يحترم الجميع، من هنا نجد أبناء مشاركين، يشعرون بأنفسهم وأهميتهم، وبهذا نعزز انتماءهم للأسرة والوالدين والنظام التربوي.


تمنياتي لأبنائكم بالنجاح والتوفيق

 


كاتبة المقال: د. سهراب مصري وهي باحثة ومحاضرة في مجال الاستشارة التربوية ومعالجة سلوكية معرفية، أسرية وزوجية.

ملاحظة: النص بصيغة المذكر للتسهيل، ولكنه موجه للجنسين.

د. سهراب مصري

محاضرة أكاديمية وباحثة في مجال الاستشارة التربوية، معالجة زوجية أسرية ومعالجة سلوكية معرفية

شاركونا رأيكن.م