أزمة كورونا، لم تكشف لنا سوى ما نعرفه جيدًا عن عنصرية النظام!
انتهت أزمة كورونا، على الأقل مؤقتًا، فرغم أنه ما زال يُسجل يوميًا عدد ليس بقليل من الإصابات، إلا أن الطفرات الأخيرة باتت خطورتها أقل، والتعامل معها أسهل، ودلالة على ذلك، الغاء كافة القيود تقريبًا.
ولكن، مع انتهاء الازمة، لا بد أن نذكر كيفية تعامل مجتمعنا معها، والقصد بمجتمعنا، هو المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل، والذي يتعلق تعامله مع كورونا أو مع أي أمر صحي، بالمنظومة الصحية الموجودة بداخله، المرتبطة بالمنظومة الصحية الإسرائيلية، فرغم أن الأرقام بالمجتمع العربي كانت قريبة من المعدلات العامة، بعدد الإصابات وعدد حالات الوفاة، مع تفاوت بدء وانتهاء الموجات، إلّا أن ضعف البنية التحتية الصحية في بلداتنا العربية كان في غاية الوضوح منذ بداية الجائحة.
لو أردنا التحدث عن خدمة الإسعاف، لرأينا الفوارق الكبيرة في عدد مراكز الإسعاف في البلدات العربية وعددها في البلدات اليهودية، وكيف لبلدات يهودية صغيرة أن تحوي مركزًا للإسعاف ومدن عربية كبيرة لا يتوفر بها أي مركز، وأتحدث بشكل خاص عن نجمة داوود الحمراء، وهذا يتلخص بوضوح بتأخر وصول هذه الدوريات في بعض الحالات الطارئة، بكورونا وفي الحوادث وفي الجرائم ايضًا، وقد سمعنا عن حالات كثيرة طوال السنوات الماضية من تذمر واستياء من المواطنين العرب بسبب تأخر وصول الإسعاف، تماما كتأخر وصول الشرطة في الكثير من الحالات، لكن موضوعنا اليوم يتركز على الأمور الصحية.
وبجانب الإسعاف، لا بد من الحديث عن الأمر الأكثر أهمية وتعقيدًا، المستشفيات، فكم من مريض وصل متأخرًا لعدم وجود مشفى في منطقة قريبة منه؟ وكم من مريض مات قبل وصوله أصلًا؟ وكيف لمدن عربية كبيرة ألّا تحوي أي مستشفى؟ وحتى المدينة التي فيها ثلاثة مستشفيات، وأقصد الناصرة، ما زالت مستشفياتها تعاني من شح الميزانيات الممنهج، ومن ظروف صعبة تنعكس بخدمات متواضعة، ونذكر ما حصل مع إحدى المريضات التي توفيت بأحد مستشفيات الناصرة وكيف احتج الأهل على أداء المستشفى وعدم توفر الأجهزة المتطورة مثل الأكمو فيه، وحتى عندما قررت الدولة، بحكومتها الجديدة القائمة بفضل أصوات العرب، إقامة مستشفيات جديدة، كان قرارها أن تقيم مستشفى في الكريوت قرب حيفا التي تحوي عدة مستشفيات وفي منطقة بئر السبع، بينما رفضت اقتراح إقامة مستشفى في سخنين، وطبعا لا حديث عن إقامة مستشفى في منطقة المثلث، رغم أننا نتحدث عن تجمعات سكنية عربية كبيرة جدًا.
وحتى إذا أردنا أن نعتبر أن إقامة مستشفى يعتبر قضية كبيرة تحتاج ميزانيات ومساحات ضخمة، ماذا عن العيادات المحلية؟ وهل يمكن مقارنة عدد هذه العيادات وتطورها في قرانا ومدننا العربية بتل التي في البلدات اليهودية؟ وهذه العيادات كان لها دورها الكبير في فترة كورونا، إذ أقيمت فيها حملات التطعيم ومراكز الفحوصات، هذه المراكز التي حتى وإن أقاموها في أماكن مفتوحة، تركزت أكثر على مناطق السكنية اليهودية.
صحيح أن كورونا كشفت ضعف السلطات المحلية في بعض الأمور، ولكن حتى هذه السلطات، متعلقة بشكل كامل بما تحصل عليه من الدولة، من ميزانيات ومن إمكانيات لإقامة مناطق صناعية ومراكز تجلب لها الدخل الذي يسمح لها بالتطور والتقدم.
الخلاصة، أزمة كورونا كشفت ما كنا نعرفه جيدًا، أن النظام العنصري في إسرائيل، متفشي في كل شيء، حرفيًا في كل شيء، في جهاز التعليم، في الميزانيات، في الثقافة، في الرياضة، وفي الحكم المحلي في الاقتصاد وانتشار البنوك وتعاملها، وحتى في المنظومة الصحية، التي ولسخرية القدر، تعتمد في إسرائيل على عدد كبير جدًا من الأطباء والطبيبات والممرضين والممرضات من أبناء وبنات مجتمعنا العربي.
(استعمال الصورة بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال ملاحظات ل [email protected])