واقع السياحة في قطاع غزة
يلعب القطاع السياحي دوراً بارزاً في التنمية الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة في الدول؛ وذلك لأنه يُعَدُّ مصدراً هامًّا من مصادر الدخل بالعملة الصعبة، ويوفّرُ فرصَ عملٍ مباشرة في القطاع السياحي والأنشطة المختلفة وفُرَصًا غير مباشرة داخل القطاعات التي تمد النشاط السياحي بالسلع.
أصبح قطاع السياحة والسفر أكبر قطاع مزوِّد للخدمات في العالم، وتدلُّ إحصائيات منظمة السياحة العالميَّة، أنه وبرغم الصدمات التي يعانيها القطاع السياحيّ في بعض المناطق في العالم، إلا أنَّ نموَّ عدد السيّاح ينمو بدون انقطاع تقريبا، حيث نما عدد السيّاح من 25 مليون سائح في العام 1950م إلى 278 مليون سائح في العام 1980م، إلى 528 مليون سائح في العام 1995م، حتى وصل إلى 1035 مليون سائح في نهاية عام 2012م، كما وتتوقع أن ينمو عدد السيَاح سنويًا ليصل مع نهاية 2023م إلى 1.8 بليون سائح.
تُعَدُّ السياحة واحدة من أهم مصادر الدخل في الاقتصاد الوطني للعديد من الدول العربيّة، وتشكّل أحد أهم القطاعات المعول عليها للمساهمة في رفع النموِّ الاقتصادي، ومن ثم تحقيق التنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة المنشودة، كما تمثل أحد أهم مكوِّنات الصادرات الخدميَّة ذات التأثير الكبير في ميزان المدفوعات، وهي من الأنشطة التي تساهم بفاعلية في زيادة الناتج المحلي الإجمالي وزيادة إيرادات النقد الأجنبي.
وعلى الرغم من تمتع فلسطين عامةً وقطاع غزة خاصةً بالعديد من المقوِّمات السياحيَّة، إلا أن نصيب فلسطين من السياحة العالميَّة ما زال ضعيفاً جداً، وهو ما يستدعي ضرورة تدعيم السياحة، من منطلق أنها أصبحت صناعة لها مقوِّمات مهمَّة وأساسيَّة متعدِّدة تتجاوز بكثير التراث التاريخي والموارد الطبيعية.
على الرغم من احتواء قطاع غزة على أكثر من 150 معلمًا سياحيًّا وأثريًّا، فإنه يُعاني حال شلل تام في السياحة التي باتت معالمها تشكو تراكم الغبار فوقَها، وتسجل في كل صباح خسارة جديدة، وصلت إلى أكثر من 115 مليون دولار خلال الأعوام الأخيرة، الأمر الذي يرجع إلى تدهور الأوضاع السياسيَّة والأمنية فيها.
ويتمثل العائق أمام الزائرين الدوليين في توتر الأوضاع الأمنية في القطاع، الذي يصنَّف على أنه أكثر المناطق سخونة في العالم، فضلًا عن أن إسرائيل ترفض منح إذنِ زيارة للسائحين، في حين يدخل بعضهم القطاع كوفود قادمة لإنهاء مَهمَّاتٍ معيَّنة.
أما السائحون المحليون فإن أسباب عزوفهم عن هذه الرحلات كثيرة، فهم يعيشون أوضاعا اقتصادية صعبة بعد وصول نسبة البطالة إلى 75 في المئة، وارتفاع نسبة الفقراء إلى 55 في المئة، فضلاً عن سوء رواتب الموظفين الحكومييّن الذين يتقاضون نصف رواتبهم. والأمر ليس مقتصراً على سوء حياة السكان فقط، فهم منشغلون أيضًا بالأوضاع السياسة ومراقبة الوضع الأمني المتوتر.
وهكذا تقتصر السياحة الداخلية على طلاب المدارس في تنظيم رحلات ترفيهية يزور الطلابُ خلالها المناطق الأثرية. لكن نظام التعليم في غزة يفتقر إلى فكرة البحث من خلال الدراسة الميدانية، إذ لا تكلف المؤسسات التعليميَّة - المدارس والجامعات - طلابها بهذا الأمر، وهو ما من شانه تعزيز المعلومات لديهم، وجعلهم يؤثرون بشكل أو بآخر على أولياء أمورهم فيدفعونهم لزيارة المناطق السياحيَّة.
دفعت حالة الانهيار بكثير من أصحاب هذه المنشآت السياحية، كالفنادق والمطاعم وصالات الأفراح وغيرها، إلى خيارات قاسية عدة، أبرزها تقليص أعداد العاملين لديهم أو خفض عدد أيام العمل لتخفيض مصروفات الرواتب، كما اضطروا إلى خفض الأسعار وحتّى إلى إغلاق المحالِّ كليًّا، كما فعل بعضهم أخيراً.
الكثير من المطاعم والمنشآت السياحية انتهجَ سياسة العروض واستغلال منصات مواقع التواصل الاجتماعي لجذب الزبائن في ضوء حالة الركود شبه التام نتيجة شح السيولة النقدية لدى الفلسطينيين في القطاع.
تصنف الوزارات الحكوميَّة المطاعم والمقاهي المنتشرة على طول شاطئ البحر بأنها سياحيَّة، وتشهد هذه المناطق حركة توصف بالجيّدة، لكنَّ روّادَ هذه المناطق هم المقتدرون ماليًّا فقط، لقضاء سهرات او أوقات للتفريغ النفسي أكثر من الهدف السياحي.
وبحسب من عايشَ الفترة ما بين 1952م- 1967م في قطاع غزة، فإن تلك الفترة تعتَبَرُ على أنها كانت عصر السياحة الذهبي في القطاع، لكنها بدأت بالتراجع بعد حرب حزيران/ يونيو 1967م عندما احتلت إسرائيل القطاع من مصر. وبعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى في عام 1987م أضحى هذا المجال في غزة يعتمد على السياحة المحليَّة فقط.
حقائق وأرقام عن القطاع السياحي في غزة:
تدهورَ الطلب السياحي في قطاع غزة، بعد فرض الحصار الإسرائيلي المشدَّد، وإغلاق المعابر، في العام 2006م، إذ تراجع عدد الفنادق في العام 2009م، وكانت نسبة النزلاء أقل من 1%. وبلغ عدد النزلاء في العام 2010م 510 نزلاء.
بلغ إجمالي النفقات على الرحلات المحلية في قطاع غزة عام 2009 نحو 2.8 مليون دولار، ولكن السياحة المحلية أخذت تتراجع نتيجة للحصار والحروب الإسرائيلية وتقليص رواتب موظفي غزة، وإحالة عدد كبير منهم إلى التقاعد.
قدرت وزارة التخطيط بغزة إجمالي خسائر القطاع السياحي في غزة خلال العامين 2008م- 2010م، بنحو 9.2 مليون دولار، منها 6.7 مليون دولار خسائر مباشرة، و 0.8 خسائر غير مباشرة، فيما بلغت الخسائر المباشرة للفنادق حوالي 5.34 مليون دولار، والمطاعم 1.05 مليون دولار خلال نفس المدة.
بلغت خسائر القطاع السياحي المحلي في غزة، في العام 2015م، حوالي 6 ملايين دولار، ووصل إجمالي الخسائر، منذ فرض الحصار في العام 2006م، وحتى العام 2015م، إلى نحو 40 مليون دولار.
أدى الحصار والإغلاق إلى تراجع الاستثمار في القطاع السياحي، حيث بلغ 84.060.204 دولار في العام 2013م، فيما بلغ متوسط الإيرادات السنوية للفنادق نحو 32.653 دولار.
استهدفت قوّات الاحتلال 39 منشأة سياحيّة، حتى العام 2010م، وبلغ إجمالي الخسائر الناجمة عن حرب العام 2014م بنحو 4 ملايين دولار.
ولتنشيط السياحة في قطاع غزة، ومواجهة المعيقات التي تعترض النشاط السياحي، يجب:
وضع استراتيجية شاملة لتسويق القطاع في مختلف أنحاء العالم، مع التركيز على الجانب الإعلامي في هذا المضمار.
تطوير الخدمات السياحية في القطاع والعمل على رفع مستواها لمواجهة المنافسة الإسرائيلية الشرسة.
تشجيع الاستثمار في القطاع السياحي، خاصة في قطاع غزة، من خلال تخفيض الضرائب وتشجيع المستثمرين الوطنيين والعرب والأجانب.
فضح الممارسات الإسرائيلية بشكل حقيقي بعيدا عن التهويل والمبالغة.
العمل على زيادة الوعي السياحي.
دحض المزاعم الإسرائيلية الهادفة إلى ضرب القطاع السياحي وسرقة أو تزوير المعالم الحضارية المختلفة.
عادة تأهيل الكوادر الفلسطينيّة العاملة في القطاع السياحي على أسس علميّة صحيحة.