يد ملائكية تدعم منكوبي غزة
عندما انطلقت حملة "قربان طريق الإحسان" قبل نحو عشر سنوات من الداخل الفلسطيني، أراد القائمون عليها من أهل الخير أن تمتد حول العالم لتمد يد العون والمساعدة لكل محتاج وتغيث كل ملهوف، وسرعان ما شقت طريقها نحو المنكوبين في المخيمات السورية واليمن والسودان والمغرب وشرق آسيا وأفريقيا، وكانت لها تدخلات عميقة في قطاعات المياه والزراعة والغذاء والإيواء والصحة والتعليم ومجالات أخرى تحرص من خلالها على التخفيف من معاناة المنكوبين في تلك المناطق قدر الإمكان وعدم تركهم فرائس لنوائب الحياة.
واعتمدت حملة "قربان طريق الإحسان" منذ انطلاقها على فلسفة بسيطة تقوم على النظر للإنسان كإنسان ومحاولة تلبية الحد الأدنى من احتياجات الإنسانية، فلاقت بعد سلسلة الإنجازات النوعية التي حققتها رغم حداثة انطلاقها في تلك الفترة استحسان المتبرعين ممن تكاتفوا لرفدها بكل أسباب ومقومات النجاح حتى تحقق أهدافها في خدمة المجتمعات الفقيرة وإغاثة المنكوبين والوقوف إلى جانبهم لتمكينهم من تجاوز نوائب الحياة، بعد أن أثبتت الحملة مصداقية عالية ونوعية، وكرست عدة معايير تحرص على الالتزام بها، وأبرزها:
أولاً: إقصاء الانتماءات الحزبية والسياسية في الأعمال الإنسانية.
ثانياً: تعزيز الشفافية وتوثيق التبرعات أيا كان حجمها.
ثالثاً: التنوع في الخدمات والانطلاق لنجدة الإنسان كإنسان وإبراز الدور الإنساني للشعب الفلسطيني في كافة المحافل الإنسانية على امتداد العالم.
رابعاً: بناء نظام إنساني يستوعب جميع الطاقات من كل الفئات والأعمار والمناطق.
وعلى صعيد إغاثة المنكوبين في قطاع غزة منذ بداية الحرب في أكتوبر عام 2023، لم تركن حملة "قربان طريق الإحسان" للمعلومات الإعلامية، وإنما تابعت أنشطتها وجهودها بحكم خبرتها الممتدة منذ سنوات في التحديات التي تواجه قطاع غزة وكان لها تدخلات متواصلة على مدار السنين السابقة، لذا كان من السهل التواصل والبناء والتدخل في مد يد العون والإغاثة للأهل في قطاع غزة.
وأولت حملة "قربان طريق الإحسان"،الوضع الصحي والإيوائي أولوية قصوى منذ البدايات الأولى للحرب على قطاع غزة، قبل تفاقم وتدهور الأوضاع وصولاً إلى المجاعة وفصل الشمال عن الجنوب ونزوح أكثر من مليون غزي الى مناطق مكتظة، فنجحت طواقمنا في مساندة المنكوبين هناك لمواجهة ظروف النزوح من خلال تقديم خيام الإيواء وما يلزمها من خدمات صحية وتعليمية وغذائية يومية، وكانت ظروف الشتاء القاسية والصيف الحارة تعتبر بمثابة التحدي الأكبر الذي واجه طواقم الحملة، ودفعها إلى حفر الآبار وتزويد المشافي ومحطات التحلية بالوقود تارةً وتركيب ألواح الطاقة الشمسية تارةً أخرى، وإنشاء تكايا الطعام، وتسيير صهاريج المياه الحلوة، إضافةً إلى تقديم سلال الخضار وإدخال المساعدات عبر الأردن تارة وعبر مصر تارة وعبر الضفة الغربية تارةً أخرى، مع التأكد من وصول المساعدات إلى مستحقيها بشكل علمي ومهني.
وحرصت حملة "قربان طريق الإحسان" على تسخير مواسم رمضان والأضاحي لمضاعفة جهود الخير والتبرع عبر زكاة المال والوجبات وتزويد الأهل في القطاع باللحوم، فيما امتدت تدخلاتها خلال فصل الشتاء لتشمل تقديم الأغطية والألبسة والحطب بالإضافة إلى المزيد من الخيام للمنكوبين في مواجهة برد الشتاء القارس، وحر الصيف الملتهب، فعملت على تزويد الصفوف الدراسية بالمراوح التي تعمل بالطاقة الشمسية، بالإضافة إلى تفعيل محطات التحلية بالطاقة الشمسية. مع تطلعها في الفترة القادمة إلى المساهمة في ترميم المزيد من المشافي، وتفعيل النقاط الطبية، وإحياء الحلقات التعليمية.
ورغم كل التحديات التي واجهتها وتغلبت عليها بفضل من الله، تطمح حملة "قربان طريق الإحسان" لتوسيع مستوى ونوعية البرامج الخيرية والمشاريع الإنسانية التي تقدمها وتوسيع دائرة المستفيدين منها من الحالات الاجتماعية الصعبة والمجتمعات الفقيرة، وهو نجاح ما تحقق ولم يكن ليتحقق لولا أهل الخير ممن يمدوننا بكل أسباب النجاح، ولولا دعوات المنكوبين ممن يدعون الله ليل نهار بالتوفيق لطواقم الخير التي تقف إلى جانبهم وتحرص على التخفيف من مصابهم الجلل، ولسانهم يلهج بالدعاء لكل من يدعم ويساند الحملة.
إبراهيم ابو الهيجاء
مدير مكتب هيئة الاعمال الخيرية العالمية مكتب فلسطين منسق حملة قربان.