طلابنا الموهوبون والتطور الفكري، والعاطفي والاجتماعي وطرق التعامل معهم
من تجربتي في العمل مع الموهوبين لاحظت الآتي: الطلاب الموهوبون لديهم نظرة للحياة تختلف عن غيرهم. قد تكون لديهم قدرة خاصة على الملاحظة، وقابلية عالية للاستثارة، ودافعية متَّقدة، وإحساس فريد بالطاقات المحيطة بهم. أحد المراهقين من الموهوبين قال لي مرارا: «لقد سمعت موسيقى الحياة مع ارتفاع مستوى الصوت!». يمكن لهذه القدرات وهذا الحس العالي أن يزيد من تفاقم التحديات المصاحبة للنمو، مما يزيد من المبالغة في الانفعالات العاطفية، على سبيل المثال، زيادة التوتر والقلق المرتبط بالانتقال من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة المتوسطة. الاستثارة الفائقة لـ Dombrowski (الحركية، النفسية، الحسية، الخيالية، الذهنية، والعاطفية) يمكن أن تكون أحد أسباب هذه التحديات التي تواجه الطلاب الموهوبين:
عدم الانتباه، والخجل، وصعوبة الانتقال إلى سياقات جديدة وعدم الراحة مع مستوى عال من النشاط في الغرفة الصفية، والأعداد الكبيرة من الأشخاص في مكان واحد، والروائح والضوضاء والمثيرات البصرية الكثيرة، والبكاء والمشاعر الجياشة، ومستوى الطاقة المرتفع وسلطة الاستجواب، والوعي الذاتي الضعيف، والانشغال بتوقعات الآخرين عنهم، والحساسية تجاه النقد، والنقد الذاتي الشديد (Peterson, 2015)
استراتيجيات العمل مع الطلاب الموهوبين:
قد يكون إحساس الطلبة ذوي الموهبة بأن لديهم «نموا غير متزامن» مربكا للشباب والطلاب الموهوبين كذلك للمحيطين بهم. تشير أدبيات المجال إلى أن «عدم التزامن» في النمو يحدث بشكل واسع لدى الطلبة ذوي الموهبة متمثلا في التطور المعرفي والذهني المتقدم، والنمو العاطفي والانفعالي المتوسط، وهو ما يجعل ظهوره مربكا للمعلمين وأولياء الأمور من حيث عدم قدرتهم على فهم هذا التناقض حيث يمكن أن ينظروا إلى الطفل على أنه غير ناضج عندما يظهر في الواقع تطورا عاطفيا نموذجيا لعمره يتناسب مع عمره، في حين أنهم يتوقعون مستوى نضج عاطفي مناسبا لمستوى قدراته (2012, Bryant & Robinson. (عند التعامل مع حالة طالبة معينة، كفتاة في الثالثة عشرة من العمر، أدركت ذهنيا التغيرات الفسيولوجية المرتبطة بالبلوغ، بيد أنها كانت تعاني الخوف، ويمكنها أن تضع مفاهيم للبدائل الجسدية التي ستكون عليها، وأن تتخيل ما قد تكون عليها حياتها، ذكرت أنها تشعر بالرعب». وفي حالات أخرى، يحدث العكس، حيث يمكن أن يكون لدى الطفل ذي الموهبة مشاعر عاطفية متطورة للغاية تحدث أيضا بعض التحديات لهم. ووفقا لـ (2016, Fonseca، (فإن الطفل الذي يملك مشاعر عاطفية متقدمة، يمكن أن يعاني نفسيا بمجرد أن يرى شعوبا أو أناسا يعانون بسبب الكوارث الطبيعية، أو الفقر، أو العنف، قد يشعر بالعجز والإحباط بسبب عدم قدرته على المساعدة. إذا كان الطفل أو الشاب يفتقر إلى القدرة على مناقشة هذه المشاعر ومعالجتها و/ وإدارتها، فيمكن أن يسهم ذلك في الاكتئاب الوجودي القائم (2016Fonseca.)
بالمثل، تذكر (2006(Peterson, أن الأطفال من ذوي الموهبة يمكنهم إدراك تعقيد المواقف، وتوقع الصعوبات، ولديهم قدرة على تصور الوضع المثالي، فإن هؤلاء الأطفال يمكن أن يواجهوا مشكلات تتعلق بقبول التقاليد كما هي دون نقاش، أو الخرافات والمعتقدات غير المنطقية، أو قبول الآراء المتطرفة، ونتيجة لذلك ربما يشعرون بالإرهاق والاكتئاب عندما يفكرون في الحاضر والمستقبل. وأكاديميا من منظور تربوي، غالبا ما يتم اختيار الطلبة ذوي الموهبة بسبب قدراتهم سواء أكانت ذهنية أم إبداعية. إذا كان الطفل يفتقر إلى المهارات الاجتماعية أو التوازن النفسي للمحافظة على الانتباه، يمكن أن يؤدي ذلك إلى درجة مرتفعة من القلق الذي يؤدي إلى تجنب الجرأة، والسعي للمثالية، وتدني التحصيل. يوضح (Fonseca,2016) بقوله: كما أن الطبيعة الفريدة للتطور العاطفي يمكن أن تثبط الأداء التعليمي، حيث إن العديد من الأطفال ذوي الموهبة يصبحون قلقين بشأن أدائهم في المدرسة لدرجة أنهم يعانون أعراضا جسدية مثل: الصداع، وآلام المعدة والأمراض المشابهة، يمكن أن يؤدي ذلك بسهولة إلى شكل من أشكال الخوف من المدرسة، أو قلق مماثل في الصحة العقلية يمكن أن يؤثر بشكل كبير في الطفل. في الحالة الأكثر تطرفا يمكن أن يؤدي ذلك إلى عدم قدرة الطالب الكاملة على الذهاب إلى المدرسة على الإطلاق.
عندما يتقدم الطلبة ذوو الموهبة في المدرسة الثانوية، قد تزداد الضغوط والصراعات الداخلية لديهم؛ قد يدرك المراهقون من ذوي الموهبة أن جميع الأنظار مسلطة عليهم من حيث أداؤهم في اختبارات القبول بالجامعات التي يتقدمون إليها واختيارهم النهائي للكلية أو الجامعة. لم يعد من المتوقع منهم فقط أن «يبذلوا قصارى جهدهم»، أو «أن يكونوا الأفضل»، بل يتم النظر إليهم على أنهم «الأكثر احتمالا للنجاح في الحصول على أفضل المقاعد الدراسية في أفضل الجامعات، بل قد يتعدى ذلك ليرتفع سقف التوقعات تجاههم بأنهم الأمل في تغيير واقع دولة وإحداث فرق في العالم».
كما تمت الإشارة إليها سابقا، تتطلب الاستجابة إلى القضايا والاهتمامات الاجتماعية والعاطفية للطلبة ذوي الموهبة استراتيجية إرشادية مختلفة. تشير (2015; 2007, Peterson) إلى استخدام إطار نمائي لمساعدة الأطفال ذوي الموهبة في اكتساب فهم أفضل للمزيج المعقد من المشاعر والأفكار والسلوكيات التي يوجهونها، حيث أوردت الآتي: من واقع خبرتي، عند تقديم المعلومات بشكل استباقي عن طبيعة الموهبة، يجد الطلبة ذوو الموهبة هذه المعلومات مفيدة جدا وممتعة ومطمئنة. إن تخفيف القلق والخوف من التحديات النمائية له أهمية خاصة، لأن العديد من الأطفال والمراهقين ذوي الموهبة لا يشاطرون القلق مع أقرانهم أو أسرهم بسهولة معتقدين أنه ينبغي للآخرين اكتشاف ذلك بأنفسهم. وربما خوفهم من فقدان الصورة الذهنية المتميزة عنهم والانطباع الجيد حول شخصياتهم إذا أظهروا المخاوف والشكوك. كثيرا ما ألاحظ أن مخاوفهم «معقولة وذات معنى». يمكن للمرشدين أن يساعدوا الأفراد ذوي الموهبة على فهم أنفسهم، أو سلوكهم، أو حالتهم، أو مرحلة نموهم، أو عائلتهم، حيث يمكن للمرشدين مساعدة الأفراد ذوي الموهبة على أن يصبحوا «ناجحين» إظهار التفاعل بدرجة عالية، حيث إن هذا التفاعل يساعد على استكشاف طبيعة نظرة الطفل إلى الذات، والآخرين، ومعتقداتهم حول العالم، وقيمهم الشخصية.
محاولة استثارة الطلبة للحديث بإسهاب، وتحفيزهم على مناقشة تجاربهم الشخصية في العمليات النمائية التي يمرون بها. القيام بعد ذلك بتعزيز معرفة الطلبة ذوي الموهبة بطبيعة موهبتهم وطبيعة التحديات النمائية المصاحبة لها من خلال منهج نفسي تربوي، وقد يستخدمون التدريب الواعي لمساعدتهم على التركيز على أنفسهم في مواجهة الحساسية الانفعالية الفائقة، أو في مواجهة الضغوطات الكثيرة، أو عندما تبرز التقلبات في مشاعرهم «أي الشعور بالاختلاف». استخدام عملية الانتقال الواعي transitioning Mindful لمساعدة الطلبة ذوي الموهبة على التنقل بين النشاطات والبرامج المختلفة. هذه العملية تنطوي على التنفس الواعي لمدة عشر ثوان أو أكثر، تليها النظر في أي من جوانب القوة التي لديهم يمكن استخدامها في النشاط أو البرنامج التالي. يتيح هذا التمرين للفرد أن يقدر بنفسه مجال قوته، وأن يتحرك إلى الأمام بشكل يتسم بالقوة والوعي الذاتي إلى المستوى التالي. استخدام استراتيجيات الاسترخاء (مثل: التحكم في التنفس، والتأمل، والتخيل الموجه)، والممارسات البدنية (مثل اليوجا، والتايكواندو، وفنون الدفاع عن النفس)، التي تعد طرقا لمساعدة الطلبة ذوي الموهبة على الاستجابة للقلق. يمكن أن يمثل القلق مشكلة بالنسبة إلى الطلبة ذوي الموهبة خلال مراحل التحولات الشخصية، مثل حالات الانتقال من مرحلة إلى مرحلة، أو دخول الجامعة أو ممارسة حقهم في التسريع، حيث يتطلب الوضع الانتقالي هذا قدرات تكيفية قد لا يملكها بشكل كامل. وقد يمثل القلق أيضا مشكلة عندما يدخل الأطفال ذوو الموهبة إلى البيئة الاجتماعية المعقدة لرياض الأطفال، عندما يكون من الصعب احتضان ودمج الموهبة في الهوية الذاتية، عندما تحدث تجارب سلبية، عندما يساهم التطور غير المتزامن في الحكم على الطفل أنه غير ناضج، أو عندما يحدث التنمر عليه أو من قبله. إضافة إلى ذلك، حتى قبل مغادرة المدرسة الابتدائية، قد يتساءل الأطفال ذو الموهبة بقلق عن بعض القضايا الجنسية. بشكل عام، توفير المعلومات الكافية عن طبيعة الموهبة، والتحديات المصاحبة للطفل بطريقة صحيحة، قد يسهم في التحكم في القلق وإدارته بطريقة صحيحة.
الاحالات:
Fonseca, C. (2016). Emotional intensity in gifted students: Helping kids cope with explosive feelings (2nd Ed.). Waco, TX: Prufrock Press.
Peterson, J. S., & Ray, K. E. (2006a). Bullying and the gifted: Victims, perpetrators, prevalence, and effects. Gifted Child Quarterly, 50(2), 148–168.
Peterson, J. S., & Ray, K. E. (2006b). Bullying among the gifted: The subjective experience. Gifted Child Quarterly, 50(3), 252–269.
Peterson, J. S. (2015). School counselors and gifted kids: Respecting both cognitive and affective. Journal of Counseling & Development, 93, 153-162.
Robinson, A., & Bryant, L. (2012). Gifted students and their teachers: Relationships that foster talent development. In T. L. Cross & J. R. Cross (Eds.), Handbook for counselors serving students with gifts & talents: Development, relationships, school issues, and counseling needs/interventions (pp. 427-442). Waco, TX: Prufrock Press. Robinson, A., Shore, B. M., & Enersen, D. L. (2007). Best practices in gif.
كاميليا صول
كاميليا صول وهي طالبة دكتوراة في الإدارة التربوية، وتعمل محاضرة لاستكمالات معلمين ومرشدة قطرية بالسكرتارية التربوية للبيداغوجيا المحوسبة. ادارت سابقا "مركز الموهوبين" في شفاعمرو وعملت كمرشدة للعلوم والتكنولوجيا في المرحلة الاعدادية لمدة سبع سنوات.