"فارءه معاي" في 2024: صوتٌ حرٌ وصمودٌ في وجه التحديات

 أصدقاءنا وصديقاتنا المساهمين والدّاعمين والمتطوّعين والكاتبين في منصة "فارءه معاي"، نكتبُ لكم ونحن على وشك طيّ الصفحة الأخيرة، بل الحلقة الأخيرة من عام 2024 الذي أقل ما يقال عنه إنه عامٌ ثقيلٌ، وزخمٌ، وزاخرٌ بالتفاصيل.

أعزاءنا وعزيزاتنا، ونحن الذين اعتدنا أن نقرأ ما تخطُّ أناملكم من كلماتٍ، وأن ننشر ما يجول في خاطركم، نرغب في أن نقدّم لكم ما تخطه أناملنا، وما يَجول في خاطرنا... ما يُفرحنا وما يُؤلمنا، وكيف استطعنا التنقل بين فصول سنة 2024، التي سادت مُعظَمَها ضبابيةٌ مقيتة، كنتم أنتم وأنتن شعاعَ الأمل والنور فيها.

العام الأَصعب: التحدّيات والإصرار على البقاء

مع بداية الحرب الأخيرة على غزة، راودتنا الكثير من الشكوك حول استمرارية منصة "فارءه معاي"، التي نَجَحت منذ تأسيسها في أن تكون صوتًا قويًّا يعبر عن قضايا الشعب الفلسطيني. وفي ظل الأزمات المتلاحقة والتوترات المتصاعدة، بدت المنصةُ كأنها تسير في طريق مليء بالعقبات، الموزَّعة بين تلك المتعلّقة بمساحات التعبير والكتابة الآخذة بالتقلص، مرورًا بالمالية واللوجستية، وصولًا إلى الصدمات النفسية التي كانت تَلُم بنا كأبناء هذا الشعب، وكطاقم منصّة يعمل على إيصال الصوت من خلالها. وها نحن نشارككم تخبّطاتنا، ونعرض عليكم التحديات، التي على الرغم من وجودها كلّها، فلا تزال المنصة معكم وبينكم، ملتزمة بإيصال رسالتكم وإسماع صوتكم.

"فارءه معاي": أكثر مِن منصة إعلامية

"فارءة معاي" لم تكن مجرّد منصة إعلامية، بل تحولت إلى مساحة حرّة للكتابة والنقاش والتعبير حول قضايا المجتمع الفلسطيني ومحيطه العربي. نجحت في إتاحة المجال للكتّاب والكاتبات للتعبير عن أفكارهم وآمالهم وهواجسهم، وأن تُبقي النقاشات حيّة حول القضايا الأكثر إلحاحًا، من الاحتلال والحصار والحرب مرورًا بمحطات فارقة في السياسية والمجتمع والثقافة وصولاً إلى إبراز إنجازات ونضالات أبناء مجتمعنا وبناته تأكيدًا منّا على أهمية العمل والتضامن والعطاء.

وغني عن القول إن هذه المساحة لم تكن لتوجد أو تنجح أو تنتشر لولا مساهماتكم وكتاباتكم. فبفضلكم أصبحت أكثر من مجرد منصة إعلامية، بل دخلت لكلّ بيتٍ ووجدان. نقولها ونحن فخورون بكم وبدوركم، وبثقة كلّ مَن التفّ حولنا وترك بصمته بكلمة أو صورة أو  إسداء نصيحة.

التواصل العربي: جسر بين فلسطين والمنطقة

كان أحد أبرز إنجازات المنصة قدرتها على توسيع شبكة التواصل بين الفلسطينيين والعالم العربي. في وقت تصاعَدت فيه العُزلة المفروضة على الشعب الفلسطيني، أصبحت "فارءه معاي" حلقة وصل بين المثقّفين والنشطاء العرب، مُسلّطةً الضوء على القضايا المشتركة التي تعاني منها شعوب المنطقة. أضفى هذا التفاعل بعدًا جديدًا على الإعلام الفلسطيني، حيث لم يعد محصورًا في حدوده الجغرافية. 

التحدّيات الماليّة: عقبة مستمرة

تُعدّ التحديات المالية من بين أصعب العقبات التي واجهتها -ولا تزال تواجهها- "فارءه معاي". ومع أن المنصة تمكّنت من بناء قاعدة جماهيرية واسعة، فإن نقص التمويل شكّل ويشكّل خطرًا حقيقيًّا على استمراريتها. تقليص الدعم الدولي للمؤسسات الإعلامية الفلسطينية، وارتفاع تكاليف التشغيل، وغياب الاستثمارات المحلية في الإعلام الحرّ، كلّها عوامل تؤثر سلبًا على قدرة المنصة على الاستمرار. رغم هذه الصعوبات، فقد عمل فريق المنصة ويعمل بلا كلل على إيجاد حلول إبداعية، بما في ذلك التفكير في إطلاق حملة دعم مجتمعي واستثمار موارد ذاتية لاستمرار العمل.

الخوف والتوتّر: تحديات الاستمرارية 

لم تكن مسيرة "فارءه معاي" سَهلة. واجهت المنصة تحديات متعددة من حيث الرقابة، والتشويشات المستمرة، والخوف من أن تُقيّد القوانين الإسرائيلية الجديدة أو المستجدة خلال فترة الحرب قدرتها على الاستمرار. زادت قرارات الكنيست الأخيرة المتعلقة بتقييد الإعلام العربي وتأطير الخطاب العام من الضغوط على المنصة وطاقمها. ومع ذلك، نجحت "فارءه معاي" في المضي قُدمًا بفضل شجاعتها وإصرارها على الالتزام بقيم المهنيّة والشفافيّة. 

أصوات داعمة: شهادات الجمهور والمختصين 

د. إلياس زيدان – عبلين / حيفا: 

"منصّة "فارءه معاي" اسم على مسمّى؛ تتعامل مع قضايا شعبنا بوضوح وجرأة من خلال الكلمة المكتوبة ومن خلال الصّورة والصّوت. شدّ انتباهي التفاعل والعلاقة النّدّيّة بين طاقمها وبين الكاتبات والكتّاب والجمهور. على المستوى الشّخصيّ، يعطيني هذا النّوع من العلاقة الشعور بالانتماء إلى "فارءه معاي". بوركت جهودكنّ/م." 

نسرين حمصي - الناصرة: 

"في صميم العمل الإعلامي الملتزم والصادق تتجلى الحرية الحقيقيّة. لا يسعني إلا أن أعبر عن خالص التقدير والإعجاب للدور الريادي الذي تلعبه منصة "فارءه معاي"، والتي أحدثت بالفعل فارقًا ملموسًا في المشهد الإعلامي بفضل التزامها بمبادئ النزاهة والشفافيّة. أتمنى لمنصة "فارءه معاي" أن تستمر في تألقها وإبداعها، وأن تحقق مزيدًا من النجاح والتقدم". 

ساجي الشوا – غزة/عمان: 

"تعرّفت على منصة "فارءه معاي" بشكل أقرب مع بداية الحرب على غزة، بصراحة أكثر ما يعجبني فيها هو الحرص على إبراز الصوت الفلسطيني بموضوعية واضحة... أرى أن نجاح "فارءه معاي" يتجلى بالالتزام الواضح بإصدار نشرة شهرية ينتظرها المتابع بكل نَهَم ليجد في تفاصيلها البوصلة الحقيقية التي تعالج القضايا التي يعيشها الناس بواقعيّة ومنطقيّة".

خالد جهاد – الأردن/السعودية:

"تعرفت على منصة "فارءه معاي" عن طريق المصادفة بينما كنت بصدد الكتابة عن موضوع يخص التراث والهوية الفلسطينية. وفي العادة تأخذ عملية الكتابة والبحث عن المصادر والمواد الأرشيفية الموثوقة لتحضير أي موضوع الكثير من وقتي..

لفت الموقع حينها نظري، خاصة وأني كنت أبحث عن جسر موثوق بيننا وبين أهلنا في الداخل لتعزيز تواصلنا والتأكيد على هويتنا التي لا تتجزأ، ولفتني التنوع في الأفكار والآراء ووجود مساحة فلسطينية تحتويهم معاً برغم التعارض بين بعضها أحياناً.. وأتمنى لها المزيد من التقدم والنجاح وتقريب المسافات أكثر وأكثر بيننا وبين بعضنا وبين وطننا وهويتنا الفلسطينية التي لا نرضى لها بديلاً..".

المحامي رضا جابر – الطيبة:

"المنصة تسد احتياجًا مهمًا للمعرفة والتفكير النقدي في شؤون حياتنا في السياسة والاجتماع. قوة المنصة هي بالتوليفة المبدعة بين النظري والعملي؛ أي أن مواضيعها ومقالاتها تجمع بين البُعدين بشكل مكثّف وسلس بعيدًا عن الإفراط في التحليل، ولكن ليس على حسابه، وبذلك يستطيع القارئ المهتم أن يفهم الموضوع بعمق، ولكن مع رؤية عملية أيضًا".

أدهم مناصرة – رام الله/قطر:

"في البداية، تعرفت على منصة "فارءه معاي" من خلال مشاركات زملاء للعديد من مقالاتها في مواقع التواصل الاجتماعي، سواء "فيسبوك" أو "إنستغرام".

وكان لافتًا بالنسبة لي أن المنصة عمِلت على كَسر النمطية التي تتبناها معظم المنصات ووسائل التواصل الاجتماعي، في اعتماد واختيار الكتاب، إذ أقامت "فارءه معاي" حالة توازنية مهمّة، وذلك بنشر مقالات لسياسيين وكتاب معروفين أصلًا، وأيضًا أتاحت الفرصة لصحافيين وناشطين شباب كي يكتبوا ويعبّروا عما يجول في خاطرهم إزاء الأحداث المتسارعة في بلادنا، وكيف يرونها بـ "عيونهم".

وبموازاة ذلك، اهتمت المنصة بمحتوى الفيديوهات القصيرة التي تحدّث خلالها شباب عن قضايا مجتمعية وسياسية.

بمعنى، عززت "فارءه معاي" حضور الصوت الشبابي، وإبراز كتاب جدد، وهذا مهم في تقديم المنصة الإعلامية انفتاحًا ليس فقط على مستوى الفكر والجندر، بل وأيضًا على مستوى الجيل.

وعند إتاحة الفرصة لي للكتابة في الأعداد الشهرية للمنصة بين فترة وأخرى، تعزز انطباعي أكثر تجاهها، وخاصة ما يتعلق بحرصها على تقديم قراءات وتحليلات للأحداث والحروب في المنطقة، وخاصة غزة ولبنان، بطريقة تجمع بين الوعي الوطني والمهنيّة.

وإلى جانب المضمون، تميّزت المنصة بشكل إخراجي جميل وتفاعلي ومريح لعين القارئ، وذلك من خلال تبويب الزوايا والمواضيع بعناوين سلسة ومباشرة وواضحة".

ملاك عروق – دالية الكرمل / النقب:

" تعرفتُ على منصة "فارءه مَعاي" عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ووجدتُ فيها منبرًا لكل إنسان حرّ في زمنٍ خَفَت فيه صوت الحق.

منذ اليوم الأول للحرب، تتعرض مناطق الـ 48 لسياسة تكميم الأفواه والترهيب، ورغم ذلك، استمرت المنصة في كونها مساحةً حرّة للمظلومين، وتصدح بصوت الحق.

فقد كانت صوتًا للأم التي فقدت جُزءًا منها، وصوتًا للأب الذي فقد "تحويشة العمر"، وصوتًا للطفلة التي اضطرت لأن تكون أمًا لأشقائها، وصوتًا للطفل الّذي أمضى يومه في جمع الحطب، تاركًا وراءه طفولته وأحلامه".

فارءه معاي: رحلة التحدي والإصرار 

وسط كل هذه التحديات، ظلت منصة "فارءه معاي" متمسكة برسالتها وقِيمها. بفضل التزام فريقها وإيمان جمهورها، استمرت في أن تكون مساحة للتعبير الحرّ ومصدرًا للأمل.

مع انتهاء عام 2024، نؤكد لكم أن "فارءه معاي" ستبقى صوتًا حرًّا يعبّر عن قضايا الشعب الفلسطيني ويسعى لتحقيق العدالة والحرية، مستمدةً قوتها من ثقتكم، ودعمكم وتفاعلكم المستمر.

أحمد ياسين

ناشط شبابي من مدينة رام الله، حاصل على شهادة الماجستير في تنمية المجتمعات الدولية، بتركيزٍ على تأثير الحركات الاستعمارية على المجتمعات وطرق تنميتها. يعتبر أحمد أحد الممثلين عن الشباب الفلسطيني في المحافل المحلية والدولية، وقد تحدّث عن فلسطين والقضية في مجلس الأمن، ومقر الاتحاد الأوروبي، وغيرها من المنصات الدولية والمحلية. يترأس أحمد مجلس إدارة مؤسسة الرؤيا الفلسطينية في القدس، وينشط مع مؤسسات الأمم المتحدة للمشاركة في تعزيز دور المرأة العربية والفلسطينية وتمكين مشاركتها.

رأيك يهمنا