عن الزيارات الطبية المكوكية لغزة
قبل نحو ١٧ عاما كانت الزيارة الاولى لقطاع غزة منذ ان فرض الحصار الظالم على جزء اصيل من اهلنا وابناء شعبنا الفلسطيني، منذ ذلك الحين لم تتوقف الزيارات المكوكيه لغزة شهريا ولعدة ايام في كل زيارة على راس وفد طبي كيير وبكافة التخصصات، حيث اجرينا عشرات العمليات الجراحية المعقدة، وخلالها تم تدريب الكوادر الطبية بأحدث التقنيات، وحملنا الأجهزة والمعدات الطبية والادوية التي كان رصيدها صفر في وزارة الصحة بفعل الحصار وتضييق الخناق على القطاع الحبيب.
كما نظمنا المؤتمرات العلمية الطبية ووضعنا كل ما هو حديث امام الطواقم المحلية التي حرمت من ابسط حق من حقوق الانسان وهو الحق في الحرية والتنقل حيث منع الاطباء من المغادرة.
كما قدمنا العلاجات للمئات والالاف من المرضى ايضا الذين حرموا من الحق بالصحة، وبين هذا وذاك لم نقصر بتقديم المساعدات الانسانية على اختلافها وكانت لنا مساهمات كبيرة في مجالات عديدة لإغاثة الاهل.
حتى في كافة الحروب والعدوان المتواصل على اهلنا في غزة دخلنا القطاع والقصف كان متواصلا من الطيران والمدفعية على امتداد القطاع وكنا نعمل من جنوب حتى شمال قطاع غزة في عدة مشاف وبجراحات مختلفة كجراحة العظام والمفاصل جراحة الصدر، جراحة الأوعية الدموية، القلب، العيون، الجراحات العامة، حتى كان لنا دور كبير في تطوير جراحة وزراعة الكلى وتمكنا بفضل الله من تدريب كادر طبي ممتاز جدا لزراعة الكلى وبعد عدة زيارات تمكن الطاقم المحلي القيام بزراعة الكلى.
وكنا نعمل ونسعى لادخال زراعة الكبد بعد ان نجحنا وعلى مدار سنين من ادخال زراعة المفاصل.
وكان لنا دور كبير في مجال عمليات المنظار الدقيقة للجهاز الهضمي والمعدة والكبد بعد ان قدمنا جهازا باهظ الثمن وبهذا كان استغناء عن تحويل المرضى خارج قطاع غزة مع كل الصعوبات التي ترافق عملية خروج المرضى وعدم منحهم التصاريح اللازمة.
واخيرا كانت لنا المساهمة الكبيرة في تطوير مجال جراحة العيون بنفس المستوى في اسرائيل.
ثم جاء العدوان والحرب في ٧ اكتوبر حيث دمرت آلة الحرب الاسرائيلية الجهاز الصحي واخرجته عن الخدمة باستهداف كافة مشافي القطاع اولها واكبرها مستشفى الشفاء الذي يعتبر مرجعية وصرحا علميا للطواقم الطبية.
كما استهدفت قوات الاحتلال المئات من الاطباء والمسعفين بين جريح وشهيد ومعتقل ودمرت محتويات المشافي بحجج لم تثبت صحتها.
للمرة الاولى نشعر بتقصير وعجز كبير تجاه اهلنا وابناء شعبنا عامة وتجاه الطواقم الطبية خاصة، لم نستطع منع قصف المشافي وسيارات الاسعاف وقتل واعتقال الطواقم الطبية للأسف. لم ننجح بادخال المساعدات الطبية الطارئة واغاثة المشافي والجهاز الصحي، كما تعودنا دائما وبكل حرب وعدوان على القطاع، حيث كنا السباقين والاوائل الذين دخلوا وادخلوا المساعدات الطبية كي تستطيع المشافي القيام بدورها. وبكل فخر واعتزاز كانت وزارة الصحة تمنح منظمة الاطباء المرتبة الاولى من حيث حجم المساعدات وسرعة الاستجابة.
في العدوان بعد ٧ اكتوبر للاسف لم ننجح بعمل شيء يذكر، منعنا من الدخول منعنا من ادخال المساعدات الطبية، لم ننجح بمنع الحرب والعدوان واستهداف المدنيين واستهداف الطواقم الطبية ودولة الاحتلال خرقت كافة المواثيق والاعراف الدوليه والقانون الدولي والقانون الانساني الدولي ونفذت المجازر والابادة الجماعية بحق قطاع غزة.
لم تتعد المساعدة نشر مقالات ومعلومات ومعطيات عن الجرحى والمصابين والشهداء، طالبنا من سلطات الاحتلال بوقف الحرب ووقف قصف المشافي واعتقال الطواقم الطبية، قدمنا عدة التماسات بخصوص اخراج الجرحى للعلاج خارج القطاع، السماح بإدخال السولار والوقود للمشافي، فتح المعابر امام المساعدات الانسانية والتماسات بخصوص الاسرى والمعتقلين، لكن لا حياة لمن تنادي وبقيت اسرائيل ضاربة بعرض الحائط كل المواثيق الدولية.
في المقابل وعلى خلفية الحصار والاغلاق على الضفة الغربية المحتلة كثفنا من عملنا ونشاطنا خاصة العياده المتنقلة ونصل القرى والبلدات والمخيمات الفلسطينية نأتي متضامنين ومقدمين للخدمات الطبيه الطارئة في محاولة للتخفيف من معاناة المرضى حيث يحرم المرضى من التنقل بحرية بظل استمرار الحصار والحواجز واغلاق مداخل القرى والبلدات الفلسطينية بالسواتر الترابية والمكعبات الاسمنتية في محاولة لمنع حرية الحركة للمواطنين.
العيادة المتنقلة زارت العشرات، بل المئات من القرى والبلدات الفلسطينية وقامت بالكشف عن عشرات الاف المرضى وتقديم العلاجات والأدوية اللازمة لهم.
وحيث يكون عدوان وارهاب وعنف من الاحتلال ومن قطعان المستوطنين في القرى الفلسطينية نأتي فورا للتضامن اولا وكشف جرائم الاحتلال ثانياً وتقديم الدعم لتعزيز صمود المواطن الفلسطيني.
وفي الختام حمى الله اهلنا وابناء شعبنا في القطاع الحبيب ونسأل الله الفرج القريب امنين من النجاح بالدخول الى القطاع لإغاثة ابناء شعبنا.
صلاح الحاج يحيى
مدير العيادات المتنقلة، جمعية اطباء لحقوق الانسان.