مسؤولية الوقاية خير من قنطار علاج
يقول المثل الشعبي " درهم وقاية خير من قنطار علاج"، وأنا أقول مسؤولية الوقاية خير من قنطار علاج. أما آن الأوان لتسليط الضوء على أهمية تذويت سياسة نهج صحي سليم في أماكن العمل؟ هل تعلم عزيزي القارئ أن هناك ما يقارب ال 1022 موظف يتوفوا كل سنة على إثر الأمراض التشغيلية (بحسب إحصائيات عالمية). الأمراض التشغيلية معروفة لمؤسسات الدولة ومنها مؤسسة التأمين الوطني والمشغلين. وهي من الأمراض التي تحدث نتيجة أنواع وظائف وظروف عمل معينة. الأمراض التشغيلية إضافة لضررها على الموظفين وفي حالات عدة تؤدي للوفاة، هي أيضا تؤدي لأضرار مادية وخسائر لأماكن العمل.
إضافة لذلك إن الأمراض التشغيلية تشكل لغزا بمجال الصحة وفق أبحاث عالمية. حيث تتغير الأمراض التشغيلية وفق التغييرات الزمنية والحداثة التكنولوجية الاجتماعية تزامنا مع تغيير الاقتصاد العالمي. وبهذا تتجدد وتتبدل المخاطر والحالات وفق هذه التغييرات.
الأمراض التشغيلية من أحد المواضيع المثيرة للاهتمام والتي شغلت تفكيري ومسيرة عملي في الآونة الأخيرة. بعد اطلاعي ومعاينتي لأبحاث كثيرة، الاستخلاص كان أنه لا بد من طرح حلول عملية لمنع الأمراض التشغيلية وتفاديها. إن الحلول القائمة اليوم هي بنطاق الحلول التعويضية ما بعد حدوث المرض، والتي تصب وتتمحور حول قوانين الأمن والأمان في العمل والتأمين الوطني.
ومن هنا أتساءل متى سيصبح هذا الموضوع في سلم أولويات المُشغلين ووزارة الصحة وغيرها من الجهات المسؤولة، ويطبق كنهج يمنع حدوث الأمراض التشغيلية وتفاديها. أو بالأصح أن يكون تغيير بنهج التفكير والتطبيق بتذويت نهج صحي تربوي ثقافي في المؤسسات بمتابعة ورقابة الوزارات المعنية بذلك من ضمنها وزارة الصحة أو ما يسمى بقسم صحة العامل.
منظمة الصحة العالمية (WHO-World Health Organization) تُعرف الصحة على أنها حالة من اكتمال السلامة بدنيا وعقليا واجتماعيا، لا مجرد انعدام المرض أو العجز.
فما المخالف أن يؤخذ هذا التعريف كنهج لثقافة تنظيمية لجميع المؤسسات بطواقمها وإنتاجيتها وجميع الجهات تكون المستفيدة والرابحة (الموظف، المؤسسة، والدولة).
حيث يتم توفير بيئة صحية لجميع الموظفين في المؤسسات ويكون من مسؤولية وزارة الصحة متابعة هذه السياسة كسياسة الأمن والأمان في أماكن العمل وغيرها من القوانين الأساسية. وألا يكون هذا النوع من السياسات متبع كظروف عمل مرفهة لدى شركات الهايتك فقط أو الشركات الكبرى فقط.
ومن هذه التساؤلات، أرفق توصياتي المتواضعة لعل هناك أذنا صاغية من طرف وزارة الصحة أو إحدى المؤسسات المسؤولة لتغيير واقع وسياسات العمل.
وإن لم يكن من هذا وذاك، أدعوك أنت أيها القارئ/ة إن كنت من المشغلين أو أصحاب المصالح أو في موقع تأثير في هذا الجانب وهذا المجال.
أدعوك أن تبدأ لو بخطوة من هذا المشوار والأخذ بإحدى التوصيات أدناه لتجعل من طاقم مؤسستك أصحاء البدن والنفس والفكر وأنت وهم تكونون الرابحين.
توصيات تجعل نهج وثقافة مؤسستكم وأماكن العمل صحية:
تحفيز طواقم العمل لنشاط رياضي: إيجاد وتوفير مساحة في مكان العمل مخصصة لتمارين رياضية بعد ساعات الدوام أو في الاستراحات. وإن لم يتوفر لدى المؤسسة هذه الإمكانية للاستثمار بمثل هذه المبادرة، يكمن التعاقد والاتفاق مع إحدى معاهد الرياضة واللياقة البدنية بالحصول على تنزيل أو تخفيض خاص لطواقم العمل للاشتراك بالمعهد ولتلقي الخدمات هناك بتخفيض خاص.
عدم التنازل عن استراحة العمل: الاهتمام باستغلال طواقم العمل لاستراحاتهم. يمكن ذلك من خلال تركيز وقت معلن في المؤسسة بفترة معينة خلال النهار لجميع الطواقم كوقت الاستراحة. أي أن يكون وقت الذي يغلق به المكاتب وغرف العمل والجميع يخرج لاستراحة عمل.
طعام صحي في مكان العمل: في جميع أماكن العمل يتواجد مقصف لراح طواقم العمل ورواد المؤسسة وموظفيها. يمكن الاهتمام من قبل أصحاب المؤسسة بأن تكون منتوجات المقصف صحية، والاهتمام بوجود وجبات طعام متنوعة صحية كنهج للمؤسسة ومن فيها.
تفادي ضغوطات العمل: تفادي ضغوطات العمل يرتكز على عدة اتجاهات منها تأهيل الطاقم وتدريبة على ادارة الوقت وتصنيف أولوياته ومهامه خلال الدوام. وايجاد خطة عمل مسبقة لطواقم العمل والامتناع من العمل العشوائي المرتجل. إضافة لذلك عدم تحفيز نظام العمل بساعات إضافية. وأن يكون نهج التوازن بين العمل والحياة الشخصية من نظام وثقافة المؤسسة.
الاهتمام بالبيئة المحيطة للموظف: بيئة العمل تُعد من العوامل المؤثرة على دافعية وتركيز الموظف وعلى مدى انتاجيته. بيئة العمل تشمل أضواء مريحة للعمل/ الإضاءة الطبيعية، ألوان الغرفة، الأثاث أو أدوات مكتبية مريحة وصحية. توفير هذا النوع من العوامل بالبيئة المحيطة بالموظف تعود بالفائدة على إنتاجيته وصحته.
استثمروا برنامجا ثقافيا، ترفيهيا، صحيا: الاهتمام بتوفير لقاءات ثقافية ترفيهية بمكان العمل خلال فترات معلنه مسبقا محددة من قبل المؤسسة. برنامج يشمل محاضرات تفعيلية توعوية بمجالات الصحة النفسية، الجسدية وغيرها. إضافة الى نشاطات صحية مثل اليوجا وغيرها من النشاطات. من خلالها يتم تعزيز الجانب الاجتماعي والتواصل البين شخصي بين الطواقم، وتعزيز النهج لحياة أكثر صحة في العمل.