تحدّيات المرأة الفلسطينيّة: بين السياسة والمجتمع والواقع والخيال

 مقدمة

بالنسبة للمرأة الفلسطينية، هناك فجوة واضحة بين الصورة المثالية التي تُصوَّر في الأدب والفن والواقع العملي الذي تواجهه. بعد اتفاقيات أوسلو وإنشاء المجتمع المدني، زادت الأعباء العامة والخاصة على النساء، حيث أصبحت أدوارهن متمركزة داخل مؤسسات المجتمع المنهجية والمسيّسة بشكل كبير، مما يترك مساحة قليلة للفردية والإبداع.

بين الخيال والواقع

الخيال

في عالم الخيال أو الصورة المثالية، غالباً ما تُصوَّر المرأة الفلسطينية كرمز للقوة والصمود. هذه الصورة مُبرزة في الشعر والأدب والفن، حيث تُرى النساء كقدوة للتحمل والقدرة على مواجهة الاحتلال والمشقات اليومية، وتكرّم القصائد والأغاني الشعبية النساء كمربيات للأجيال ومحاربات ثابتات.

الواقع

في الواقع، تواجه النساء الفلسطينيات تحديات عديدة تشمل:

1.    الاحتلال الإسرائيلي: تعاني النساء الفلسطينيات بشكل مباشر من آثار الاحتلال مثل الاعتقال، فقدان أفراد العائلة، وتكرار هدم المنازل. الحصار المستمر، خصوصاً في غزة، يؤثر أيضاً على وصولهن إلى الرعاية الصحية والتعليم.

2.    العنف الأسري والمجتمعي: تعاني النساء الفلسطينيات من العنف الأسري، الذي يتفاقم بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، كما يواجهن صعوبات في الوصول إلى العدالة بسبب القيود الثقافية والقانونية.

3.    التمييز الاقتصادي: تواجه النساء الفلسطينيات تمييزاً في سوق العمل، حيث تقل الفرص المتاحة لهنّ مقارنة بالرجال، ويتقاضين أجوراً أقل ويعملن في ظروف أصعب. هذا يحد من قدرتهن على تحقيق الاستقلال المالي والمساهمة بشكل كامل في الاقتصاد.

4.    القيود الثقافية والاجتماعية: على الرغم من التقدم في بعض المجالات، تستمر المعتقدات التقليدية والمحافظة في فرض قيود على النساء الفلسطينيات، مما يؤثر على حريتهن في اتخاذ القرارات الشخصية والمهنية.

المرأة الفلسطينية في السياسة والمجتمع

ما بعد أوسلو: زيادة الأعباء والمشاركة المحدودة

بعد اتفاقيات أوسلو وإنشاء المجتمع المدني، زادت الأعباء على النساء الفلسطينيات. أعتقد أنه بعد أوسلو والمؤسساتية، زادت الأعباء العامة والخاصة على النساء حيث أصبح عملهن متمركزاً داخل مؤسسات المجتمع المنهجية والمسيّسة، والتي لا تسمح بالفرص للفردية، متبعة أطرًا نظامية ومسيّسة. معظم هذه الأطر ذات هيكل ونفوذ ذكوريين، حتى وإن كان تنفيذها عبر ما يسمى بمنظمات النساء.

التحديات السياسية والاجتماعية

1.    التمثيل السياسي المحدود: على الرغم من وجود النساء في المجلس التشريعي الفلسطيني والمناصب الحكومية، يبقى تمثيل النساء محدوداً مقارنة بالرجال، تواجه النساء قيوداً ثقافية واجتماعية تقلل من فرصهن في الترشح للمناصب والمشاركة الفعالة في الحياة السياسية.

2.    العنف الأسري والمجتمعي: لا يزال العنف ضد النساء مشكلة كبيرة في المجتمع الفلسطيني، التقاليد والممارسات الثقافية تجعل من الصعب على النساء التحدث عن العنف أو السعي لتحقيق العدالة.

3.    القيود الثقافية: تلعب القيم والتقاليد المجتمعية دوراً كبيراً في تحديد أدوار النساء، مما يحد من حريتهن في اتخاذ القرارات الشخصية والمهنية، النساء اللواتي يحاولن كسر هذه القيود يواجهن مقاومة وضغوطات كبيرة.

4.    التحديات الاقتصادية: تؤثر الظروف الاقتصادية الصعبة على قدرة النساء على المشاركة سياسياً واجتماعياً، النساء اللواتي يواجهن البطالة أو التمييز في الأجور يجدن صعوبة في تخصيص الوقت والموارد للمشاركة السياسية والاجتماعية.

التمكين والمشاركة الفعالة

تتطلب المشاركة الفعالة للنساء تمكينهن بوسائل تُيسّر مشاركتهن، مع الأخذ في الاعتبار أدوارهن كامرأة، وأم، وأدوار اجتماعية أخرى، يجب أن تكون تصاميم المشاركة ملائمة للنساء ومراعية لظروفهن.

خلق مكان للمرأة في صنع القرار

خلق مكان للنساء في هياكل صنع القرار يتجاوز الحصة الرسمية المطبقة قانونياً وحرفياً، قد تشغل النساء مناصب مهمة في مناطق صنع القرار، ولكن إلى أي مدى يشاركن بفعالية في تشكيل مستقبل البلد؟

الخاتمة

بين الخيال والواقع، تقف المرأة الفلسطينية كرمز للصمود والتحدي، بينما تسعى النساء لإحقاق حقوقهن السياسية والاجتماعية، يمكن أن يساعد الدعم المستمر والإصلاحات الهيكلية في تحويل هذه الصور المثالية إلى واقع ملموس. إن تعزيز دور النساء في السياسة والمجتمع ليس فقط ضرورياً لتحقيق العدالة والمساواة، بل هو أيضاً مفتاح لبناء مستقبل أكثر إشراقاً واستقراراً لفلسطين.


الإحالات:

1.    تقرير الأمم المتحدة عن المرأة الفلسطينية وتأثير الاحتلال: [هيئة الأمم المتحدة للمرأة]

2.    مقالات عن دور المرأة الفلسطينية في السياسة: [مركز الدراسات الفلسطينية]

3.    دراسات عن العنف الأسري في فلسطين: [الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني]

4.    مقالات عن التحديات الاقتصادية للنساء الفلسطينيات: [منظمة العمل الدولية]

5.    مقالات عن مبادرات النساء في المجتمع الفلسطيني: [منظمة المرأة العربية]

سِهام فيّاض

محترفة متميزة حاصلة على درجة الماجستير، معروفة بخبرتها في تنظيم المجتمع، وتطوير المنظمات، وإدارة المشاريع، والرصد والتقييم، وتحويل النزاعات، وتدريب "عدم الإضرار". بفضل خلفيتها القوية في تمكين المجتمعات وتعزيز التعاون، تتميز سِهام في تصميم وتنفيذ برامج فعالة تُعزز التنمية المستدامة والتغيير الإيجابي.

تميزت مسيرتها المهنية بالتفاني الراسخ في تعزيز مشاركة المرأة في التحول الاجتماعي والسياسي. تبرز كفاءتها في حل النزاعات والممارسات الأخلاقية التزامها بخلق مجتمعات عادلة ومتماسكة. وقد أسهم نهجها الاستراتيجي وقيادتها البصيرة باستمرار في تقدم العديد من المبادرات التي تهدف إلى تعزيز المجتمعات الشاملة والمتناغمة.

رأيك يهمنا