لا تبحثوا عن وظيفة، قوموا ببناء سيرة مهنية!
منذ نعومة أظافرنا ومنذ بداية طريقنا الجامعية والأكاديمية يتم دائمًا توجيهنا لتعلم موضوع جامعي له مستقبل وظيفي ثابت ووظيفة مضمونة، كيف لا ونحن مجتمع يبحث دائمًا عن الضمان في كل شيء ونهاب المجازفة. رغم التطور الدائم والسريع في سوق العمل لا تزال هذه الفكرة وهذا التوجه يسيطر على فئة كبيرة من الأشخاص في مجتمعنا وأتساءل اليوم كيف لنا أن نواكب التغييرات العظيمة في سوق العمل ونحن لا زلنا نبحث عن وظيفة وليس عن بناء سيرة معنية زخمة.
في جيل الخامسة والعشرين بدأت بوظيفتي الإدارية الأولى في مسيرتي المهنية، ينظر البعض الى هذه الحقيقة كإنجاز وليد اللحظة ولا يدرك كثر أن هذه الحقيقة نتاج سنوات كثيرة من التعلم، التطور، التطوع، الفشل، النجاح والاستمرارية، منذ ستة أعوام وعندما بدأت لقبي الأول في الجامعة لم أتوقف لحظة عن التعلم والتطور، تعلمت لقبين جامعيين في ست سنوات، حصلت على شهادات مختلفة في توجيه المجموعات والقيادة والتمكين النسوي، شاركت بمؤتمرات ودورات تدريبية، طورت مهارتي الاجتماعية والمهنية والأهم من هذا كله كنت قبل أربع سنوات شريكة في بناء رابطة الأكاديميين\ات في قريتي.
في خضم كل هذا الضغط عملت في عدة جمعيات في القطاع الثالث، وقمت بتجربة عدة وظائف ولا أزال، وصلت الليل بالنهار في محاولة لبناء مسيرة مهنية أفتخر بها وليس في سبيل الحصول على وظيفة. حين بدأت تعليمي للقب الأول كان أكثر سؤال يوجه لي:" شو رح تشتغلي بالآخر؟", وصدقا لم أكن أعلم، ما كنت أعلمه أنني حتى آخر عمري سوف أسعى لإعمار الأرض، وبناء المجتمع وجعل هذا الكوكب مكانًا أفضل للعيش.
نصائحي المتواضعة لبناء سيرة مهنية:
الطموح، هو المحرك الأكبر والدافع الأعظم في هذا العالم، لا حدود ولا نهاية للطموح، كلما عظم الهدف طالت الطريق.
القابلية للتعلم، اعتبرها أهم صفة لمن يرغب بالتطور والتقدم، حين يصل المرء للنضج الكافي ما يجعله يفهم أنه مهما اعتلى من مراتب العلم سيبقى جاهلًا، يتواضع ليدرك أن كل فرصة هي هبة للتعلم وتوسع الافاق.
الاستمرارية، في مراحل كثر لا تسير الحياة بنا الى حيث نرغب، ولكن يجب دائمًا أن نتذكر أنه لا ضير في أخذ استراحة أحيانًا، ولكن الاستمرارية هي المصير.
البحث، غالبية المساقات الخارجية والدورات التدريبية التي شاركت فيها عثرت عليها بعد بحث طويل وشخصي في كافة المواقع والمنصات الاجتماعية، ابحثوا، اقرؤوا وقوموا بالتجربة؛ في هذا العالم فرص عظيمة.
المرونة، هنالك العديد من المراحل في حياتنا التي قد لا تشبه أحلامنا وطموحنا، لا بأس بالخروج من منطقة الراحة وتجربة أشياء جديدة، كل تجربة جديدة هي اكتشاف من جديد للذات ولرغباتها، قدروا ذاتكم وامنحوها المساحة للتجربة الواسعة.
"هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها", تبقى رسالة الإنسان العظمى إعمار الأرض والإحسان، ابحثوا دومًا عن الدروب التي تمنحكم القدرة على الإحسان وصناعة التغيير، امنحوا أنفسكم الفرصة لكسر قوالب الخوف والضمان وقوموا بالمجازفة من أجل أحلامكم ومستقبلكم.
كاتبة المقال: جنى خطيب وهي مديرة مهنية للمجتمع العربي في جمعية "التعليم نحو القمم".