النكبة في الوعي والأدب الفلسطيني: أرشفة البقاء
يمكن تعريف النكبة تاريخيًا في الأحداث التي تلت قرار التقسيم في تشرين الثاني/نوفمبر 1947، اندلاع الحرب والتطهير العرقي لنحو 750 ألف فلسطينيّ من خلال تدمير مئات القرى والمدن، وانتهاءً بتوقيع اتفاقيات الهدنة في كانون الثاني/يناير 1949. كان لأحداث النّكبة تأثير هائل على المجتمع الفلسطينيّ. فقد أدّى التّهجير الجماعيّ خلالها إلى تمزّق النسيج الاجتماعيّ والثقافي والاقتصادي الفلسطينيّ بشكلٍ كلّي تقريبًا. في الواقع، لم تكن النكبة سوى ذروة سيرورة بدأت مع بداية القرن العشرين، التي يمكن تأريخها منذ وعد بلفور في العام 1917، أو في الهجرات اليهودية من أوروبا الى فلسطين في نهايات القرن التاسع عشر. مع هذا، تعتبر النكبة حدثًا مفصليًّا ومؤسِّسًا في التاريخ والوعي الفلسطيني.
والسؤال هو، لماذا نبدأ عادةً تأريخنا للقضية الفلسطينية في النكبة؟
للإجابة على هذا السؤال علينا أن نقرأ النكبة ليس فقط كحدث الذي حصل في لحظة محدّدة في التاريخ، أي كحدث شارك فيه أفراد، جماعات ودول في صراعٍ يحمل موازين قوى (عسكرية واقتصادية) ومصالح متباينة. إنّما علينا أن نقرأ النكبة كمفهوم في الوعي الجماعي الفلسطيني. لذلك، فإنّ فهمنا للنكبة وتداعياتها في تطوّر دائم، وهو مرتبط بشكلٍ وثيق بالإدراك الفلسطيني أنّ الصّراع مع الصهيونية ليس فقط على الأرض، إنّما أيضًا على التاريخ. بكلمات أخرى، لا يحارب الفلسطينيون فقط من أجل تحرير الأرض، إنّما ضد محوهم الكليّ من التاريخ.
لقد أنكرت الحركة الصّهيونية وجود الفلسطينيين أصلاً، لكن تبلور هذا الإدراك بشكل واضح في حرب العام 1967 (المعروفة أيضًا بالهزيمة أو النكسة). ببساطة، مع اكتمال احتلال باقي أرض فلسطين في العام 1967 لم يعد الفلسطينيّ يملك إلّا قصّته وقضيته، وعبّر الفلسطينيون عمّا يمكن تسميته الخوف من النسيان (Athazagoraphobia). في أدبيات علم النفس، خصوصًا في حالات أمراض فقدان الذاكرة مثل مرض آلزهايمر وما الى ذلك، يعرّف هذا الرّهاب على أنّه "خوف من أن ننسى أو ينسانا أحباؤنا"، أو "الخوف من الاندثار الكليّ". للاستجابة لهذا الخوف، شرع الفلسطينيون في حفظ الرواية، السّيرة والتأريخ والتي تجسّدت في اهتمامات فكرية وأدبية تتعلّق بالبدايات، التأصيل والاستمرارية. على سبيل المثال، في أعقاب حرب العام 1967 أصدر إدوارد سعيد مقالاً بعنوان "بدايات" (Beginnings) (الذي طوّره لاحقًا الى كتاب يحمل نفس العنوان). عمليًا جاء المقال ليجيب على سؤال في المنهجية العلمية في أبحاث الأدب المقارن: من أين نبدأ البحث؟لهذا استعار مفهوم نقطة الانطلاق (ansatzpunkt) من إريك أورباخ (Erich Auerbach). وفقًا لأورباخ، تحدّد نقطة الانطلاق "مجموعة من الظواهر المعرّفة بشكل دقيق والتي يمكن فحصها بشكل شامل؛ ويمكن أن يشمل تفسيرها مجال أوسع بكثير من نقطة البداية وحدها". طوّر إدوارد سعيد مفهومه للبدايات ليشمل وعيًا أعمق وشاملًا أكثر من مجرّد مسألة منهجية، بل ربطها بإمكانية الاستمرار البشري أصلًا. جسّد التوصيف الذي قدّمه إدوارد سعيد للبدايات العلاقة بين حربي العامين 1948 و-1967. هكذا، في العام 1967 أصبحت نكبة العام 1948 نقطة انطلاق لأنّها جسّدت القضية الفلسطينية "بشكل شامل" والتي بإمكانها أن تفسّر مجالًا أوسع من الظواهر أو الأحداث الفلسطينية، حتى تلك التي سبقت النّكبة في العام 1948. قد يساعد هذا التفسير على الإجابة على سؤال مركزية النكبة ومكانتها كلحظة تأسيسية في الوعي الفلسطيني. ولكن كيف يتجلّى هذا في الأدب الفلسطيني؟
يعالج الأدب الفلسطيني الخوف من النسيان (أن نُنسى) عبر تعبيرات مختلفة تتعلّق بمسألة الاستمرارية – الجسدية والمعرفية، وتتجلّى النكبة في ثيمات عن الموت والانقطاع (مثل اليتم، العقم، الإجهاض، والعجز الجنسي) والتي تكون بالضرورة مربوطة بأحداث النكبة. نذكر على سبيل المثال لا الحصر، سعيد أبي النحس "المتشائل" بطل رواية إميل حبيبي (1974)، هو يتيم الأب (قُتل في العام 1948)، وأبا الخيزران، سائق الشاحنة في رواية غسّان كنفاني "رجال في الشّمس" (1963)، فقد عضوه التناسلي في العام 1948.
لنقرأ في "عائد الى حيفا" (1969) بشكّل مفصّل. تروي رواية غسان كنفاني قصّة اللاجئَيْن الفلسطينيين سعيد س. وصفية، الذين هُجّروا من حيفا أثناء النكبة، لكنهما نسيا طفلهما خلدون في جلبة التهجير، ولم يقدرا على العودة الى بيتهم لاسترداده. عاد الزوج الى حيفا بعد حرب العام 1967 للبحث عن ابنهم المفقود، والذي تبنّاه المستوطنون اليهود الذين سكنوا بيتهم بعد العام 1948. تُركّز الرواية على اللقاء بين العائلة الفلسطينية والعائلة اليهودية، والأهم من ذلك باللقاء المجدّد مع خلدون، الذي تغيّر اسمه الى دوف والذي يخدم في الجيش الإسرائيلي.
تطرح هذه الرواية مسألة تاريخية وتربط بين النكبة والنكسة من خلال الابن المفقود. إن العودة الى حيفا لاسترداد الابن المفقود مماثلة لعودة إدوارد سعيد الى "البداية"، وتربط بشكل وثيق بين الجسدي والمعرفي من خلال التركيز على مسألة الاستمرارية/الانقطاع الفلسطينية. فعودة سعيد س. وصفية الى حيفا أتت بهدف البحث عن ابنهم البيولوجي (الاستمرارية الجسدية). في لحظة حاسمة في الرواية يتم تخيير خلدون/دوف بين أهله البيولوجيين وبين أهله المتبنين – فاختار عائلته اليهودية. يعبّر هذا الخيار عن مدى إدراك كنفاني لأهمية الجانب المعرفي في الهوية الفلسطينية الى جانب الاستمرارية الجسدية. لنقف مثلًا عند اختيار كنفاني الاسم "خلدون" والمشتق من الجذر "خلد"، والذي يعني الدوام والبقاء. لخلدون أخ باسم خالد وأخت خالدة – أسماء من مشتقات إضافية لنفس الجذر. بالإضافة الى هذا، لننظر الى لحظة اختيار خلدون/دوف للبقاء مع أهله اليهود-الإسرائيليين من وجهة نظر أهله البيولوجيين. يقول سعيد س. لصفية زوجته:
- أي خلدون يا صفية؟ أي خلدون؟ أي لحم ودم تتحدثين عنهما؟ وأنت تقولين إنه خَيار عادل! لقد علّموه عشرين سنة كيف يكون. يومًا يومًا، ساعةَ ساعة، مع الأكل والشّرب والفراش... ثم تقولين: خَيار عادل! إن خلدون، أو دوف، أو الشّيطان إن شئت، لا يعرفنا! أتريدين رأيي؟ لنخرج من هنا ولنعد الى الماضي. انتهى الأمر. سرقوه.
هذا تعبير قوي جدا لوعي غسّان كنفاني لمدى أهمية البعد المعرفي في الهوية الفلسطينية. تكرار السّؤال "أي خلدون؟" ومن بعده "أي لحم ودم؟" لا يدل على استفهام بسيط، إنّما يعبّر عن الإدراك بأنّ ابنهم خلدون (الذي ولدوه لكي يضمن استمراريتهم وسمّوه تباعًا) لم يعد موجودًا (أي لحم ودم؟). بكلمات أخرى، فقد خلدون (الابن والاسم) معناه بعد أن تعلّم كيف يكون يهوديًا-إسرائيليًا ولم يعد يعرف أهله البيولوجيين (في الاقتباس أعلاه: "علّموه ... كيف يكون" و "لا يعرفنا"). بكلمات أخرى، أدرك الفلسطينيون في العام 1967 أنّ الصّراع على فلسطين لا يمكن اختزاله فقط بالنّضال من أجل استرداد الأرض، بل يستوجب جهدًا من أجل الحفاظ على الرواية، السّيرة والتاريخ. انتبهوا الى استنتاج سعيد س. في نهاية الاقتباس "لنخرج من هنا ولنعد الى الماضي" وعلاقتها بالعودة الى البدايات.
المقولة الشّائعة أنّ الفلسطينيين لم يكتبوا النكبة ليست دقيقة. ربّما صمت الفلسطينيون حتى العام 1967، لكنّ واحدة من أوائل ظواهر تأثير حرب العام 1967 هي "انفجار" وتدفّق من الإصدارات، الندوات، مراكز الأبحاث، والتداولات الإعلامية الفلسطينية لمناقشة تداعيات الحرب. اتخذ هذا الاندفاع الفكري أشكالًا مختلفة في المواقع الجغرافية المختلفة للوجود الفلسطيني. على سبيل المثال، في آب/أغسطس 1967، أي بعد شهرين فقط من الحرب، أسّست نخبة من العرب والفلسطينيين-الأمريكيين، منهم إبراهيم أبو لغد جمعية الخريجين الجامعيين العرب-الأمريكيين (Association of Arab-American University Graduates (AAUG)). هدفت الجمعية بعلنية الى مواجهة المحو المعرفي بكل ما يخص العرب والفلسطينيين في الأكاديميا الأمريكية آنذاك. وهذا هو أيضًا شأن "مجلة الدراسات الفلسطينية"، التي تأسّست في العام 1971 ورأس تحريرها أولاً هشام شرابي. يبان الاهتمام الفلسطيني بالأرشفة، تدوين وتأكيد الوجود والتاريخ الفلسطينيين منذ العام 1967 في مجالات معرفية أخرى. جديرة بالإشارة هي "كتب القرى" التي انتشرت في سنوات الثمانين، والتي وثّق فيها لاجئون فلسطينيون حكايا قراهم المهجّرة، بما يشمل خرائط من الذاكرة مرسومة باليد لتلك القرى. كما وشهدت الثمانينيات اهتمامًا كبيرًا بالفولكلور الفلسطيني. ويُلاحَظ في سنوات التسعين والألفية الجديدة الاهتمام بالأرشفة واستخدام تقنيات جديدة، بالأخص الأفلام والأرشيفات الرقمية على الإنترنت.
استمرارية... النّكبة
أدرك الفلسطينيون مع فشل "عملية أوسلو" في بداية الألفية الجديدة أنّه مع استمرار الاحتلال والاستيطان وتهميش القضية الفلسطينية (في جدول عمل سياسي متكامل وصل ذروته في اتفاق ترامب-نتنياهو والمعروف بـ "صفقة القرن" في عام 2020)، وبما في ذلك محاصرة قطاع غزّة منذ العام 2007 وتكرار العمليات العسكرية ضدها (في الأعوام 2008-2009، 2012، 2014، 2021 والعدوان الأخير منذ تـشرين الأول/أكتوبر 2023)، بأنّ النكبة مستمرّة. يعني مفهوم "النكبة المستمرة" ليس فقط العنف والتهجير الدائمين، ولكن أيضًا محاولة مسح وإسكات السّردية الفلسطينيّة، كما يظهر بوضوح في "قانون النكبة" (2011) الذي يجرّم إحياء ذكرى النكبة، و"قانون القومية" (2018) الذي يُقَنْوِن حصرية الصهيونية في فلسطين.
تطلّب الإدراك الفلسطيني باستمرارية النكبة الى تحوّل في الوعي والكتابة في العقدين الأولين من الألفية الجديدة. بينما كان الجهد الفلسطيني منذ العام 1967 هو تأكيد الوجود من خلال "جمع الأدلة" في أرشيفات عائلية، أكاديمية، روائية، فنيّة وسنيمائية، فإنّ النكبة المستمرّة تتطلّب النظر أيضًا الى الأمام، ومحاولة لتصوّر وتخيّل المستقبل. بكلمات أخرى، بدّل الوعي بالنكبة المستمرّة الهوس الفلسطينيّ السّيزيفيّ في التدوين كاستجابة على المحو الصهيوني-الإسرائيلي للوجود الفلسطيني، كونه عقيمًا ولا طائل فيه.
نرى هذا في روايات جديدة التي، وإن تواكب تراكمات الأرشفة في الذهنية الفلسطينية، إلّا أنّها لا تتغاضى عن الخوض في تابوهات و"نشر الغسيل الوسخ" على الملأ. لنأخذ رواية "بردقانة" لإياد برغوثي (2014) كنموذج لهذا التحوّل. تجري أحداث الرواية في عكا في العام 1945، أثناء الانتداب البريطاني على فلسطين. تحكي الرواية قصة الكابتن فايز غندور، لاعب كرة قدم ناجح ومحبوب، والذي تمّ تعيينه مدربًا للمنتخب الوطني الفلسطيني. ولكن بعد أيام قليلة من تعيينه بشكل رسمي، نُشرت مقالة في الإعلام تشمل صورة توثّق إعدام والد الكابتن فايز في العام 1938، أي خلال الثورة العربية الكبرى (1936-1939)، وعلى جثته لافتة مكتوب عليها "خائن". يشكّل هذا الحدث نقطة تحول في حياة الكابتن فايز، الذي كان يجهل هذه التفاصيل بخصوص موت والده. تدور بقية أحداث الرواية حول الطّرق التي تحاول بها الشخصيات المختلفة التعامل مع هذا الخبر المدمّر. يتأمل الكابتن فايز في الاقتباس التالي صعوبات مهمة الدفاع عن سمعة أبيه:
شو القصّة الحقيقية؟ كلّ شيء ممكن. الإنسان بالموت يقدر يعرف نفسه. ولمّا الإنسان يموت بتموت معه الحقيقة. بتذكّر إنه أبوي كانت عنده علاقات مع كلّ أجناس الناس. كان يهدي تنكات الزيت للضبّاط الإنـﭽـليز ويمزح معهم، وكان أوّل واحد دفع لصندوق الإضراب. كان يروح على موائد الإنـﭽـليز في حيفا ويطعم الفقراء في العيد. كان يرافق الشّيخ أسعد المعادي للثورة، وكان يخبّي الثوار في مخزن الزيت. الرجّال كان تاجر وبدّه يسيّر أموره... الدور والباقي علينا، نعرف نختار شو نحكي من قصته وكيف ندافع عن أبونا!
كما رأينا سابقًا، ترتبط السّردية الروائية الفلسطينية منذ العام 1967 بمفهوم الاستمرارية الجسدية والمعرفية. تباعًا، يربط الاقتباس من رواية إياد برغوثي بين "الموت" و "الحقيقة" و "المعرفة" مرتين في الجمل الافتتاحية. من ناحية ثانية، يثير قتل الأب تساؤلات حول تعريف الخيانة والولاء والوطنية ويشكّك بهما. يجسّد السؤال عن ماهية "القصّة الحقيقية" الذي يفتتح المقتطف إمكانية وجود العديد من القصص، وأنّ هناك قصّة واحدة فقط هي الصحيحة. لكن الجواب الذي يليه ("كل شيء ممكن") يعكس مفهوم الحقيقة الواحدة ويقترح إمكانية وجود خيارات مختلفة. تعبّر هذه العبارات عن عدم اليقين وقبول واعتماد الشّك كجزء لا يتجزأ من السّردية التاريخيّة. يظهر هذا في صيغة الجملة "الإنسان بالموت يقدر يعرف نفسه"، حيث يدل التعبير "بالموت" على صعوبة تحقيق شيء ما، وأيضًا في الجملة التي تربط الموت بالحقيقة للمرّة الثانية: "وعندما يموت شخص ما، تموت الحقيقة معه". الحقيقة، إذن، مخادعة. قد تكون نوايا الشخص وأفكاره ومعتقداته وأفعاله غير متناسقة أو متناقضة حسب الظروف، خصوصًا في سياق ثورة شعبية مضطربة، مثلما كان الحال مع والد الكابتن فايز أثناء الثورة العربية الكبرى مّما أدّى به الى الاضطرار للتعامل مع "مع كلّ أجناس الناس" (فصّلها في متن الاقتباس). إذن، لا يمكن الجزم في نوايا الأب، لذلك يلجأ الكابتن فايز الى التبرير ("الرجّال كان تاجر وبدّه يسيّر أموره")، وفي النهاية، يجيب على السؤال الذي افتتح فيه الفقرة "الدور والباقي علينا، نعرف نختار شو نحكي [..]". يعني هذا الاستنتاج، أنّ عدم إمكانية الجزم بالمعرفة المطلقة تستوجب مسؤولية "تحرير" السّردية.
يعكس النموذج السّردي في رواية "بردقانة" الى التحوّل في الخطاب الفلسطيني في السّنوات الأخيرة. مثلما لا يحتاج الفلسطيني لكوشان طابو لإثبات ملكيته على الأرض، إنّ الهوس بالأرشفة المعيارية يستجيب بالفعل لطلب إثبات ملكية ضمني، والخطاب الفلسطيني حاليًا يرفض الخوض في "هذه اللعبة". بكلمات أخرى، يكمن هذا التحوّل في مفهوم الأرشفة الفلسطيني، من محاولة الى إثبات وجود (توجّه الى الخارج، الآخر)، الى قراءة نقدية ذات جدوى. من هنا، التعاطي مع المسائل "الشائكة" في التاريخ الفلسطيني، بما يسمّى لا-أسطرة الرواية، يهدف الى الوصول الى معرفة التي يمكن الاستناد اليها في تخيّل المستقبل (حتى ولو لم نبدأ في هذا حتى الآن). بالإضافة الى هذا، جيل جديد من الفلسطينيين يرى النكبة المستمرّة ليس من منظار الحالات الخاصّة في "الداخل" و"الضفة" و"الشتات"، إنّما كصورة متكاملة – كما تجسّد هذا في هبّة أيّار العام 2021.
ولكن، يمكن القول إنَّ هذه الاستنتاجات كانت "سارية" حتى أحداث تشرين الأول/أكتوبر 2023. أكتب هذه المقالة في خضم الحرب الإسرائيلية على غزّة. لا شكّ في أنّ هذه الحرب لحظة مفصلية في التاريخ الفلسطينيّ. ومع ذلك، لا يمكن التنبؤ بشأن تداعيات هذه الحرب على الهوية والخطاب الفلسطيني، خصوصاً فيما يتعلّق بمفهوم النكبة. المستمرّة.
استخدام الصورة بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال ملاحظات ل [email protected].
د. منار مخول
محاضر في قسم اللغة العربية والعلوم الإسلامية في جامعة تل-أبيب، ومتخصّص في دراسات الأدب، الهوية، الثقافة والفكر الفلسطيني. حاصل على شهادة الدكتوراه في الدراسات الآسيوية والشرق أوسطية من جامعة كامبردج. أصدر كتاب "سيسموغرافيا الهويات: الانعكاسات الأدبية لتطور الهويّة الفلسطينية في إسرائيل بين العامين 2010-1948" مع مؤسسة الدراسات الفلسطينية (2019).