تعرفوا على المنصّة النسائيّة العربيّة في العلوم والهندسة AWSc
اخترنا الاسم كأننا في غرفة الولادة، نتأمل المولودة الصّغيرة، نريد ان نشبّهها، فلم نستطع. لها كيانها، في ملامحها بذور نبتة ارتوت بمياه عذبة واتخذت لها مسارا مزهرا خاص.
"نساء عربيات في مجالي العلوم والهندسة" او " Arab Women in Science and Engineering - AWSc, اسم بعيد عن الترويج، غير "كاتشي", له هدف واحد ووحيد: إدراك، تثبيت وجود وجعل الحالة واقع ايجابي واضح، يكبر ويدوم.
ولدت AWSc عام ٢٠١٤، على أيدي مجموعة صغيرة من نساء عربيات في مجالي العلوم والهندسة، منهن اتخذن مسارات بحثية وأخريات خطون جرأة وجرعة أولى في عالم المبادرات. ولدت المجموعة عن التناقض المتجانس: حب الذات والنقصان.
جلسنا آنذاك، نسأل ما هو عدد مثيلاتنا في البلاد، فكانت إجابة صدى لفراغ. فترعرعت AWSc في أحضاننا حتى كبرت وأصبحت عام ٢٠٢٠ جمعية مسجلة غير ربحية.
مجموعة باسمها تشكّلت هويّتها، رؤيتها ومهمّتها: منصّة نسائيّة عربيّة تؤمن بفرص متساوية بين الرجل والمرأة في مجالي الهندسة والعلوم، في الاكاديميا والصناعة التقنية.
مهمتنا هي المساهمة لإحداث تغيير جذري في منصب المرأة العربية من خلال تقديم المعرفة، الوسائل والأدوات لمساعدتها بكسر الحواجز والسعي نحو التألق في المناصب الإدارية، المبادرات والأبحاث وخوض مسيرة مهنية لها مستقبل يليق بكفاءاتها. كما تشكل منصتنا دائرة من النماذج النسائيّة العُليا، تشبّك، تحث على وتعزّز الإمكانيات المتاحة مستقبلا كما وتكشف أبواب مفتوحة وفرص.
بالرغم من بصمتنا النسائية الداكنة، إلا أنّنا نؤمن بأن المساواة بين الرجل والمرأة عليها أن تأتي من الطرفين: على العنصر الرجولي تقبّل الفكرة، بل وتبنّيها، أن وجود النساء الطلائعي في المهام الهندسية، العلمية، والإدارية هو امر طبيعي وموازي للوجود الرجولي، فلها كرسي على الطاولة وصوت رفيع مسموع وبصمة لا غنى عنها. بالمقابل، على النساء فهم المساحة التي ترنو اليها، وذلك يتطلب منها ليس فقط المثابرة والجد بالتعليم، بل أيضا الجرأة، المجازفة وكسر حواجز، قيود و"عقائد" وضعها المجتمع لأسباب تاريخية تقليدية، نسى أن يحدّثها مع الزمن والتطور. فعلى المرأة 'قلع شوك مجتمعها بإيدها'.
دورنا في هذا هو المساهمة من خلال إتاحة أطر تحصين وتمكين عبر برامج مخصصة لتعزيز المهارات الرقيقة لدى المهندسات والطالبات. بالإضافة الى كشف طالبات الألقاب الأولى على عالم الابحاث والفرص المتاحة هناك ابتداء بالألقاب العليا، مرورا بالوظائف البحثية المتقدمة ووصولا لإدارة مختبرات بحثيّة على المستوى المحلي والعالمي. وغيرها من برامج ترتكز حول المهارات التقنية والانكشاف لعالم الهندسة والعلوم لدى طلاب المدارس.
"طلاب المدارس" لم يكن خطأ نحوي ل"طالبات"، لإن 'التعلم في الصغر كالنقش على الحجر'، فإن تمرنت أنظار الطلاب الشباب في المدارس لرؤية نساء رائدات في عالم الهندسة والعلوم، فذلك لن يكن غريب او شاذ حين يكبرون؛ فسيرون زميلاتهن الشابات شريكات في التطور متساويات في المقدرة بل ومنافس جميل.
متطلبات الأجيال الصاعدة، طلاب وطالبات المدارس، مهندسات، خريجات وباحثات تتغيّر بشكل سريع من سنة لأخرى، وذلك أمر إيجابي ممتاز، لإنه يعني أن العمل الدؤوب الذي نقوم به نحن الجمعيات والمؤسسات سوية لتطوير المجتمع العربي وشبابه الصاعد يأتي بنتائج مفرحة. فسنة عن اخرى نشهد ارتفاع بنسب النساء في الألقاب الأولى في مجالات العلوم والهندسة، كذلك الأمر بالنسبة للألقاب العليا والانخراط في صناعتي الهايتك والبيوتك وغيرها.
فإن كانت احتياجات الطالبة الجامعية مسبقا تطوير مهاراتها بكتابة السيرة الذاتية والتعبير عن النفس للقبول لأماكن العمل في الشركة أو المؤسسة الاكاديمية، اليوم عليها ان تكون كفوءة أيضا للتنافس مع غيرها في ساحة العمل، إثبات وتطوير الذات، إجادة مهارات متعددة كالتفاوض، وما الى ذلك.
وإن كانت طالبة المدرسة سابقا ترتوي بمعلومات عن شروط القبول للجامعات واختيار المسارات التعليمية المختلفة، فهي لا تكتفي اليوم بزيارات لشركات صناعية فحسب، بل هي عطشة لقصص حقيقية من أمثله عليا وشرح تقني مفصّل لنوعية الدراسة او العمل والمذاق منها، مثيلا لما نقدمه ضمن برنامج "فكّري علوم - Think Science", بالإضافة الى اهتمامها بتطوير مهاراتها التقنية العليا مثل الانكشاف على عالم البرمجة، الأردوينو والمبادرات.
وإن كانت احدى التحدّيات سابقا للنساء هي السفر الطويل للعمل والبعد عن البيت والعائلة، فاليوم مع افتتاح فروع قريبة من المدن والقرى العربية لبعض الشركات حسّنت من ظروف العمل، بالإضافة الى موجة تجنيد ترتكز على النساء قد شوهدت في السنوات الأخيرة. هذا يعني أن المهمة أسهل نوعا ما للنساء للانخراط هناك، في حال أرادت، عملت على مهاراتها، أثبتت ذاتها، وطمحت عاليا للوصول لدرجات ومناصب إدارية رفيعة.
وإن احتاجت الطالبات مسبقا للكشف عن عالم الأبحاث فاليوم تحتاج لفهم كيفية إدارة مسيرتها البحثيّة واختيار المشرف الصحيح والموضوع البحثي الجذاب، وما عليها تحضيره لما يلي الألقاب العليا، وما معنى النجاح في عالم الأبحاث: نشر مقالات علمية، السفر لمؤتمرات أو لتعاونات مع فرق بحثية عالمية، التقديم لمنح، التداخل مع الصناعة، تطوير الفكرة البحثية لمبادرة والخ.
كما أن التطورات السريعة جدا في العالم التقني، تفتتح ابواب جديدة معظمها يدمج مهارات ومجالات مختلفة مثل تقنيات عالية لتطوير الغذاء (فوودتك) والتطور في عالم الإقتصاد (الفينتك) والألعاب المحوسبة والفن وصِلَتْهُم بعالم العملات المشفّرة، إضافة الى توسع عالم الذكاء الاصطناعي لجميع المجالات منها الطبي، الغذائي، ووسائل النقل.
وتبعا لهذه التحديثات وإيمانا بقوة المستقبل المتسارع، نعمل نحن أيضا على تعديل مهمتنا، مضاميننا ونقاط تركيزنا، تبعا لدراسة البيئة التي تحيطنا وبالتعاون المستمر مع خبراء في المجال وشركات ومؤسسات تؤمن برؤيتنا وتدعم مهمتنا.
فخلال العامين القادمين على سبيل المثال سنركز طاقاتنا على:
تطوير المهندسات العاملات في شركات صناعة هايتك وبيوتك
دعم وتشجيع نساء نحو القاب متقدمة بمجالي العلوم والهندسة
يجدر بالذكر ان الجمعيّة تقوم حتى يومنا هذا على طاقات كوزموسية من التطوع، ثمرة نساء من بلادنا من مجالي العلوم والهندسة، باحثات ومهندسات يعملن بشركات عالمية ومحلية.
وأخيرا، نعلمكن/م أن أبوابنا دائما مفتوحة لمتطوعات جدد وروح مميزة تريد مد يد العون للتغيير. لعلنا يوما ما، نصبح على عالم قيادته غير منحازة جندريا، وفرصه متاحة للجميع على حد سواء، تبعا للكفاءة والمقومات المعرفية والعلمية فقط.
كاتبة المقال: د. حنان خميس وهي مؤسسة شريكة وعضو مجلس إدارة في AWSc.
يمكن التواصل مع AWSc عبر: Email: [email protected] | LinkedIn: AWSc | Facebook: AWSc | Instagram: AWSc
د. حنان خميس
مهندسة مختصة في مجال الهندسة الطبية، مديرة منتج في شركة Siemens Healthineers الألمانية، ومؤسسة شريكة لجمعية نساء عربيات في مجالي العلوم والهندسة AWSc.