قانون لم الشمل.. الزواج على الطريقة الفلسطينية
في كل عام ومع انطلاق موسم الأعراس ووصوله بعد ذلك إلى أوجه في أشهر الصيف، تبدأ النقاشات بين الناس، وهي عديدة، بين مسألة التكاليف الكبيرة من نقوط وملابس وأمور عديدة، وبين التنافس بين الناس على بعض المظاهر التي تصل إلى درجة البذخ، وبين استغلال بعض العاملين في المجال، كمصممي الفساتين ومنظمي الحفلات والمطربين الذين يرفعون كل عام أسعار مشاركتهم بالأعراس بشكل غير ملحوظ وأمور أخرى.
وفي حين أن كل هذه النقاشات، يمكن رؤيتها في أي مكان بالعالم، أو في شرقنا على الأقل، تبقى مسألة لم الشمل، تميّزنا نحن، أبناء الشعب الفلسطيني، في الداخل وفي الضفة بشكل خاص. فبينما الزواج في كل العالم هو حق طبيعي لكل انسان، تسلب إسرائيل بقوانين لم الشمل هذا الحق للفلسطينيين، إذ تمنعهم من الزواج ببعضهم البعض اذا كان أحد الأطراف من داخل الخط الأخضر والآخر من خارجه، أي من الضفة أو غزة. تُمنع الفلسطينية من الزواج بابن جلدتها، لا لشيء، فقط لأنها فلسطينية، فقط لأنه فلسطيني. فإسرائيل التي تتغنى بالديمقراطية، تسمح بزواج مواطنيها (وبينهم الفلسطينيين من الداخل) بكل من يريدون، بأشخاص من أي دولة من العالم، ويحصل الزوج أو الزوجة على الجنسية كما يحدث في كل دولة طبيعية، إلّا إذا كان الحديث يدور عن فلسطيني أو فلسطينية، الزواج ممنوع، ومن يتزوج من الضفة أو غزة، بالإمكان اعتقال عروسه يوم العرس، لدخولها إلى أرضها المحتلة بدون تصريح.
وما هو أسوأ ما في الأمر؟
أسوأ ما في الأمر أن قانون لم الشمل، أو قانون المواطنة، عندما سقط في المرة الأولى بداية هذه الدورة بالكنيست، سقط رغم تصويت نواب عربي وعلي، وعندما تم تجديد سريانه في الكنيست هذا العام، هذا القانون الذي يستهدف العرب بشكل مباشر في حق من حقوقهم الطبيعية، مر التجديد بأصوات بعض النواب من القائمة الموحدة ونواب عرب من أحزاب أخرى في الائتلاف، أو برضاهم وصمتهم وموافقتهم كونهم جزء داعم من هذا الائتلاف الحاكم.
فرض علينا واقع معقد في هذه البلاد، تناقضات عديدة وكبيرة، ونجد أنفسنا أحيانًا في مواقف يصعب فهمها، فمثلًا يكون أحدنا متحمسًا لرد المقاومة في معركة ما، وفي نفس الوقت يكون معرضًا للخطر من هذا الرد، وكم من قذيفة سقطت على بيت عربي. وغيرها من النماذج المشابهة، ولكن جاءت مواقف بعض العرب في الائتلاف الحاكم هذا العام، لتصبح التناقض الأكبر على الإطلاق. أن تدخل الى الكنيست بأصوات العرب، وعرب النقب بشكل خاص، ثم تدعم حكومة تسن قانونًا يمنع العربي من الداخل من الزواج من عربية من الضفة أو غزة، أو العكس، علمًا بأن عائلات عديدة في النقب بالذات تعاني من هذه المشكلة تحديدًا. ولكن هذا التناقض في الموقف هو جزء من تناقض كبير في نهج اتخذته القائمة الموحدة وجرّت الآلاف من أبناء شعبنا خلفها، بل وأقنعتهم به. فرأينا العربي الذي يصوت لصالح قانون المواطنة العنصري والعربي الآخر الذي يحاول الضغط على زملائه من أجل دعم قانون الفصل العنصري بالضفة الغربية، والذي يتفاخر بدعمه لميزانية الأمن (الجيش) والذي يرفض التصويت على اقتراح قانون لإقامة مشفى في سخنين، وغيرها.. سيلٌ من التناقضات شهده هذا العام، وأفضل ما في الأمر أن الحكومة سقطت وهنالك احتمال ولو كان ضئيلًا، بأن يكون النهج هذا قد سقط معها.
أعراسكم مباركة
بالذات الأعراس من جانبي الخط الأخطر
رغمًا عن الاحتلال
ورغمًا عن كل من يدعمه.
(استعمال الصورة بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال ملاحظات ل [email protected])