ذوو الإعاقة النفسية بين وصمة المجتمع وإعادة التأهيل

إعادة التأهيل النفسي، المعروفة أيضًا باسم إعادة التأهيل النفسي الاجتماعي وفق قانون تأهيل المعاقين نفسيا من عام 2000(חוק שיקום נכי נפש בקהילה)، هي عملية استعادة الوظيفة الاجتماعية وصحة المريض المشخص باضطراب عقلي أو عاطفي وتم الاعتراف به كمصاب بالإعاقة النفسية وفقا لفحص لجنة طبية في مؤسسة التأمين الوطني.

المرض النفسي والاضطرابات في الصحة العقلية مثل الاكتئاب، واضطرابات القلق، والفصام، واضطراب الشهية والسلوكيات التي تسبِّب الإدمان، تحصل في بعض الأحيان على إثر حادث مؤلم أو مرض جسماني مفاجئ أو فقدان شخص عزيز وهي بطبيعة الحال تؤثر على مزاج وتفكير وسلوك المريض في المدى القريب والبعيد

كل مواطن بالغ الذي حددت له نسبة عجز40% وما فوق على أثر مرض نفسي يحق له التقدم بطلب للجنة تأهيل لوائية تابعة لوزارة الصحة والتي وظيفتها منحه سلة خدمات من ضمنها إعادة تأهيل بسوق العمل، ورشات تمكينية بأحد المراكز المختصة المحددة من قبل وزارة الصحة بالإضافة الى خدمات صحية مثل معالجة الأسنان، وخدمات مساعدة اقتصادية مثل المساعدة بدفع أجرة السكن.

غالبية المرضى غير ملمين أساسا بوجود هذه الخدمات ولا يحصلون عليها بشكل فوري إنما عليهم التوجه بطلب والمثول أمام لجنة التأهيل اللوائية (المكونة من طبيب نفسي وأخصائي نفسي ومعالج وظيفي/أو معالج مختص بالتأهيل) عند المثول أمام اللجنة على المريض أن يكون مع خطة تأهيل يعرضها للجنة (هل سمع أحد منا عن برنامج تأهيل في السابق؟ هل أنا كإنسان معافى عقليا ونفسيا لدي القدرة على تحضير برنامج تأهيل؟) يستطيع المريض الاستعانة بمساعدة عامل اجتماعي من خلال صندوق المرضى أو دائرة الشؤون الاجتماعية في السلطة المحلية، ولكن من الجدير بالذكر أن قل ما يحدث هذا وقل ما يتم تقديم هذه المساعدة للمرضى.

أود أن أنوه من وجهة نظري أن المرضى بشكل عام غير واعين لأهمية التأهيل وليس لديهم معلومات كافية أو شرح مفصل عن مدى أهمية البرنامج لاستكمال استحقاقاتهم ولذا لا نرى توجها من المرضى للجان المختصة. نحن نتحدث عن أشخاص يمرون بتجارب اجتماعية قاسية، تتجاوز حتى وجود المرض مما يؤدي للإصابة في أدائه الوظيفي بشتى المجالات الحياتية. في كثير من الأحيان، يظهر المرض بشكل فجائي، يمس بالأداء الوظيفي الاعتيادي ويجد الشخص نفسه في واقع لا يعرفه، ولا يستطيع مواجهته ولا يعرف كيف يعود ويندمج مرة أخرى في المجتمع. يهاب المريض من نظرة المجتمع ويتساءل كيف سيعاملونه؟ ماذا سيفكرون عنه؟ كيف يمكنه التعلم بوضعه الصحي الراهن؟ ويشكك في قدراته على التعلم والعمل والانخراط مجددا بالدوائر الاجتماعية.

علينا أن نفهم أن المريض النفسي يصارع عدة عوامل والتي تقف أمام تعافيه، فعليه أن يواجه فوق معاناته أيضا وصمة عار تلحقه في مجتمعه، وأحكاما سابقة جارحة بسبب مفاهيم مغلوطة عن المرض النفسي. وقبل أن يتوجه للعلاج الاجتماعي أو للتأهيل عليه أن يفهم أنه يستحق أن ينخرط مجددا في المجتمع؛ ولذلك من المهم جدا أن يكون المريض في إطار إعادة تأهيل والذي هدفه الأساسي هو إتاحة إعادة تأهيل ودمج هؤلاء المرضى في المجتمع وتحسين جودة حياتهم وتمكينهم من تحقيق الدرجة القصوى الممكنة من الاستقلال الوظيفي، مع الحفاظ على كرامتهم، بروح قانون الأساس كرامة الإنسان وحريته.

بداية، علينا أن نفهم أن المريض لا يستطيع بوضعه الصحي والعقلي فهم أهمية عملية إعادة التأهيل، إن كل إنسان يمكنه أن يتعلم، أن يتطور وأن يتغير في كل سن وفي كل وضع وأنه في المركز، وأن تأهيله يعتمد على قواه وقدراته. وأنه إنسان كامل داخل مجتمعه وبيئته وأن من شأن التأهيل أن يطور قدراته واكتساب تجارب وخبرات إيجابية في كل مجال من مجالات الحياة. يتم تطوير القدرات عن طريق الإرشاد المباشر وغير المباشر (مثل: القدوة الشخصية)، وعن طريق الانكشاف إلى إمكانيات وإلى فرص مختلفة.

وفي هذا الإطار، نؤكد أن الخدمات المتاحة اليوم غير ملائمة لأبناء مجتمعنا، حيث نرى أن المرضى لا يستمرون بالوصول إلى مراكز التأهيل ويحبطون من ثاني أو ثالث لقاء كما أن اللغة المتداولة هي اللغة العبرية التي تعد لغة ثانية طبعا وليس بإمكان المرضى العرب التعبير بشكل صحيح أو حتى الاستمتاع بالبرامج المتاحة التي تحاكي العالم الغربي واليهودي أكثر.

الاستثمارات الموجَّهة إلى مجال الصحة النفسية في المجتمع العربي من وجهة نظري وعلى إثر مرافقتي لزبائني ليست كافية، على الرغم من أنه حظي باهتمام عالمي متزايد في السنوات الأخيرة، وعلينا المطالبة بزيادتها والاهتمام بهذا الأمر ووضعه في موضع الأولويات كما من الجدير أن تجهز السلطات المحلية بعاملين اجتماعيين وأخصائيين نفسيين لتقديم المعونة للمرضى بكل ما يتعلق بتقديم الطلب لسلة الخدمات من وزارة الصحة وتجهيزهم نفسيا ومعنويا لإعادة التأهيل وتوعيتهم لأهميته ومدى تأثيره الإيجابي على حياه المريض.

في النهاية، أختتم مقالي برسالة أوجهها لكل منا، علينا أن نعمل كأفراد على اتخاذ إجراءات ملموسة لدعم صحتنا النفسية ودعم أصدقائنا وأفراد أسرنا الذين يواجهون صعوباتٍ كثيرةً وحالات نفسية واضطرابات عقلية، واتخاذ خطوات لحث الدولة على وضع برامج لرعاية الصحة النفسية للمرضى وما قبل سلة التأهيل، وعلى الحكومة الالتزام بإرساء خدمات الصحة النفسية أو توسيع نطاقها في المجتمع العربي واقامة المراكز المؤهلة وتزويدها بموظفين ناطقي اللغة العربية ومن أبناء المجتمع العربي سعيًا لإنجاح خطة التأهيل.


كاتبة المقال: ميساء خضيري- مصالحة وهي محامية مختصة في مجال المستحقات التأمينية، وقضايا التأمين الوطني وإصابات العمل.

ميساء خضيري - مصالحة

محامية مختصة في مجال المستحقات التأمينية، وقضايا التأمين الوطني وإصابات العمل

شاركونا رأيكن.م