اين النقب في هذه الجولة الانتخابية؟

على مدار سنوات عديدة اتسمت الحملات الانتخابية في المجتمع العربي عامة وفي النقب خاصة بما يشبه الهدوء التام وانعدمت فيها روح التنافس بين الأحزاب ولم يكن للأحزاب نشاط فعلي بين الجماهير وذلك لأن كل الأحزاب كانت تحت مظلة قائمة واحدة ولم يكن للناخب العربي خيارات كثيرة حيث إن توجه الأغلبية العظمى من الناخبين العرب بطبيعة الحال للأحزاب العربية، لذلك كانت الخيارات أمام الناخب شبه معدومة واتسمت الحملات الانتخابية آنذاك بالهدوء ولم يكن هنالك زخم انتخابي.

أما بعد الانشقاقات التي حصلت في القائمة المشتركة ابتداء من الجولة الانتخابية الماضية عام ٢٠٢١ وتفككها لأحزاب، وجدت الأحزاب العربية نفسها في موقف صعب حيث انتهت الاتكالية وأصبح من واجب كل حزب النزول للميدان وعرض فكره ونهجه، لاستقطاب أكبر عدد من الناخبين له.

غير أن الأمر ليس بهذه السهولة بالنسبة للأحزاب خصوصًا أن الكثير منها لم يكن في الأصل يعتمد على العمل المؤسساتي الممنهج، وعليه الكثير منها تجمدت كوادرها ونشطائها. ما أدى الى زيادة إحباط الناخب العربي عامة والنقباوي خاصة وتعززت لديه رغبة العزوف عن التصويت، وعوضا عن قيام الأحزاب العربية بتصحيح المسار واستغلال الضارة التي تمثلت في تفكك المشتركة لمنفعة، من خلال طرح كل حزب لفكره وبرامجه السياسية، انشغلت في المناكفات فيما بينها، ما زاد من منسوب الإحباط، وبما أن للنقب خصوصية لسخونة قضيته وأهميتها، فنرى أن أكثر المحبطين هم الناخبين النقباويين المتمثلين في ما يقارب الـ ١٤٠ ألف مصوت، الذين في أفضل الأحوال لم يخرج أكثر من نصفهم للتصويت، فكم بالحري في وضع يرى فيه الناخب النقباوي صراعات حزبية لا ناقة له فيها ولا جمل، إضافة لإحباطه من عدم حل قضاياه الملحّة، إلى جانب سياسة بعض الأحزاب التي تستعمل شتى الطرق لخفض نسبة التصويت في النقب؛ إضافة الى تهميش أغلب الأحزاب العربية للنقب وغياب مؤسساتها الفاعلة فيه واعتمادها بالأساس على الأشخاص بعيدًا عن طرح فكر حزبي او رؤية فاعلة.

من واجب الأحزاب العربية في النقب الذي عاني ويعاني الأمرين التعاطي بجدية معنا وتعزيز عملها الحزبي الممنهج ومحاولات جذب الناخبين من خلال طرح برامج انتخابية عملية وخطط عمل واضحة واقعية وقابلة للتنفيذ وكذلك الوصول لكل ناخب في النقب سيما أن هنالك أكثر من ٣٦ قرية مسلوبة الاعتراف يقطنها ما يقارب ١٣٦ ألف عربي تنقصها أبسط مقومات الحياة الطبيعية، حتى أن صناديق الاقتراع بعيدة عن أماكن سكناهم والوصول إليها يقتضي مجهودًا كبيرًا.

رغم كل الإحباطات المتتالية في النقب من الأحزاب العربية إلا أن التمثيل العربي البرلماني هو إحدى وسائل النضال الهامة لنيل الحقوق لذلك من الواجب على كل مواطن عربي في النقب ممارسة حقه في اختيار من يمثله، وفي المقابل من الواجب على الأحزاب العربية توفير كل الإمكانيات سواء المادية أو اللوجستية لتمكين أكبر عدد من الناخبين النقباويين الوصول إلى صناديق الاقتراع.

التصويت حق وأبناء النقب لا يتنازلون عن حقوقهم، وقضية النقب أكبر من كل الخلافات والمناكفات لذلك على الجميع التعالي عن القليل الذي يُفرق والنظر للكثير الذي يجمع ويُوحد وعلينا ممارسة حقنا والتصويت ليكون لنا صوت مسموع ولكي نستغل كل وسيلة ممكنة لتحصيل حقوقنا، والتمثيل البرلماني هو أحد هذه الوسائل التي ينبغي علينا استغلالها كما يجب.


تصوير: وليد العبرة.

عقاب نمر العواودة

مساعد رئيس مجلس القيصوم الإقليمي في النقب

شاركونا رأيكن.م