ممكن تحكوا عن أمي؟ ممكن تحكوا عن اهلي؟

في كواليس هذه المساحة التي أطلقنا عليها Untold Palestine مئات القصص التي لم تحك بعد، فما ان تعود شبكة الإنترنت إلى غزة حتى تتدفق الرسائل إلى منصتنا. عشرات الرسائل المؤلمة تروي تفاصيل من فقدوا حياتهم… هذه الرسائل تصل مع مناشدة للنشر من الأهل والأصدقاء تجعلنا كل يوم أكثر عزما على مواصلة توثيق هذه الجوانب من الحياة المبتورة، ايماننا منا بأن حياة كل إنسان هي مهمة وجديرة بالتوثيق والمشاركة.

ما قبل الدمار

بدأت قصتنا عام 2019 حين انطلقت منصتنا الرقمية المستقلة التي أسميناها "فلسطين غير المحكية - Untold palestine”، لسرد قصص مصورة حول حياة الفلسطينيين التي عادة ما لا نراها في وسائل الإعلام المركزية العالمية خصوصا الغربية منها. نعمل على إنتاج فيديوهات قصيرة وصور، نسعى من خلالها إلى تقديم قصص مغايرة ومغيبة في الإعلام التقليدي، نعرض قصص لفلسطينيين ملهمين ونسلط الضوء على مبادرات متنوعة في مختلف الميادين لفلسطينيين من الوطن والشتات.

فريق "فلسطين غير المحكية" يتشكل من فلسطينيين وغير فلسطينيين من مناطق متنوعة، يبلغ عددنا الإجمالي 20 فردًا بين مصورين ورواة قصص وصحافيين ومتطوعين وفريق عمل يجمعهم الشغف لسرد الحكايات.

منذ بداية طريقنا قمنا بسرد مئات القصص المتنوعة عن شعبنا الفلسطيني بكافة أطيافه وخلفياته الاجتماعية والأيديولوجية والجندرية، من خلال نشر صور مقرونة بنصوص باللغتين العربية والإنجليزية عبر وسائل التواصل الاجتماعي. من خلال هذا التنوع للحكايا المرئية سعينا ولا زلنا نسعى لأن تكون منصتنا مساحة بصرية مستدامة ومتاحة للجميع، تحترم التنوع وحرية التعبير والتجارب الفردية والجمعية، والهويات المختلفة، لا سيما ممن لا يحظون بتمثيل لائق جراء التهميش والعنصرية.

القصص التي نُقدمها في منصة "فلسطين غير المحكيّة - Untold Palestine" تعنى بالأفراد، حيث نمنح البعد الإنساني المكانة الاساسية، نجمع بين الصورة والنص لنقدّم مشهدًا تفاعليًا يتيح للمتابعين التماثل والتواصل المباشر، من خلال إتاحة المساحة لأصحاب الشأن بأن يرووا قصصهم بأنفسهم. من خلال هذا التوجه السردي، نهدف إلى كسر القيود والصور النمطية التي تحيط بنا كفلسطينيين، وتقديم قصص إنسانية عن شخصيات لافتة من ذوي الاهتمامات المتعددة، تماما كقصص أترابهم في مختلف أقطاب العالم.

باعتقادنا، حصر قصة الإنسان الفلسطيني في الجانب السياسي يتسبب في الكثير من الأحيان باجحاف كبير له ولقضيته جراء انحياز وسائل الإعلام الغربية لصالح الرواية الإسرائيلية، ما يؤثر على أداء الصحفيين الفلسطينيين الذين يضطروا الى حصر نشاطهم في فترات الأحداث السياسية الصعبة والأزمات، ليتخذ العنف والمعاناة محاور أساسية في تغطياتهم الإعلامية. لذا حاولنا من خلال فريق من المصورين المنتشرين في مختلف أنحاء فلسطين بعدم التقيد بتوثيق مشاهد الدمار والقصص المأساوية فقط، من خلال اتاحة المساحة لنقل قصص الحياة والأمل كمحفز للنضال المستمر من اجل حياة حرة وكريمة.

رؤيتنا الاساسية كانت ولا تزال التحرر من القوالب التقليدية كما حددتها الكثير من وسائل الإعلام التي غالبا ما اتسمت بدمغ الفلسطيني بالعنف أو الإرهاب وفي المقابل التحرر من وسمه بالبطل والخارق كما يظهر في وسائل الإعلام المناصرة لقضاياه. وهنا يأتي عملنا متحديا لهذه القولبة النمطية من خلال إعادة الحق في السردية لأصحابها بداية ومن ثم تسليط الضوء على البعد الإنساني والتركيز على القصص الشخصية.

ما بعد الحرب

في أعقاب الحرب على غزة، قرر فريقنا إطلاق سلسلة بعنوان "إحنا مش أرقام" التي توثق قصص الشهداء، إيمانا منا بأن كل شهيد\ة ممن سقطوا في هذه الحرب هو\هي عالم بحد ذاته. وكانت مشاهد الدم والجثث والأشلاء التي غمرت شبكات التواصل الاجتماعي ما دفعنا للبحث عن تفاصيل حياة الشهداء وتخليدهم، من خلال توثيق قصصهم، الأمر الذي لاقى تجاوبا كبيرا وتفاعلا نشطا وتأثيرا لافتا؛ معتبرين أن نقل قصصهم الإنسانية للآخرين هو مسار مساند وداعم للعمل الصحافي الفلسطيني في الميدان الذي يكشف انتهاكات الاحتلال وآثاره المدمرة.

تمر قصصنا بعدة مراحل قبل ان تخرج الى النور، بداية بالتحقق من صحتها، مرورا بالتدقيق بتفاصيلها، فهي غالبا ما تستقصي من مصادر أولى كأهل أو أصدقاء الشهداء، اعتمدنا طلب تصاريح النشر من أصحاب الشأن كما هو متوقع ومطلوب مهنيا، الامور التي عادة ما تتطلب الكثير من الجهود لكثرة التفاصيل بل وفي احيان كثيرة ضغوطات ليست بالبسيطة نظرا لاضطرار بعض زملائنا للكتابة عن أصدقائهم الشخصيين. 

 حتى اللحظة، نجحنا في توثيق أكثر من 300 قصة، تضمنت شرائح مختلفة من ابناء شعبنا ولم تقتصر فقط على غزة وإنما وثقنا أيضا قصصا من الشهداء في الضفة الغربية. كل هذه القصص تركت وقعا كبيرا علينا ومع الوقت أصبحت منصتنا مرجعا للكثير من المؤسسات الإعلامية والمؤثرين في طرح مخرجاتها.

فضلا عن قصص الشهداء المؤلمة، عمدنا على نشر قصص ملهمة للكثير من الشخصيات التي عاشت تحديات الحرب فأنتجنا صورا وفيديوهات لمتطوعين وفنانين وممرضين وأطباء غزيين يساهمون يوميا في صناعة الأمل.

زينة أبو زياد

خريجة من جامعة بيرزيت في عام 2023 بتخصص الإعلام التسويقي، تهتم زينة في مجال صناعة المحتوى وهي عُضوة في نادي الصحافة والإعلام بجامعة بيرزيت، حيث ساهمت بفعاليات في تعزيز العلاقات الاجتماعية بين الطلاب من خلال تنظيم نوادي الكتاب وورش العمل المتنوعة مع شرائح المجتمع المختلفة. تعمل زينة في untold Palestine في مشاريع ادارية واعلامية

شاركونا رأيكن.م