المسجد الكبير الشاهد على هوية بئر السبع التاريخية
يقع مسجد بئر السبع الكبير في مركز مدينة بئر السبع القديمة وهو محوط بمبنى السرايا ومدرسة أبناء عرب بئر السبع وبيت المؤرخ عارف العارف. تم بناء المسجد الكبير عام 1906 تزامنا مع بناء مدينة بئر السبع بصفتها عاصمة جنوب فلسطين على يد العثمانيين لتكون حلقة وصل بين غزة والخليل.
شارك في بناء المسجد سكان مدينة بئر السبع وأبناء القبائل في تكلفة البناء ب 400 ليرة عثمانية من مجمل التكلفة البالغ 1000 ليرة عثمانية، حيث تحملوا كل ظروف الصحراء القاسية ومشقة الطريق ليجلبوا حجارته على ظهور الجمال ليصبح واحدا من المساجد التاريخية الأنيقة.
في عام 1948, عام النكبة التي حلت بأبناء الشعب الفلسطيني، ومع تهجير أبناء المدينة، تم تحويله سجنا ومقرا للشرطة ومن ثم إلى محكمة حتى العام 1953 ليتم تحويله بعد ذلك إلى ما يسمى ""متحف النقب"" حتى عام 1991 ليتم إغلاقه ويصبح محيطه عرضة لمدمني المخدرات والكحول.
في عام 2002 وبعد مشوار طويل من مطالبة السلطات بفتحه للصلاة أمام أبناء مدينة بئر السبع المسلمين وآلاف أبناء النقب الذين يتواجدون يوميا في مدينة بئر السبع، قدم مركز عدالة التماسا لمحكمة العدل العليا مطالبا من خلاله بفتح المسجد من أجل الصلاة وممارسة الشعائر الدينية. المحكمة العليا قررت تحويل المسجد لمتحف متخصص بالثقافة الإسلامية وشعوب الشرق.
على الرغم من قرار محكمة العدل العليا إلا أن بلدية بئر السبع مستمرة في أعمالها من خلال المس بحرمة وقدسية المسجد الكبير عبر إقامة مهرجان النبيذ عام 2012 ومن ثم إقامة العديد من المهرجانات الغنائية مع معارض الكحول في باحاته مما زاد من غضب أهالي المدينة العرب والذي يقارب عددهم 9,000 نسمة أهالي النقب عامة الذين أقاموا الوقفات الاحتجاجية وصلوات يوم الجمعة في محيطه تأكيدا على هوية المسجد وتأكيدا على حقهم في ممارسة شعائرهم الدينية.
يبقى المسجد الكبير شاهدا على كل محاولات طمس هوية مدينة بئر السبع القديمة بتناسقه مع البيوت العربية القديمة الشاهد الباقي على تاريخها ومبنى السرايا ومدرسة أبناء المدينة وبيت المؤرخ عارف العارف.
بمئذنته الحجرية وقبته البيضاء يبقى مسجد بئر السبع الكبير عصيا على كل ممارسات الطمس وسلب حق العرب المسلمين من ممارسة شعائرهم الدينية داخله بنضالهم العنيد وتواجدهم الدائم اليومي الدائم في محيطه من احتجاجاتهم وإقامة الصلوات.
تصوير: د. منصور النصاصره.