"مراكز الطوارئ" لضحايا الاعتداءات الجنسية- محطة مفصلية في مسار الاستشفاء ومحاسبة المعتدين!

يعرّف الاعتداء الجنسي بشكل عام على أنه اتصال جنسي غير مرغوب فيه، قد يتطور إلى الشروع بالاغتصاب أو الاغتصاب الفعلي، ويتضمن ممارسات كاللمس الجنسي والتحسس، ويصل إلى استعمال العنف والتهجم على المعتدى عليه\ا.

غالبا ما يحدث الاعتداء الجنسي عندما يتم لمس شخص أي جزء من جسم شخص آخر بطريقة ذات رموز أو معان جنسية دون إذنه أو موافقته الواعية والكاملة.

عندما يتم الاعتداء الجنسي غالبا ما يشعر المعتدى عليه بصدمة نفسية كبيرة بسبب الشعور بالألم الجسدي والنفسي، الشعور بالإذلال، الخيانة، العجز والشعور بعدم السيطرة على الجسد.

بالإضافة لتلك المشاعر القاسية فإن المعتدى عليه\ا تغمره\ا مشاعر الخجل من الاعتداء، الخوف من الفضيحة وانتشار الخبر والرهبة من إصدار الاحكام، الاتهامات والتذنيب حتى يصل الأمر أحيانا إلى تحميل المعتدى عليه مسؤولية الاعتداء بربطه بتصرفات معينة أو بالتواجد بأماكن معينة. فالمعتدى عليه يعاني الأمريين: الصدمة النفسية بعد الاعتداء والخوف من تحميله مسؤولية الاعتداء. ما يزيد من شعور الوحدة والألم.

تختلف الصدمة النفسية عندما تكون على خلفية ""حادث طرق"" عن خلفية ""اعتداء جنسي"".

ففي حالة الاعتداء الجنسي وبالإضافة إلى الشعور الصعب بكسر تسلسل الأحداث الطبيعي زمانا ومكانا، تضاف الرغبة في التعامل ""بسريه تامة"" مع الاعتداء وإخفاء كل تفاصيله، وذلك بسبب الشعور بالخجل والخوف من الاتهام والتذنيب. وبالتالي فإذا كان ينصح بوضع الصدمة على خلفية حادث طرق أن يشارك الإنسان الذي تعرض للصدمة بسرد تفاصيل ما حدث معه، كمحاوله لاستيعاب، تقبل واستشفاء من الصدمة فإن من يتعرض للصدمة النفسية بعد الاعتداء الجنسي، لا يستطيع السرد بل يلتزم الصمت ويشعر بالخوف والرهبة من إمكانية إفشاء ""السر"" بسبب الخوف من الفضيحة.

كل هذه المخاوف تؤثر على القرارات التي يتخذها المعتدى عليه\ا في الساعات الأولى بعد الاعتداء، ففي اللحظات الأولى بعد الاعتداء تحاول المعتدى عليها التخلص من آثار الاعتداء عن طريق محاولة نسيانه أو محوه من الذاكرة وبالتالي يسود شعور ورغبة عارمة في التخلص من آثاره كالتخلص من الملابس عن طريق غسلها أو إلقائها في سلة المهملات بأسرع وقت، وتتعاظم الرغبة في الاستحمام وتنظيف الجسد والتخلص من كل آثار الاعتداء. لذلك هناك أهمية كبرى لتدارك ردود الفعل تلك ومرافقه المعتدى عليها دعمها وتوجيهها إلى أحد مراكز الطوارئ في البلاد.

في سبعة مستشفيات في البلاد اليوم، يتم تشغيل مراكز طوارئ متخصصة لمعالجة أولية ملاءمة وحساسة لضحايا الاعتداءات الجنسية مع الحرص على المحافظة على السرية والخصوصية. المراكز معدة ومجهزة مع طواقم مهنية مؤهلة لتقديم الخدمات الأولية والعلاج الجسدي والنفسي بعد الاعتداء مباشرة، وإتاحة إمكانية تجميع الأدلة القضائية للمعتدى عليهم جنسيا بحاله أنهم قرروا تقديم شكوى لاحقا. تقدم هذه المراكز الخدمات 24/7 في جميع أيام السنة وهي مخصصة للأولاد والبالغين. هدف تلك المراكز إعطاء خدمات أولية حتى 72 ساعة من الاعتداء ولا يتعدى الأسبوع الأول بعد الاعتداء مباشرة.

في شهر حزيران 2022 سيتم افتتاح المركز الثامن في البلاد والأول في المجتمع العربي في مستشفى الناصرة (الإنجليزي) في مدينه الناصرة. وهنالك أهمية كبرى لافتتاح هذا المركز وإتاحة هذه الخدمة داخل المجتمع العربي، وتأهيل طواقم طبية وإضفاء صبغة شرعية لتقديم الخدمات العلاجية وملاءمتها لاحتياجات مجتمعنا.

خلال تواجد المعتدى عليهم في أقسام الطوارئ الخاصة تقوم عامله اجتماعية بمساعدتهم، ودعمهم ومرافقتهم في كل مراحل التوجه، وتقوم بإعطاء توضيحات حول الفحوصات الطبية المتوقعة، كذلك يتم فحصهم وتقديم خدمات طبية لهم بمساعدة طبيبة نساء مختصة وممرضه مؤهلة. الطاقم الطبي يهتم بالعلاج الجسدي للمعتدى عليهم بالأخص علاج الكدمات والجروح، فحوصات جسدية كاملة، والاهتمام بموضوع منع الحمل، وتزويد المعتدى عليهم بالتطعيمات اللازمة لمنع تطور أمراض جنسية بعد الاعتداء، تقييم نفسي وتزويد معلومات كافية حول إمكانيات العلاج النفسي مستقبلا بالإضافة إلى تجميع الأدلة القضائية حول الاعتداء وحفظها بحاله قررت المعتدى عليها تقديم شكوى مستقبلا.

من المهم التشديد أنه بالإضافة للمساعدة والدعم النفسي والجسدي في المراكز، فإن التوجه في الوقت المناسب مهم جدا من الناحية القضائية، فهنالك أهميه كبرى بتجميع المعلومات والأدلة حتى 72 ساعة من وقت الاعتداء وليس أكثر من سبعة أيام من الاعتداء على أبعد حد، فبعد هذه المدة يصعب تجميع الأدلة الكافية والكفيلة بتقديم شكوى قضائية.

هنالك أهمية كبيرة أيضا بالتوجه إلى المراكز بالملابس نفسها التي لبست بوقت الاعتداء وعدم تغييرها وغسلها لأنه عادة يتم معاينتها واستعمالها كجزء من الأدلة، كما والتشديد على عدم الاستحمام لأهمية تجميع المخلفات من أجسام المعتدى عليهم.

في كل المراكز يتم تقديم خدمات الطوارئ في كل ساعات اليوم، في النهار والليل وذلك لأهمية تلقي المساعدة، والعلاج في الساعات الأولى بعد الاعتداء ليكون هناك مجال لتقديم المساعدة والمرافقة الجسدية، الطبية والنفسية ويكون هنالك مجال لجمع الأدلة في الساعات والأيام الأولى بعد الاعتداء. في جميع المراكز هنالك طواقم متخصصة، مرت بتدريب في مجال الصدمات الجنسية والنفسية وتقوم بتقديم علاج ملائم وحساس.

كيف يتم التوجه والوصول إلى مراكز الطوارئ المعدة لاستقبال ضحايا الاعتداءات الجنسية؟

يوصى بالتوجه إلى المركز القريب من مكان السكن في أسرع وقت ممكن بعد الاعتداء. نجاعة العلاج الطبي الوقائي وجمع الأدلة القضائية يكون أفضل عندما يتم القيام بها خلال 72 ساعة من موعد الاعتداء.

يوصى بعدم الاغتسال قبل التوجه إلى مراكز الطوارئ وإحضار الملابس (حتى ولو في كيس) التي تم ارتداؤها عند وقوع الاعتداء.

يوصى بالاتصال ومحاولة تنسيق موعد مسبق ليتم الاستعداد لتقديم الخدمات المناسبة والملائمة للحالة في المستشفى. وسيقوم الطاقم المهني بالتوجيه حول موعد القدوم.

في حال توجه المعتدى عليه إلى مستشفى لا يوجد فيه مركز طوارئ فمن حقه أن يقوم المستشفى بنقله إلى المركز الأقرب.

هنالك حق وواجب للمحافظة على السرية التامة في كل فترة تواجد المعتدى عليهم في المركز حسب القانون، والالتزام بتوضيح سيرورة ما سيواجهون واحترام قراراتهم بكل خطوة.

المستشفى ملزم بإعطاء تقرير للشرطة بخصوص الاعتداء إلا أن من حق المعتدى عليه\ا عدم تقديم شكوى أو إدلاء الشهادة بخصوص الاعتداء.

ممكن تقديم شكوى في المستشفى أو في محطة الشرطة بوقت متأخر حسب قرار المعتدى عليه.

هنالك حق في الحصول على معلومات كاملة لكل المسارات البيروقراطية والطبية المتوقعة بكل مرحلة ومرحلة في السيرورة العلاجية.

هنالك حق في مرافقة قريب من العائلة، صديق أو صديقة أو أي مرافق آخر حسب رغبة المعتدى عليه\ا.

في كل مرحلة من مراحل الفحص الطبي هنالك حق كامل للمعتدى عليه\ا في رفض القيام بأي فحص غير مرغوب به أو لا ي\تشعر بالراحة في إجرائه.

أمية زريق - نصرالله

عاملة اجتماعية مسؤولة لوائية في موضوع منع العنف في العائلة والاعتداءات الجنسية، وزارة الصحة حيفا والشمال

رأيك يهمنا