أمراض القلب في المجتمع الفلسطيني في إسرائيل – معطيات وتوصيات
تشير الاستطلاعات وحسب معطيات وزارة الصحة أن جيل مرضى القلب في المجتمع العربي بالمعدل، أقل بخمس سنوات من المجتمع اليهودي. وأن نسبة الوفيات بسبب أمراض القلب أعلى عند العرب. عند دراسة وتحليل المعطيات يمكننا تفسير الفوارق، مع العلم أن ظروف التشخيص والعلاجات متساوية في المجتمعين.
إذن ما أسباب هذه الفوارق؟
امراض الشرايين والقلب وخصوصًا الشرايين التاجية التي تغذي عضلة القلب سببها هو مرض تصلب الشرايين الذي يبدأ تدريجيًا ويسبب ترسبات بجدران الشرايين. هذه الترسبات تسبب ضيقا في الشرايين. وهذا الضيق يزداد تدريجيًا إلى أن يسبب انسدادا في الشريان. في حالات معينة يحدث ضرر للغشاء الداخلي للشريان مما يؤدي إلى تفعيل جهاز تخثر الدم في المكان الذي حدث به الضرر ويؤدي إلى انسداد فجائي في ذلك المكان بداخل الشريان والنتيجة تكون نوبة قلبية حادة (جلطة).
علامات النوبة القلبية تتفاوت من شخص إلى آخر، ولكن في معظم الحالات تكون هناك آلام في الصدر مع ضيق نفس وشعور بالاختناق.
في السنوات الأخيرة حصلت تطورات في طرق تشخيص وعلاج النوبة القلبية مما أدى إلى انخفاض بارز في نسبة الوفيات ونسبة المضاعفات السلبية للنوبة القلبية. سرعة وصول المصاب بالنوبة القلبية إلى المستشفى هو العامل الأهم في تقليل نسبة الوفيات والمضاعفات السلبية للنوبة القلبية.
ما أسباب تصلب الشرايين؟
تصلب الشرايين يتعلق بعمر الانسان. مع التقدم في السن يحدث تصلب في الشرايين، ولكن درجة التصلب ودرجة الضيق في الشرايين ودرجة انتشار التصلب في الشرايين (كمية وعدد الشرايين المصابة) تتفاوت من شخص إلى لآخر. كما أن عمر الانسان عند بداية التصلب في الشرايين وسرعة تقدم المرض تتفاوت. هناك ما يسمى عوامل خطورة، هذه العوامل تؤثر وتفسر هذه التفاوتات.
ومن عوامل الخطورة – العامل الوراثي: فهناك عائلات ينتشر فيها تصلب الشرايين أكثر من غيرها ويبدأ في سن مبكرة. مرض السكري - هو عامل خطورة مهم، فيجب علاج السكري ومتابعة نتيجة العلاج، واليوم توجد أدوية للسكري واقية للقلب، وعلى مريض السكري التوجه لطبيب أخصائي لانتقاء الادوية المناسبة له ومتابعة العلاج. التدخين – عامل خطورة محفز لتصلب الشرايين ويسرع من تقدم المرض، التدخين يدخل إلى الجسم سموما ومواد مؤكسدة ضارة للشرايين ولأعضاء أخرى. ارتفاع نسبة الدهنيات والكولسترول - أحد عوامل الخطورة التي ثبت بشكل قاطع أن علاجه وتخفيض نسبة الكولسترول في الدم تقلل من عدد الوفيات القلبية وتقلل من نسبة الإصابة بالنوبات القلبية وتبطئ تقدم تصلب الشرايين.
ارتفاع ضغط الدم – أحد عوامل الخطورة ويجب معالجته ومتابعة قياسات الضغط، وملاءمة الدواء لقياسات الضغط. حسب الاستطلاعات هنالك إهمال بمتابعة قياس ضغط الدم بعد بداية العلاج.
ومما قد يعجل من تقدم تصلب الشرايين ارتفاع الوزن والسمنة الزائدة – لأن السمنة تسبب ارتفاع نسبة الدهنيات في الدم، وتسبب ظهور مرض السكر في جيل أصغر وتسبب ارتفاعا بضغط الدم، وتعرقل علاج هذه الأمراض. فيجب اتباع حمية مناسبة وممارسة الرياضة ونشاط بدني. وفي حالات معينة يمكن علاج السمنة بالدواء عن طريق طبيب وفي بعض الحالات التوجه لعملية جراحية. الرياضة عامل مهم لمنع تقدم تصلب الشرايين، اتباع نمط حياة صحي ونظام غذائي صحي يقلل من انتشار وتقدم تصلب الشرايين، فيجب الإكثار من أكل الخضراوات والفواكه والحبوب والأسماك والتقليل من الدهنيات واللحوم الحمراء.
أما عن بداية المرض في جيل أصغر ونسبة وفيات أعلى في المجتمع العربي، نلاحظ من الاستطلاعات والأبحاث، أن عند العرب نسبة انتشار مرض السكري أعلى، ولديهم نسبة كولسترول عالية في الدم منتشر أكثر، ونسبة المدخنين أعلــى ونسبة السمنة أعلى خصوصًا بعد سن الستين. ونسبة الذين يتبعون نمط حياة صحيا وحمية غذائية صحية أقل عند العرب.
هذه هي أسباب ظهور مرض تصلب الشرايين بجيل أصغر وتقدم المرض أكثر في المجتمع العربي. وحين التشخيص (حسب فحص القسطرة) فإن درجة إصابة الشرايين التاجية بالمرض أعلى، كما أن عدد الشرايين المصابة أعلى وهذا يؤدي إلى مضاعفات أكثر بسبب تصلب الشرايين ونسبة وفيات أعلى.
درهم وقاية خير من ألف علاج. وجود وعي صحي والاهتمام بعوامل الخطورة من حيث تفاديها وعلاجها واتباع نمط حياة صحي وحمية غذائية صحية، تقلل من انتشار ومن درجة تصلب الشرايين وتمنع مضاعفاتها، وتؤدي إلى تقليل احتمال حدوث نوبات قلبية ووفيات.
دمتم بالصحة والعافية.
د. محمد عمري
مدير قسم القلب في المستشفى الإنجليزي ومستشار أمراض القلب في صناديق المرضى