"أنتم عالِقون في فُقاعة من الوعي الزائف ولا تَفهمون حقيقة الصِراع".. وقد فاجَئني مثلكم هجوم "طوفان الأقصى" بـقُوّته

تاريخ إجراء المقابلة 22 تشرين الثاني 2024

رشيد خالدي يخاطب الإسرائيليين في حديث لـ "هآرتس" العبرية

خاطب المؤرخ الفلسطيني بروفيسور رشيد الخالدي الإسرائيليين في حديث طويل لصحيفة "هآرتس" بالقول: “أنتم عالقون في فُقاعة من الوعي الزائف ولا تَفهمون حقيقة الصراع"، موضحًا أنه فوجئ بقوة هجوم "طوفان الأقصى" رافضًا المساس بالمدنييّن الإسرائيليين أيضًا. وتستهل الصحيفة العبرية هذا الحديث مع الخالدي، الذي يتحدث من نيويورك، عن منابع الصراع مع الصهيونية بالقول: "في 15 أيار/ مايو 2024، بَعد يوم من اقتحام شرطة نيويورك، باستخدام قنابل الصوت، مبنىً تحصّن فيه متظاهرون مؤيّدون للفلسطينيين في حرم جامعة كولومبيا، خرج البروفيسور رشيد خالدي إلى بوابة الجامعة للتحدّث إلى المتظاهرين. بنظاراته الشمسيّة ومُكبّر الصوت في يده، قال المؤرخ الفلسطيني للطلاب: عندما كنت طالبًا في الستينيات وكنّا نعارض حرب فيتنام والعنصرية، كنّا ضمير هذه الأمة. اليوم لا أحد يتذكر أسماء أعضاء مجلس الإدارة الذين أدخلوا الشرطة إلى الحرم الجامعي عام 1968. اليوم، تُكرّم كولومبيا الطلاب الذين عارضوا الحرب القاتلة آنذاك. ما فعله طلابنا هنا سيتم تذكّره بالطريقة نفسها. إنهم على الجانب الصحيح من التاريخ". وتنوه "هآرتس" أن الخالدي يُعتبر أهم مثقف فلسطيني في جيله، وخليفة إدوارد سعيد، وأبرز مؤرخ حيّ لفلسطين. في الشهر الماضي، تقاعَد من جامعة كولومبيا بعد 22 عامًا، شَغَل خلالها أيضًا منصب رئيس تحرير مجلة الدراسات الفلسطينية. كما تستذكر أنه في كتابه "حرب المائة عام على فلسطين"، الذي نُشر عام 2020، لخّص الخالدي الصراع من خلال ستة "إعلانات حرب" على الفلسطينيين، بعضها لا يَعتبره القارئ الإسرائيلي حروبًا، مثل وعد بلفور واتفاقية أوسلو. وتتابع الصحيفة العبرية: "تمّ تصوير مُعلني الحرب - بريطانيا والولايات المتحدة، وخاصة إسرائيل - على أنهم قُوى قمعيّة هائلة تسحق الفلسطينيين وحقوقهم مرارًا وتكرارًا. هل يتعلق الأمر مرة أخرى بـ "الفلسطينيين الذين يتمرغون في ضحاياهم" (على حدّ تعبير خالدي، الذي يدرك جيدًا الانتقادات)، أم بمنظور مختلف للأمور؟ إذا حكمنا من خلال حجم مبيعات الكتاب، فإنه يستحق الاهتمام. منذ 7 أكتوبر، قَفز إلى قائمة أفضل الكتب مبيعًا في صحيفة نيويورك تايمز وظل هناك طوال معظم فترة الحرب، مدّةَ 39 أسبوعًا. وفقًا لخالدي، فإن الحرب الحالية ليست 11 سبتمبر الإسرائيلي، وليست نكبة جديدة، وعلى الرغم من الصّدمة والنطاق غير العادي للعنف، فإنها لا تقع خارج التاريخ، بل على العكس من ذلك: الطريقة الوحيدة لفهمها هي في سياق حرب المائة عام التي تُشنّ هنا". وتنوه الصحيفة إلى أن الخالدي ينحدر من إحدى أقدم العائلات الفلسطينية وأعرقها في القدس، من بين أبنائها سياسيون وقضاة وعلماء، وشجرة عائلتها تعود إلى القرن الرابع عشر. في مكتبة الأسرة الشهيرة التي أسسها جده عام 1900 في مبنى مملوكي من القرن الثالث عشر في الحيّ الإسلامي، تم حفظ أكبر مجموعة خاصّة من المخطوطات العربية في فلسطين: أقدمها يبلغ من العمر حوالي ألف عام. في الشارع نفسه، يوجد منزل آخر تملكه الأسرة، من المفترض أن يُشكِّل توسِعة للمكتبة. في الشهر الماضي اقتحم المستوطنون المنزل واستولوا عليه. وتقول "هآرتس": "إنه أثناء حرب 1948، كان والده طالبًا في نيويورك، وولد خالدي هناك في عام 1948، وفي مراحل مختلفة، امتزج تاريخ حياته بتاريخ الصراع، موضوعَ بحثه: كان يُدرّس في الجامعة الأمريكية في بيروت عندما حاصر الجيش الإسرائيلي المدينة. بحكم علاقاته بقيادات منظمة التحرير الفلسطينية، كثيرًا ما كان المراسلون الأجانب يَنقلون عنه باعتباره "مصدرًا مطلعًا"، بعد وقف إطلاق النار، نَظَر في حيرة إلى "مشهد سريالي: قنابل مضيئة إسرائيلية تسقط في صمت مطلق فوق جنوب بيروت، فيما بدا وكأنه أبدي". في اليوم التالي اتضح أن القصف كان يهدف إلى إضاءة الطريق أمام ميليشيا الكتائب في صبرا وشاتيلا".

كما تستذكر "هآرتس" أنه بين عامي 1991 و1993، عَمل خالدي مستشارًا للوفد الفلسطيني في محادثات السلام في مدريد وواشنطن. أوضح لاحقًا انتقاداته لدور الأمريكيين في المفاوضات في كتابه "خداع الوسطاء"، حيث زَعَم -بتعبير "هآرتس"- أن الجهود الدبلوماسية الأمريكية في الشرق الأوسط أدّت فقط إلى إبعاد إمكانية السلام. يقول الآن: "كان الأمريكيون أكثر إسرائيلية من الإسرائيليين". "إذا قال الإسرائيليون أمنًا، فإن الأمريكيين ينحَنون ويضربون رؤوسهم على الأرض. والنسخة الأكثر تطرفًا من ذلك هي جو "صبرا" بايدن، الذي يتحدث كما لو كان دانيال هاجري". وتضيف: "رفض الخالدي حضور حفل توقيع اتفاقيات أوسلو في حديقة البيت الأبيض عام 1993". يقول: "لم أعتقد أن ذلك سيوصِل إلى مكان جيد". وعما يجري اليوم تتابع "هآرتس": "الخالدي غاضب. قال أشخاص كانوا على اتصال به في الأيام التي أعقبت 7 أكتوبر إنه شعر بالفزع. قال: لقد أثر ذلك عليّ مثل أي شخص لديه روابط شخصية في المنطقة. أنا متأثّر بذلك على جميع المستويات". لديه عائلة في غزة والضفة الغربية وبيروت، وله العديد من الطلاب والأصدقاء في إسرائيل. عندما سألتُه عما إذا كان قد فوجئ بمستوى العنف، توقف لحظة للتفكير. قال: "نعم، لقد فوجئت"، وأضاف: "أقل من ردّ الفعل الإسرائيلي". طوال المحادثة، كان واضحًا الأهمية التي يوليها للحفاظ على قناة مفتوحة مع الإسرائيليين. لهذا السبب وافق أيضًا على إجراء المقابلة. في رأيه، هذا جزء لا يتجزأ من الطريق إلى النصر".

ما رأيك في شعور المجتمع الفلسطيني في الوقت الحالي؟

"هناك قَدْر من الحزن والألم لا يزول ببساطة. هناك ببساطة الكثير من الناس الذين قُتلوا، وأشخاص دُمرت حياتهم إلى الأبد، وأشخاص، حتى لو نجوا، سيعانون من صدمة لا يمكن عِلاجها. لكن هذا حَدَث من قَبل أيضًا. قُتل 19 ألف لبناني وفلسطيني عام 1982...".

بحسب خالدي، "يعيش الإسرائيليون في فقاعة صغيرة من الوعي الزائف تخلقها لهم وسائل الإعلام والسياسيون الإسرائيليون، وبالتالي فَهُم لا يفهمون الرأي العام العالمي". طبقا لـ الخالدي "يحدث التغيير في الرأي العام لأن الناس يَرون ما يحدث بالفعل ويتفاعلون، كما يتفاعل الناس العاديون مع الأطفال القتلى". يقول: "الإسرائيليون لا يرون أطفالًا قتلى. لا يُسمح لكم برؤيتهم. أو يتم تأطير ذلك كما لو كان خطأهم أو خطأ حماس أو "دروع بشرية" أو أي تفسير كاذب آخر. لكن معظم الناس في العالم يرون ذلك على حقيقته. إنهم لا يحتاجون إلى أكاذيب الأدميرال هاجري ليُخبرهم أن ما يَرونه ليس حقيقيًا".

ما الذي أثار دهشتك في مستوى العنف في 7 أكتوبر؟

"مثل المخابرات الإسرائيلية، لم أعتقد أيضًا أنّ مثل هذا الهجوم الكبير ممكن. لكنه مثل مقدار الضغط في غزة. أنت تضيف وتضيف ضغطًا، ليس على مدى عقود، بل على مدى أجيال. عاجلاً أم آجلاً، سينفجر. يمكن لأي مؤرخ أن يخبرك أن قطاع غزة هو المكان الذي كانت فيه القومية الفلسطينية الأكثر تطورًا، حيث تم تشكيل حركة تلو الأخرى. في ضوء الضغط الذي مُورس على الأشخاص الذين حُشروا داخل هذه المنطقة، بينما يَرون قراهم السابقة عبر "الخط الأخضر" مباشرةً، كان ينبغي أن يكون أي مؤرخ قادرًا على توقع ذلك. كما تعلم، إنه سبب ونتيجة. لكنني لم أتوقّع هذا المستوى".

هل أتيحت لإسرائيل فرصة حقيقيّة للخروج من هذه الحلقة المفرغة؟

"لقد سارت إسرائيل في الاتجاه نفسه طوال معظم هذا القرن. كانت آخر عَلامة على الرغبة من جانب الحكومة الإسرائيلية في فعل شيء غير استخدام القوّة في عهد أولمرت، ولا أقترح أن تكون هذه نقطة خروج. لكن بصرف النظر عن هذا الاستثناء، إنه جدار حديدي منذ زئيف جابوتنسكي. القوّة والمَزيد من القوّة. أنتم تحاولون إجبار الناس على قبول حقيقة استفزت الشرق الأوسط منذ عشرينيات القرن الماضي. تقرأ الصحافة في سوريا ومصر والعراق عام 1910، وتجد الناس قلقين بشأن الصهيونية".

يبدأ كتابك برسالة أرسلها أحد أفراد عائلتك، وهو مثقف من القدس إلى هرتزل عام 1899. كتب له إن الصهيونيّة طبيعية وعادلة، "من يستطيع أن يجادل في حقوق اليهود في فلسطين؟" لكنّها مسكونة بالفعل من قبل آخرين، أضاف، والذين لن يقبلوا أبدًا محاولة استبدالهم. كتب: "باسم الله، اتركوا فلسطين وشأنها"؟

"لقد رأى ذلك بالوضوح نفسه الذي أراك به الآن. لقد تسبّبت هذه الحقيقة في حدوث صدمة منذ البداية. في الثلاثينيات، جاء متطوعون من سوريا ولبنان ومصر للقتال. حتى في عام 1948، أرى ذلك على أنه سلسلة متصلة. بصراحة، لا أعتقد أنه يمكن للمرء أن يرى ذلك بطريقة أخرى. عليك أن تتظاهر بأن التاريخ بدأ في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، أو في 7 حزيران/ يونيو 1967، أو في 15 أيار/ مايو 1948. لكن التاريخ لا يعمل بهذه الطريقة".

ومع ذلك، أنت تصف عام 2006 بأنه إمكانية للخروج من هذه الحلقة المُفرَغة. لقد قامت حماس، كما تزعم، بانقلاب مفاجئ، وشاركت في انتخابات السلطة الفلسطينية بحملة معتدلة، وبالتالي اعترفت بشكل غير مباشر بحلّ الدولتين. هل تعتقد أن حماس كانت في خضم تحوّل صادق كان من الممكن أن يؤدي، على المدى الطويل، إلى إنهاء العنف؟

"ليس لديّ إمكانية الوصول إلى قلوب قيادة حماس وعقولها. ما يمكنني قوله هو إنه ضمن نطاق الآراء، كان لذلك صدىً تجلى في بعض التصريحات ولدى بعض القادة. أعتقد أن هذا يشمل أيضًا الفترة التي سبقت "وثيقة السجناء" وحكومة الوحدة عام 2007، وربما حتى الشيخ أحمد ياسين الذي تحدث عن هدنة مدّةَ مائة عام. هل كان هذا يمثّل الجميع؟ أنا لا أعرف. ماذا كان في قلوبهم؟ لا أعرف. لكن يبدو أن هناك شيئًا ما اختارت إسرائيل سَحقه بعناية".

كيف تفسر ذلك؟

"من الواضح تمامًا أنه في الطيف السياسي الإسرائيلي، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، لم يكن هناك قبول بالسيادة والاستقلال الفلسطيني الكامِلين. في أقصى اليمين مع نتنياهو، هذا واضح، لكن حتى رابين، في خطابه الأخير أمام الكنيست، تحدث عن "أقل من دولة" مع السيطرة على غور الأردن. ماذا يعني ذلك؟ استمرار الاحتلال بشكل مختلف. هذا هو في الأساس ما عرضه باراك وأولمرت أيضًا، مع تغييرات طفيفة".

في المراحل النهائية، في طابا، في أنابوليس، كان هناك حديث عن السيادة؟

"معذرةً، في دولة ذات سيادة، لا تَخضع سِجلات السكان لسيطرة قوة خارجية. ولا المَجال الجوي، ولا مَصادر المياه. هذه ليست سيادة، إنها "بانتوستان"، محميّة هندية، يمكنك تسميتها ما تريد. دولة صغيرة، دولة جزئية، أو "أقل من دولة".

ربما كانت الرّغبة ستتطور لاحقًا. أُلقي خطاب رابين تحت ضغط سياسيّ هائل.

"ربما. لو لم يكن هناك 750 ألف مستوطن، ولو لم يُقتل رابين، ولو كانت الظروف السياسية مختلفة، ولو كانت منظمة التحرير الفلسطينية أكثر صرامة. في واشنطن، قُلنا للأمريكيين، نحن نتفاوض على الكعكة بينما يأكلها الإسرائيليون، مع استمرار الاستيطان. لقد قدمتم ضمانات للحفاظ على الوضع الراهن، وها هم يسرقون. لم يفعل الأمريكيون شيئًا. عند هذه النقطة، كان ينبغي أن يكون واضحًا أنه إذا لم ندافع عن موقفنا، فسيستمر الاستعمار والاحتلال بشكل مختلف، وهذا ما فعلته أوسلو. جزء من المشكلة هو أن الفلسطينيين قبلوا في أوسلو الأشياء الفظيعة التي عُرضت علينا في واشنطن. لقد أعطوا 60٪ من الضفة الغربية لإسرائيل كمنطقة C. كانت هذه تنازلات من منظمة التحرير الفلسطينية، وليست خطأ إسرائيل. ما كان ينبغي لأيّ قيادة فلسطينية أن تقبل مثل هذه الاتفاقيات".

تحدث زميلك، البروفيسور شلومو بن عامي، عن كامب ديفيد على أنها فشل قيادي فلسطيني. في مقابلة عام 2001، قال: إن الفلسطينيين لم يتمكنوا من التحرر من [فكرة] الضحايا. تحدث عرفات عن الأساطير فقط، وأن "أكثر من رغبتهم في دولة خاصة بهم، يريدون التنديد بدولتنا". هل من الممكن أنه في النهاية، في لحظة الحقيقة، ضاعت الفرصة التاريخية بسبب قيادة عرفات؟

"أتريد أن تنزل معي إلى الأعشاب، أريد أن أنهض وأنظر إلى الحديقة الفاسدة. هناك رئيس [بيل كلينتون] أضاع سبع سنوات ونصف من رئاسته وفي تموز/ يوليو [2000]، قبل [أشهر] من الانتخابات [الأمريكية]، أحضر الناس إلى كامب ديفيد. إنه ليس بطّة عرجاء، إنه بطّة ميتة. هل تريد التوسُّط؟ افعل ذلك في الإطار الزمني الذي حدده الاتفاق الذي وقعته عام 1993. لقد خسر باراك بالفعل أغلبيته في الكنيست، إنه بطّة أخرى تحتضر. وعرفات، أين هو في عام 2000؟ لقد عِشتُ في القدس في أوائل التسعينيات. كان بإمكانك الذهاب إلى أي مكان بلوحة خضراء، إلى الجولان، إلى إيلات، إلى غزة. كان هناك 100 ألف عامل في إسرائيل. كان الإسرائيليون يتسوّقون في جميع أنحاء الضفة الغربية. في عام 1999، توقف الاقتصاد الفلسطيني. تصاريح، حواجز، جدران، حظر تجوّل، فَصل. انهارت شعبية عرفات، السؤال "لماذا لم ينتهز الفلسطينيون الفرصة التي أتاحها الانسحاب؟" هو سؤال غبي يطرحه أناس يحاولون تبرير رواية كاذبة. ظلت غزّة محتلة. المجال الجوي، المجال البحري، كل دخول وخروج، كلّ استيراد وتصدير، سِجِل السكان اللعين ظل في أيدي إسرائيل! ما الذي تغير؟ تم إخراج المستوطنين؟ قال دوف فايسجلاس، مستشار شارون، إن الهدف كان وضع العملية السياسية في "الفورمالين". هل تعتقدون أننا لا نستطيع قراءة اللغة العبرية، باسم الله؟".

أنت تتحدث عن تدهور أوضاع الفلسطينيين في التسعينيّات، لكن فصلًا مهمًا ومؤلمًا [حَدَث] في تلك السنوات، والذي تصفه أيضًا في كتابك باعتباره أمرًا عابرًا، هو التفجيرات الانتحاريّة بين عامي 1994 و1996.

"بدأ الفَصل قبل أول تفجير انتحاري. كانت فكرة الفصل أساسية للطريقة التي فهم بها رابين وبيريس العملية منذ البداية، والفصل يعني تسييج الفلسطينيين في جيوب صغيرة وفصلهم عن الاقتصاد الإسرائيلي. تم تخطيط كلّ هذه الأشياء مسبقًا. ذريعة التفجيرات الانتحارية تُفسِّر التفاصيل، وليس الفكرة". لقد كانت عاملًا مهمًا في إحباط العملية. تذكر ما سَبق التفجيرات الانتحارية"؟

سَفّاح مذبحة الخليل باروخ جولدشتاين؟

"نعم، وكذلك ما فَعله رابين في أعقاب المذبحة. لم يَقتلع [مستوطنة] كريات أربع. لم يُخرج المستوطنين من الخليل. لم يعاقِب الجناة، لقد عاقب الفلسطينيين، وأصبح معنى أوسلو واضحًا: توسيع الاحتلال وتعزيزه. استغلت "حماس" الموقف، لقد رأوا أن الهيكل بأكمله الذي حاول عرفات بيعه للفلسطينيين لم يكن يسير في الاتّجاه المطلوب. لقد أعطاهم ذلك منفذًا هائلاً، هذا وكل الأشياء الأخرى التي حدثت. ساء وضع الفلسطينيين في التسعينيات، وهذا أعطى "حماس" ذخيرة هائلة. إذا عدنا إلى الوراء من عام 1973 إلى عام 1988، تراجعت منظمة التحرير الفلسطينية عن موقف تحرير فلسطين بأكملها وابتعدت عن استخدام العنف. تمّ تلخيص كل هذا في إعلان المجلس الوطني الفلسطيني عام 1988 في الجزائر العاصمة. كان هناك معارضون لذلك. لقد وجَدوا مكانهم في "حماس"، و"الجبهة الشعبية"، وما إلى ذلك. كيف يمكن للفريق الأول أن يفوز؟ يجب أن يقدّموا شيئًا لأنصارهم، دليلًا ملموسًا على أن نهجهم ناجح. لكنهم لا يقدّمون أي شيء لقاعدتهم. لا شيء. الوضع يزداد سوءًا فقط عمّا كان عليه في أوائل التسعينيات. لذلك من الطبيعيّ أن يجد أولئك الذين يؤيدون الكفاح المسلح والتحرير الكامل الدعم. من جانب إسرائيل، يبدو أنها غير مستعدة للتخلّي عن الأرض، أو السكان، أو سِجلات السكان، أو الأمن، أو الجسور، أو "الشاباك" الذي يزج أصابعه في أنوف الجميع. هذه هي الأشياء التي لن يتخلّوا عنها، وهذا أهم من الأساطير التي لم يُطَلّقها عرفات".

عن "القدس العربي".

استخدام الصورة بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال ملاحظات ل [email protected].

وديع عواودة

كاتب صحافي ومحلل سياسي فلسطيني

رأيك يهمنا