الدروز وانتخابات الكنيست: مشاركة فعالة، وتصويت عابر للأحزاب وعزوف مرتقب
منذ قيام الدولة يحصل أبناء الطائفة الدرزية على تمثيل في الكنيست يفوق نسبتهم في المجتمع. عدد أصحاب حق الاقتراع من بينهم للانتخابات القريبة قرابة 93,000 صوت. في الكنيست 24 وصل عدد أعضاء الكنيست الدروز أربعة، منهم وزير في مكتب وزير المالية.
عادة نسبة التصويت عندهم تقترب من النسبة العامة، أي أكثر من نسبة المصوتين من سائر أبناء الأقلية العربية. ولكن في السنوات الأخيرة حل تراجع في نسبة التصويت لتتماشى مع نسبتها في المجتمع العربي بشكل عام. في الانتخابات للكنيست 22, 23, 24 تراجعت نسبة التصويت وأصبحت أدنى حتى من النسبة في عموم المجتمع العربي.
فعلى سبيل المثال، في الانتخابات للكنيست 23, ارتفعت نسبة التصويت في المجتمع العربي ل-65.6% بينما عند الدروز 57% فقط.
من ناحية ثانية، التصويت يكون أداتيا في الغالب وقسم صغير فقط يصوت أيديولوجيا. لابن البلد مكانة مركزية في اعتبارات التصويت، بغض النظر عن طروحات الأحزاب. في السنوات الأخيرة ينال حزب يسرائيل بيتينو على أكثر من ربع الأصوات لوجود مرشح في مكان مضمون. كذلك حزب كحول-لافان لوجود مرشحة درزية لأول مرة في تاريخ الدولة (غدير كمال-مريح التي كانت في الكنيست الـ 23). كذلك الأمر بالنسبة لحزب ميرتس الذي حصل على نسبة غير مسبوقة من أصوات الدروز في الكنيست الـ 22, لترشيحه علي صلالحة, ابن بيت جن. حتى الليكود حصل على نسبة من الأصوات للكنيست الـ 23, لترشيحه عضو الكنيست فطين ملا ابن يركا. الآن حزب "همحانيه هماملاهتيه" (بيني غانتس وجدعون ساعر) يقوى حاليا لأنه يرشح اثنين من أبناء الطائفة، بالرغم من أن مكانهما غير مضمون. على هذا الأساس يمكن تفسير نتائج الانتخابات للكنيست الـ 24 حيث حصل حزب يسرائيل بيتنو على 26% من الأصوات، وحصل الليكود على 23%, بينما حصل كحول لافان على 11%, يش عتيد 9% وميرتس على 6%, تماما مثل شاس.
التصويت لا يتعلق فقط بالمرشحين للكنيست وإنما بوظائف وعطاءات يحصل عليها ابن العائلة أو ابن البلد، وليس الطرح الحزبي. لكي نلقي الضوء على ديناميكية هذا الاعتبار نأخذ قرية يركا كمثال: في الماضي حصلت شاس على أكثر من ربع أصوات القرية دعما لمساعد الوزير أرييه درعي، ابن البلد. فيما بعد دعموا يسرائيل بيتنو لأن المرشح قريب إحدى العائلات. في الانتخابات للكنيست الـ 20 أكثر من ثلث أبناء البلد، بما فيهم من صوت شاس في الماضي، صوتوا للقائمة المشتركة دعما لعبد الله أبو معروف ابن البلد. في الانتخابات الأخيرة قسم كبير منهم دعم الليكود لنفس السبب (دعم فطين ملا ابن القرية).
في الحملة الانتخابية الحالية نرى عزوفا وعدم اهتمام بالحملة الانتخابية. ما أسباب ذلك؟
السبب الأول، انخفاض نسبة التصويت لعدم الجدوى في التمثيل في الأحزاب الصهيونية. لا نرى علاقة حقيقية بين التمثيل البرلماني ويبين الإنجازات. مع الوقت بدأ المصوت يفهم أن وجود ممثل في الحزب، ملتزم بمصالح الحزب، لا فائدة حقيقية منها.
ثانيا، مشاكل البناء والخرائط الهيكلية أثبتت للمصوت الدرزي أن لا فرق في المعاملة بينه وبين باقي المواطنين العرب. إذا ما فائدة دعم هذه الأحزاب؟
ثالثا، وهذا الأهم قانون القومية الذي أشعر الدروز الذين يخدمون في الجيش وقوات الأمن الإسرائيلية، أنهم مواطنين من الدرجة الثانية، مثل باقي المواطنين العرب. ما زاد من قناعاتهم أن الأحزاب الصهيونية تستعملهم لمصالحها ولا تمثل مصالحهم وتوجهاتهم.
رابعا وأخيرا وجود حزب أداتي ومؤسساتي كالموحدة جعل الدروز أقل جاذبية للأحزاب الصهيونية فقسم منهم دفع بالممثل الدرزي لمكان متأخر، مثل الليكود الذي أعطى "الأقليات" المكان 44. كما أن تصويت ممثل درزي - الوزير الليكودي السابق أيوب قرا - إلى جانب قانون القومية، كان بمثابة إهانة مزدوجة: ليس فقط تمرير قانون عنصري كهذا بل وبدعم مشبوه من أحد أبناء الطائفة. هذا كان دليلا إضافيا على عدم جدوى هذا التمثيل وما ينسحب عليه من أضرار مستقبلية.
بشكل عام، يعاني الدروز من تمييز مزدوج، في السياسة كما في الحياة العادية. على سبيل المثال، حزب "الجبهة" يعطي الدروز نصف مقعد في أحسن الأحوال وبمكان غير مضمون، هذا ناهيك عن التمييز ضد الدروز ليس فقط من قبل الأغلبية اليهودية، بل أيضا من قبل باقي العرب. كل هذا يدعو للإحباط وعدم الرغبة في المشاركة السياسية.
استعمال الصورة بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال ملاحظات ل [email protected].