المعالم السّياحية الهامّة في بلادنا

يُعدُّ فرع السياحة أحد المجالات الاقتصادية الهامّة في كل دولة. ومن الجدير ذكره، أنّ بلادنا تشتهر بالعديد من المناطق الجغرافية التي تمتاز بأماكن ومواقع سياحيّة جذّابة، سنتطرّق إليها في هذا المقال.

تقع بلادنا على الساحل الشرقيِّ للبحر المتوسط في ملتقى ثلاث قارات: اّسيا، أفريقيا، وأوروبا. فهي بذلك تشغل موقعًا جغرافيًا مُميزًا، إذ أنها شكّلَت منذ القِدَم جسرًا أرضيًا عظيمًا ربط بين هذه القارات، ممّا أكسبها أهميّة استراتيجيّة بالغة، وجعلها حلقة وصل بين الحضارات والشعوب الّتي عاشت في هذه القارات، خاصةً حضارة نهر النيل وحضارة بلاد ما بين النهرين. مرّت بها القوافل التّجارية في طُرق دُوليَّة هامَّة للتجارة، أشهرها كانت طريق البحر القديمة (الفِيامارِس). تعاقبت عليها شعوب وحضارات وممالك كثيرة (الإغريق، الرومان، البيزنطيّون، المسلمون، الفرنجة، المماليك، العثمانيّون...) خلّفت وراءَها معالم أثريّة تحمل حتى يومنا هذا، بصمات لهذه الشعوب والحضارات العريقة على مدار آلاف السنين مثل: المدن (قيسارية، طبريا، صفد، عكّا، القدس، بيسان وغيرها).. القِلاع مثل: قلعة النمرود، كوكب الهوا، جِدّين، صفد وغيرها، الخانات مثل: خان التّجار، جسر بنات يعقوب، اللّجون وغيرها... قنوات المياه، المدرّجات الزراعية، الجسور...

إضافةً إلى ذلك فهي الأرض المقدّسة، مهبط ومهد الدّيانات السّماوية الثلاث، يقصدها الناس من كُلّ حدبٍ وصوبٍ للحجّ إلى مقدّساتها وللتّبرّك بترابها، خاصةً المعالم المقدّسة التي تعود إلى مهد الديانة المسيحية ونشأة السيد المسيح عليه السلام وتجواله ومعجزاته في بلاد الجليل كبُحيرة طبريا، الطابغة، كفر ناحوم، مدينة الناصرة وغيرها.

في بلادنا أيضًا منظومتان رئيسيتان من المناظر الطبيعية الخلّابّة: منظومة البحر الأبيض المتوسط في المنطقة الساحلية والجبلية في وسط وشمال البلاد، والمنظومة الصحراوية في الجنوب الّتي تمتد من مدينة بئر السّبع جنوبًا حتى خليج العقبة / إيلات (تشمل النقب والبحر الميّت).

غدير مياه في وادي السْعار بالقرب من عين قينية شمال هضبة الجولان

شاطئ قيسارية

جبل صدوم الملحي غرب البحر الميت

بناءً على ما ذُكِر، تتوفّر في بلادنا إمكانيات عديدة تعرضها على المُتجوّل: أماكن مقدّسة لليهود وللمسلمين وللمسيحيّين وللبهائيّين والدّروز وغيرهم، مناظر طبيعية مُتنوّعة، مواقع تاريخية وأثريّة، مناطق دافئة معتدلة (النقب وبرّية القدس والخليل) وأخرى باردة في فصل الشتاء (الجليل والجولان).

جامع الخالصة

دير ما جريس في وادي القلط غرب أريحا

معالم سياحية في النقب

يُشكّل النقب 63% من مساحة البلاد، يمتاز بمناخه الصحراوي الجاف، تنتهي هذه المنطقة جنوبًا في خليج العقبة / إيلات. يُحيط بمدينة إيلات، خاصةً في غربها، الجبال المتميّزة بألوانها المتعدّدة والّتي تنسدل حتى تكاد تصِل إلى شاطئ البحر. الصخور القديمة والصخور الحديثة، اللّينة والصّلبة بأنواعها المُتعدّدة وأشكالها المختلفة تُكوّن معًا كرنفالًا من المناظر الخلّابة والألوان من بداية خلق الكون، غايةً في الجمال والرّوعة، ممّا جعلها تستقطب الجوّالة وعُشّاق الطبيعة. بين الكُتَل الجلية في منطقة إيلات تتواجد أودية وأخاديد عميقة تنحدر بشِدّة شرقًا نحو منطقة العَرَبة وخليج العقبة، تستقطب إليها الجوّالة وعشّاق الطبيعة منها:

أعمدة سليمان، أعمدة العمراني(عمرام)، وادي جسريّة، وادي المصري، الرّدادة، الشلّالات، أخدود السويدة، أخدود أبو العلاليق أو الأخدود الأحمر، متنزّة تمناع، جبل الصفائح بالإضافة إلى مدينة إيلات الدافئة شتاءً بفنادقها الجميلة وشاطئها الرملي المُشمس.

واحة المُرّة (عين عبدات) في شمال النقب

شمالًا أكثر، في وسط النقب، تتواجد الأجران أو الوهدات أشهرها: جُرن الرّمان (رمون) الّذي مرّت به درب العطور النبطيّة. يحوي الجُرن مسارات رائعة لعُشّاق الطبيعة أهمها: وادي السّيق، عين وخان المحلّة، جبل أرديحة، وادي الرّمان، الخيام والمبيت في البيار وغيرها. ليس بعيدًا عن جرن الرمّان، في الطريق إلى بئر السّبع، تقع مدينة عبدات الأثرية وواحة المُرّة أو واحة عبدات بالقرب من شارع رقم 40. شمالًا أكثر الجرن الكبير والمطلّة الرائعة عليه من جبل البوايك (أفنون). ولو اتجهنا شرقًا إلى برّية الخليل والقدس (صحراء يهودا) والبحر الميت، سنجد بها أيضًا المناظر الطبيعية الخلّابة الّتي تحبس الأنفاس من أودية وأخاديد عميقة، تتواجد في بعضها عيون وشلّالات مياه في قلب الصحراء، مثل: وادي السِّدِر، وادي العريجة، عين أم باغق (أم بَغَق)، ومسارات أخرى بين الجبال الشاهقة مثل: وادي الجهينيّة، وادي المرقاب، وادي النّخابير في سهل المعيز بالقرب من جبل صدوم، قلعة الصبّة (متسادة)، ولا ننسى أنّ التركيز العالي للأملاح في مياه البحر الميت يُعالج الأمراض الجلدية والمفاصل وبالتالي تطوّرت إلى جانبه مواقع علاجية استشفائية، تجتذب السّياح من البلاد والخارج.

في برّية الخليل والقدس والتي كانت ملجًأ لفئات سكّانيّة أرادت الاعتكاف والانعزال والعيش بعيدًا عن الناس، نجد الأديرة أهمّها: دير مار سابا، دير مار جريس "المُعلّق" في سفح وادي القلط (تُسمّى المنطقة بأرض الرُّهبان أو أرض الأديرة). بالإضافة إلى ذلك يستمتع الجوّالة ركوب الجمال والجيبات في المناطق الصحراوية، والفترة المناسبة للتجوال فيها هي بين الأشهر تشرين ثاني – شباط.

المعالم السياحية في منظومة البحر المتوسّط

تكتسي جبال القدس، جبال نابلس، فقوعة (جلبوع)، الكرمل والجليل بحُلَّة خضراء قشيبة بشكلٍ دائم على مدار السنة، تُسمّى بأحراش البحر المتوسّط. مساحات شاسعة في هذه المناطق أُعلن عنها كمحميّات طبيعية، أكبرها محميّة الجرمق في وسط الجليل الأعلى والّتي تصل مساحتها إلى 100 ألف دونم.

بين السلاسل الجبليّة الخضراء، تجري أودية تصُبّ غربًا في البحر المتوسّط وأخرى شرقًا في بحيرة طبريا ونهر الأردن، في بعضها تتواجد عيون مياه جارية وأشجار باسقة وارفة الظّل اهمّها: الدّلب، الحور، الغار...ولذلك يقصدها الجوّالة عادةً أيام الربيع والصيف للتمتّع بجمالها وهدوء الطبيعة، نذكر منها: وادي القِرِن، وادي كَركَرة في الجليل الأعلى الغربي، قمّة الجرمق، وادي حبيس، جبل عداثر في مركز الجليل الأعلى، وادي العمود، وادي الحِنداج، ومدينة صفد في شرق الجليل الأعلى.

مغارة الفختة - غرب الجليل الأعلى

في شمال مرج الحولة تقع منابع نهر الأردن: البانياس، الدّان أو اللّدّان، الحاصباني ومسارات مائية أخرى على أطراف هضبة الجولان مثل: عين التّينة، عين الدّربشيّة، المجرسة وغيرها والّتي يقصدها عشرات الاّلاف في فصل الصيف، خاصةً في الأيام شديدة الحَر للانتعاش بمياهها. منطقة سياحية أخرى في شمال بلادنا هي هضبة الجولان وجبل الشيخ، حيث تمتاز هضبة الجولان بأخاديدها العميقة كثيرة الشلّالات والغدران المُكلّلة عادةً بنباتات الدّفلة، من هذه الأودية: الزويتان، الجيلبون، اليعرُبيّة، السّمَك، كذلك المَطلّات على قِمَم التلال البركانية أشهرها: تل العْرام، صدر العروس وغيرها والّتي تُشرف على الحدود السورية الإسرائيلية وقرى محافظة القنيطرة. عامل اّخر يجذب الزّوار إلى شمال هضبة الجولان من منتصف أيار حتى نهاية حزيران هو بساتين الكرز الجميلة بألوان ثمارها المختلفة وثمار التوت الحلوة الطّعم بشتّى أنواعها وألوانها في المستوطنات اليهودية خاصةً (مروم جولان، عين زيفان، أودِم) القريبة من القنيطرة. 

غدير في وادي السْعار

طاحونة القمح بالقرب من عين جليبينة في وادي الجيلبون (هضبة الجولان)

نهر البانياس

بالمختصر المفيد بلادنا جميلة أينما تجوّلت فيها.