حول قرار المحكمة العليا إلغاء شطب "التجمع" من الترشح لانتخابات الكنيست الـ25

كما يحدث في كل انتخابات للكنيست، هذه المرة أيضًا تم تقديم طلب لشطب حزب التجمع الوطني الديمقراطي من الترشح في الانتخابات للكنيست ال 25. في كل مرة يتم شطب الحزب أو المرشح\ة الذي ي\تنوب عنه بإطار قرار سياسي في لجنة الانتخابات المركزية للكنيست ويتم إحالة الموضوع إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، التي تصادق في كل مرة على خوض التجمع في انتخابات الكنيست. كما هو الحال دائمًا، في صلب النقاش برنامج التجمع السياسي، والذي ركز منذ تأسيس الحزب حتى يومنا هذا على تطبيق مبدأ "دولة لجميع مواطنيها". يتم فحص مسألة الشطب وفقا للشروط المنصوص عليها في البند 7 أ من قانون أساس: الكنيست الذي ينص على أنه من الممكن منع قائمة أو مرشح من خوض الانتخابات بحجة "إنكار وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية." لقد كتب الكثير عن سبب الشطب هذا، كونه موجهًا بشكل عنصري ضد مشاركة الأحزاب العربية التي تسعى إلى تغيير وتحدي النظام السياسي - الدستوري القائم على التفوق العرقي لليهود. من أجل فحص برامج الأحزاب، أقرت المحكمة في أحكامها السابقة أنه يجب التحقق مما إذا كان البرنامج الرسمي القائم للحزب ينفي وجود الدولة كدولة يهودية وديمقراطية. لكن المحكمة لم تُمنح أبدًا أي سلطة أو صلاحية للتدخل الفعال والمطالبة بأن يقوم حزب بتصحيح، أو إضافة، أو حذف المصطلحات أو المبادئ أو البنود من برنامجه السياسي، أيًا كان الحزب.

في جميع القضايا منذ نوقش برنامج التجمع لأول مرة في عام 2002 أمام المحكمة العليا وحتى اليوم، أكدت المحكمة العليا أنه لا يوجد شيء في محتوى البرنامج القائم الذي ينفي يهودية الدولة. ومنذ ذلك الحين، كان على التجمع أن يكرر مرارًا وتكرارًا على الادعاء بأنه لا يوجد مبرر لمناقشة الموضوع بشكل متكرر فيما إذا كان برنامج الحزب يفي بشروط الشطب في البند 7 أ من قانون أساس: الكنيست. وهكذا كان في هذه المرة أيضًا.

في 9 تشرين الأول \ أكتوبر 2022، أصدرت المحكمة العليا حكمها بشأن الاستئناف الذي قدمه التجمع ضد طلب شطب الحزب من الترشح لانتخابات الكنيست ال 25. وأكدت المحكمة مرة أخرى، بموافقة جميع القضاة بمن فيهم القاضي سولبرغ، مشاركة التجمع في الانتخابات بناء على التأكيد أنه لا يوجد في برنامج الحزب ما يبرر رفض مشاركته في الانتخابات وفق قانون أساس: الكنيست. لأول وهلة، يمكن القول بأنه لم يكن هناك أي تجديد في القرار لأن المحكمة، كما هو الحال دائمًا، توافق على مشاركة الحزب. لكن قراءة حكم القاضي سولبرغ المعروف بمواقفه القانونية المحافظة تجاه حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق الفلسطينيين بشكل خاص، يشير إلى تدخل خطير من جانبه، وهو في رأيي، يتجاوز حدود التدخل المسموح به من قبل أي قاضٍ بكل ما يتعلق بالتدخل وتحديد محتوى البرنامج السياسي لأي حزب.

في الواقع، القاضي سولبرغ تخطى التفسير القانوني الذي يفحص ما إذا كان برنامج الحزب الحالي يفي بشروط الشطب، وبدلاً من الاكتفاء بتفسير قانوني، وضع مطلبًا سياسيًا يقضي بإضافة تصريحات واضحة لبرنامج الحزب تعبر عن دعم صريح لكون إسرائيل "دولة يهودية". وفقًا للقاضي سولبرغ في الحكم، منذ عام 2002، تمت تبرئة التجمع من باب الرحمة وليس بحق، وأن "الإنسان العادي" الذي يقرأ برنامجه السياسي قد يخلص إلى أن ما ورد في البرنامج ينفي الطابع اليهودي لدولة إسرائيل. لهذا السبب ومن أجل عدم تضليل المحكمة أو "الإنسان العادي" برأي القاضي سولبرغ، يجب تعديل برنامج التجمع بحيث ينص صراحة وبوضوح على أن الحزب لا يعارض الطبيعة اليهودية لدولة إسرائيل، بحيث يكون هناك برنامج، واحد، واضح للناخبين وللمحكمة. نظرًا لأهمية هذا الموقف، أود أن أقتبس بالكامل مما ورد في قرار حكم القاضي سولبرغ:

"في الواقع، في قضية الطيبي، وفي سلسلة الأحكام التي تلتها، افترضت المحكمة افتراضًا مبالغا به لصالح التجمع، والذي بموجبه يعكس ما ورد في برنامجه نسخة مخففة ل "دولة جميع مواطنيها"، وهو ما لا يقوض حقيقة إلى نفي دولة إسرائيل كدولة يهودية. هذا استنادا إلى أقوال مسؤولي الحزب أمام لجنة الانتخابات وأمام المحكمة. هذا الافتراض يقدم للتجمع معروفا، لأن "الإنسان العادي"، الذي يقرأ برنامج الحزب بطريقة ساذجة وبسيطة، قد يصل إلى استنتاج عام، وفي رأيي ليس على عجل، أن الأمور التي قيلت هناك تنفي الطابع اليهودي لدولة إسرائيل...
إذا كانت التصريحات صادقة، ... التي تفيد بأن دعم الحزب لفكرة "دولة جميع مواطنيها" لا يهدف إلى نفي الطابع اليهودي لدولة إسرائيل، حينها – ينبغي أن يتم التعبير عن هذه الأقوال صراحةً في برنامج الحزب أيضًا. أعتقد، من منظور استشرافي، وفي غياب سبب وجيه للقيام بذلك، بأنه سيكون من الصعب الاكتفاء بتصريحات عامة، في الملاحق المقدمة إلى المحكمة، لعناية المطلعين. البرنامج السياسي كما هو، بما في ذلك تذويت تصريحات رئيس الحزب، وتصريحات الرؤساء منذ قضية الطيبي حتى الآن، يجب أن توضع أمام أعين الناخبين. لا يجوز إرسال رسالة واحدة للناخبين، من خلال برنامج الحزب، ورسالة أخرى إلى المحكمة، من خلال تصريحات "معقدة"، حتى لا يتم "الوقوع" في أسباب الشطب الواردة في البند 7أ(1)(1).. مطلوب برنامج واحد للناخب والمحكمة "(الفقرات 6-7 من قرار حكم القاضي سولبرغ)". (التشديد ليس في الأصل).

يعبر هذا النهج في الواقع عن القمع في النظام القانوني لدولة قائمة على أساس التفوق العرقي. لا يقتصر الأمر على سبب الشطب المنصوص عليه في المادة 7أ من قانون أساس: الكنيست، لمطالبة حزب عربي ألا يعمل على نفي هوية الدولة كدولة للشعب اليهودي، ولكنه مطالب الآن أيضًا من حزب عربي وطني ديمقراطي بالتعبير علنا عن دعمه للتفوق العرقي لليهود في برنامجه السياسي والذي يشكل بالأحرى مطلب الإعلان بالولاء للدولة اليهودية. هذا المطلب يشبه تمامًا مطلب أفيغدور ليبرمان السياسي منذ بداية الـ 2000 عندما خرج بالشعار السياسي "لا مواطنة بدون ولاء" وطالب بشكل أساسي المواطنين العرب بإعلان الولاء لدولة إسرائيل كدولة الشعب اليهودي. والسؤال المطروح الآن هو ما إذا كان موقف القاضي سولبرغ سيصبح في المستقبل موقفًا ملزمًا من قبل المحكمة العليا، وهل سيُطلب من جميع الأحزاب العربية تضمين إعلان صريح بالولاء في برامجهم السياسية؟


استعمال الصورة بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال ملاحظات ل [email protected].

المحامية سوسن زهر

مختصة في مجال حقوق الإنسان ونائبة مدير مركز "عدالة" الحقوقي سابقًا

شاركونا رأيكن.م