من أجل الإبقاء على صرخة "وقف العنف والجريمة" مدويّة

تعيش الجماهير العربية حالة إحباط من شأنها التأثير سلبا على نتائج الانتخابات للكنيست وذلك مع استمرار الجريمة والعنف الذي يفتك بنسيج مجتمعنا خصوصا في النقب والبلاد عموما. عمليات القتل غير المبررة المنتشرة بقوة كبيرة لا تعير أي أهمية لا لسلطات إنفاذ القانون ولا حتى للشرطة التي اعترفت أكثر من مرة أنها لا تملك الموارد البشرية اللازمة من أجل كبح جماح هذه الآفة الدخيلة على مجتمعنا وهي في تطور خطير يوما بعد يوم.

سخرية القدر في ذلك، أن السكان العرب الذين يحلمون بليلة هادئة داخل بيوت التي لم تصبح آمنة منذ فترة أن يصل الرصاص إلى التجمعات اليهودية المجاورة، لأنه فقط في هذه الحالة يتم تقصي المجرم والوصول إليه في فترة زمنية قياسية ويقدم فورا للعدالة وينال الجزاء الذي يستحقه. إن تصاعد آفة العنف في مجتمعنا التي تحولت إلى ظاهرة مقلقة جدا وتتغلغل بقوة، كما أصبح السلاح لغة الحوار وأصبح الإنسان لا يأمن لا على نفسه ولا على أولاده حيث يفقد الأمن والأمان داخل بيته وتسود الفوضى في كل مكان.

لقد أصبح القتل "كشربة ماء" والإجرام والعنف "عاديًا" في مجتمعنا، وكأن سفك الدماء "شيء طبيعي ومُسلّم به". تغير بنا المقام سريعا وكأننا تحولنا إلى "خير أمة أخرجت للشر" وليس "خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر"، حيث ضاعت الأخلاق وغاب القانون، ومن المؤسف والمؤلم والمخزي أن يقتل بعضنا بعضًا بلا سبب، ونتشاجر من أجل أشياء تافهة، فلا تضبطنا الأديان السماوية ولا التشريعات القانونية ولا الأخوّة في الله ولا الإنسانية ولا حتى العادات والتقاليد العربية الأصيلة.

حمل السلاح ليس عملًا وطنيًا، وإنما ضعف ويحمله الجبناء فحسب. لا نريد فاجعة وجنازة في مجتمعنا كل يوم، لقد امتلأت مقابرنا بالشباب الأبرياء وامتلأت المشافي بالمصابين والمعاقين. لا بد من وقفة حازمة وصرخة مدوية ضد هذه الجرائم الخطيرة، ومحاربتها واجب أخلاقي وديني وإنساني، وعلينا جميعا المسؤولية الكبيرة أمام الله وأمام مجتمعنا، لأن هذه الآفة أصبحت لا ترحم وتأكل الأخضر واليابس، والقادم أعظم.

مشاكل التوظيف، والمساكن للأزواج الشابة إضافة إلى كبح جماح العنف المستشري في مجتمعنا، هي مشاكل يومية نعاني منها ليل نهار، والانتخابات البرلمانية هي فرصة ذهبية من أجل إسماع صوت المستضعفة قواهم، لا يمكننا الصراخ أننا أمام وحش كاسر دون التحرك الفعال من أجل وقف هذه الظاهرة من خلال إسماع الصوت داخل اللجان الحكومية والبرلمانية في أروقة الكنيست، إضافة إلى المحافل القطرية التي تتخذ من تل أبيب والقدس مقرًا لها، هذه الصرخة تكون أصدق عندما تُسمَع ممن يكتوي بنار هذه الجريمة، وفي سبيل حل هذه المشاكل لا يمكننا التعويل على الصراخ خارج أروقة الكنيست من أجل طرح قضايانا الملتهبة وعلى رأسها الجريمة والعنف.

هنالك العديد من الأصوات التي لا تؤمن بجدوى العمل البرلماني وتطالب بالمقاطعة؛ وأنا أسأل: هل نملك مشروعًا جمعنا من أجله الميزانيات الكافية لمتابعة وملاحقة قضايانا، أم أنها مجرد دعوة لا تستند إلى العمل الميداني الذي يحتاج متابعة يومية لحل مشاكلنا. جميل أن نطالب بالمقاطعة لكنها لن تأتي بالنتيجة المرجوة ما دمنا لا نحرك ساكنًا فيما يتعلق بمتابعة مشاكلنا وإيجاد الحلول لها من خلال رصد الميزانيات الكافية لحلها وبناء برامج وخطط على مدار العام.

المواطنون لهم كامل الحق في التصويت أو البقاء في بيوتهم يوم الانتخابات، لكن لكل شيء ثمن، وثمن تخاذلنا عن رفع قضايانا يقتضي أللا نأتي بعد الانتخابات ونحمّل فشلنا لغيرنا!

هذه فرصة ذهبية لإبقاء صوت الجماهير العربية مسموعًا داخل دوائر صنع القرار في الكنيست. لأجل ذلك، وفي سبيل إبقاء صرختنا مدويّة يجب علينا أن نهتم بإيصال النواب العرب إلى الكنيست، هم أبناء هذا المجتمع ويحملون همّه ويعيشون قضاياه الملحّة ليل نهار، واجبهم السهر على طرح قضايانا وتحمل عناء ومشقة هذا العمل البرلماني، وواجبنا دعمهم يوم الانتخابات بالذهاب والتصويت لإيصالهم هناك.

محمد عارف القريناوي

أخصائي نفسي من مدينة رهط في النقب

شاركونا رأيكن.م