ضائقة الارض والمسكن تضيّق الخناق على أعشاش الزوجية العربية!

المجتمع العربي في اسرائيل يواجه الكثير من التحديات ولعل أصعبها ضائقة الارض والمسكن، فهل لشبابنا وبناتنا المقبلين على الزواج حل أم سيبقون في مهب الريح؟!

المجتمع العربي والذي يشكل ما يقارب ال 20% من سكان الدولة يحتاج الى ما لا يقل عن 90 ألف وحدة سكنية للخمس سنوات القادمة منها 60% على اراض بملكية المواطنين العرب، ولكن بنسب استغلال منخفضة تعود الى قرارات الفرد بموعد وكيفية ومحتوى البناء.

ان معظم الوحدات السكنية في المجتمع العربي مبنية على اراضي بملكية خاصة وبطريقة البناء الذاتي وبتمويل ذاتي في الوقت الذي يعتبر فيه الشاب الذي لا يمتلك ارضا للبناء فاقدا للحلول السكنية، بالمقابل هناك نقص في تسويق الاراضي او الوحدات السكنية المبنية على اراضي الدولة على الرغم من مبادرات وزارة الاسكان ودائرة اراضي اسرائيل للتخطيط من اجل زيادة العرض والذي لايزال اقل بكثير من الطلب فما هي اسباب ذلك؟ وهل هناك حلول؟

ان الملكية الخاصة للأرض قضية مركبة وهي سلاح ذو حدين، ففي كثير من الاحيان هي مركزة بأيدي حمائل او افراد بسبب الحفاظ على الارض وتوريثها من جيل الى جيل لسد احتياجات العائلة والتزاماتها المستقبلية ، مما يعني بشكل مباشر ان من لا يملك ارضا لا يملك بيتا ، وحتى لو ملك ارضا فإن تجهيز الاراضي لتكون قابله للبناء يستهلك سنوات كثيرة وذلك بسبب سيرورة التخطيط الطويلة من اجل تحويل الاراضي الزراعية الى اراض قابله للسكن ويعود ذلك الى التحديات الكبيرة التي تواجهها السلطات المحلية والتي لا تساهم في تسريع المصادقة على الخرائط التفصيلية ومنها: التحديات المجتمعية وكل ما يخص بقدسية الارض، اعتراضات الجمهور على خرائط التوحيد والتقسيم مما يحتم تطوير اليات تخطيط مميزه تشرك الجمهور وتحاول الوصول الى معادلات منطقيه ، عدم تسوية الاراضي بالطابو الذي يصعب التخطيط التفصيلي وفي مرحله اخرى المصادقة على الترخيص وهو عائق للحصول على القروض من اجل تمويل البناء لاحقا ، بالإضافة الى اسباب متعددة تتعلق بالقيادات المهنية والسياسة في السلطات المحلية من جهة وازمه الثقة مع مؤسسات الدولة وشح الميزانيات من جهة اخرى دون الولوج في تحديات اخرى لا تقل صعوبة او اهمية كالخرائط الهيكلية، مناطق النفوذ، وخرائط لوائية وقطريه تحاصر البلاد العربية.

وبهذا الصدد، ومن الجدير ذكره، اننا على اعتاب فرص مختلفة اهمها القرار الحكومي ٥٥٠ الذي يرصد ملايين الشواقل للحد من ازمة التخطيط والتطوير. ولكن، الى ان يتم الوصول الى اهداف هذا القرار فإن الوقت يمر مما يضطر المواطنين العرب الى الاستمرار بالبناء غير المرخص والذي يتكبدهم الكثير من الغرامات، خطر الهدم، بل وإلحاق الضرر بسيرورة التخطيط القائم بالمقابل نقص البنى التحتية من كهرباء وشبكات طرق ومياه وصرف صحي لائقة. وفي هذا الباب من واجب المواطنين التداخل في سيرورات التخطيط من اجل دفعها الى الامام والضغط على السلطات المحلية من اجل العمل بذلك معا.

وقد يتساءل البعض ماذا عن مشاريع سكنية للإيجار او للبيع في الملكيات الخاصة؟ هناك شح في الفرص المتوفرة للأزواج الشابة في هذا السياق، على الرغم من توفر بعض الفرص بالحصول على مساعدات من وزارة الاسكان وفقا لظروف اجتماعية معينة للإيجار. ان تشجيع اصحاب الاراضي او المباني بتحريك السوق وخلق فرص للإيجار او البيع بأسعار معقولة هو موضوع مركب ولعل خلق المحفزات من حيث تسهيلات بدفع الضرائب الارنونا من السلطات المحلية او الحصول على منح وهبات من الدولة لتشجيع البناء المشبع والذي يوفر أكبر عدد من الوحدات السكنية بأقل مساحة قد تكون مفتاحا لخلق تغيير ورفع نسبة تحقيق ما تطرحه الخرائط

ومن الجهة الاخرى تعاني البلاد العربية من نقص في اراضي الدولة المصادق عليها للبناء، كما وهنالك الكثير من التحديات التي تواجهها من اجل توسيع مناطق النفوذ وضم اراضي دولة مجاورة اغلبها في مناطق نفوذ المجالس الإقليمية اليهودية للتخطيط عليها. ان توسيع مناطق النفوذ وضم اراض دولة مقرون بمسار مركب وطويل وشائك في اللجان الجغرافية أضف الى ذلك ان معظم هذه الاراضي جبليه وعرة او ضمن مخططات الغابات او خارج مخططات التطوير المصادق عليها.

وفي النهاية، ان ازمة السكن هي بالأساس ازمة عامة في البلاد، ولكنها تختلف بمرارتها، تحدياتها وفرصها في المجتمع العربي مما يدفع الشباب الى الهجرة الى البلدان المختلطة او تأجيل مشروع الزواج. ان المصادقة على توسيع مناطق النفوذ والمخططات المختلفة لتوسيع المسطحات في الاراضي الخاصة واراضي الدولة هي المسار الاساسي الذي يفتح فرص متنوعة لشبابنا وشاباتنا، بالمقابل ، ونحن نحن من يقدس الارض ويثمنها ، علينا ان نتعلم استخدامها الامثل الذي يضمن بناء اكثر عدد من الوحدات السكنية المتاحة لضمان مستقبلنا ومستقبل اولادنا …ان قرارات الحكومة 922 و550 وضعت قضية التخطيط نصب اعينها وعليه فقد كانت هنالك نقلة نوعية بهذا الباب في السنوات الماضية ولكننا اليوم نكاد نجزم اننا نواجه تحديا اكبر وهو تحدي التنفيذ وتحويل الخرائط من ورق الى واقع، مما يتطلب مليارات الشواقل للشوارع والبنى التحتية وبدفعة واحدة ووقت محدد ولعل تطبيق القرار الحكومي هو بحد ذاته امتحان ونقطة مركزية .. من اجل توسيع الفرص يجب ان تتكاتف وتتظافر دوائر مختلفة رغم التوتر القائم بينها وبالأخص السلطات المحلية، دوائر التخطيط، وزارة الاسكان، دائرة اراضي اسرائيل ووزارة العدل المجتمعي مع زياده الوعي لدى المواطنين العرب لأهمية التخطيط وتداخله فيه مع اهمية التسجيل بالطابو الذي يسهل التخطيط واصدار الرخص لاحقا، ولا زلت اؤمن بان السلطات المحلية هي صاحبة الدور الاكبر في التجسير بين صرخات واحتياجات المواطن من جهة والحكم المركزي على اختلاف مكاتبه من جهة اخرى ومن الواضح ان خلق مسارات تجمع هذه الدوائر التي لا يربطها الكثير من الثقة امر معقد ولكنه يستحق المحاولة.

تصوير: منى ابو شحادة."

أريج سرحان

مهندسة معمارية، حاصلة على لقب أول في الهندسة المعمارية من معهد التخنيون ولقب ثاني في الإدارة، عملت في السابق كمهندسة مجلس محلي وتعمل اليوم كمستشارة ومديرة مشاريع تختص بالتخطيط والبناء في المجتمع العربي

شاركونا رأيكن.م