ستَّة أسرار للمرأة المقدسية الصامدة!

استطاعت نساء القدس المحتلة –على مختلف أعمارهن- في السنوات الأخيرة لفت الأنظار إلى قضيتهن العادلة، وتصدرت الكثير منهن المشهد الإعلامي بشكل يوازي الرجال أو يفوقهم، بعد تصاعد حدة الاستهداف الإسرائيلي للمدينة المقدسة، وارتفاع وتيرة هدم البيوت وإخلائها، والاعتداء على المقدسات، وقتل وأسر المقدسيين.

وهنا يبرز السؤال حول سر صمود المرأة المقدسية وقدرتها على التأثير ونقل قضيتها إلى العالم من أحياء القدس المختلفة كالشيخ جراح وسلوان والطور والعيساوية والبلدة القديمة ومركزها المسجد الأقصى. حتى برزت منهن –إعلاميا- الكثيرات كأمثال أم كامل الكرد، وهنادي الحلواني، ومنى الكرد، وفاطمة سالم، وأم سامر العيساوي، وأم مراد عطية، وغيرهن الكثيرات اللواتي صمدن وما زلن خلف الكواليس.

الأسرار الستة:

1. حب فطريّ متجذر:

تولد المرأة في القدس ويولد معها الحب الفطري لتلك المدينة، التي أحبها كل من زارها وسكنها وحتى من سمع بها وقرأ عنها، ويزداد ذلك الحب تجذرا بمرور السنين وتراكم الذكريات، حتى يغدو البيت المتواضع في القدس قصرا، والزقاق الضيّق القديم بهوا فسيحا رحبا.
لذلك، نسمع الجملة الشهيرة المتداولة بين أبناء القدس:"إحنا والقدس زي السمكة والمي، إذا بنطلع منها بنموت". ومع ذلك الحب الفطريّ المتجذر المتراكم تظهر المرأة شراستها كلّها عند أول تهديد لعائلتها وبيتها ووجودها في مدينتها.

2.  ألم قويّ قاهر

ليست المرأة المقدسية فحسب، وإنما أي إنسان سويّ على وجه الأرض ينتفض رادا على فعل الألم والقهر. فكيف إذا عاين هدم البيت الذي عمّره لسنين طويلة أو ورثه عن أجداده؟ أو قتل أحد أفراد عائلته أو فلذة كبده؟ أو حال بينه وبين أحبابه سجن قاتم وقضبان محكمة سنوات طويلة؟ أو انتهكت مقدساته وشوهت حضارته!
حتما سيدفع هذا الألم صاحبه للثورة والصراخ في وجه من سببه، سيسعى جاهدا لإزالته وفضحه وتبيانه لمن حوله. الألم يصنع المستحيل، والألم بالنسبة للمرأة المقدسية حافز قويّ للتحرر والدفاع، للتصريح به ودفعه حتى يختفي إلى الأبد.

3. محيط داعم

لا تبرز المرأة المقدسية من فراغ، فخلف كل امرأة عظيمة صامدة حاضنةٌ مجتمعية دائمة، والدان محبان أو زوج داعم أو أبناء محفزون. فحين يجتمع لدى المرأة الحب والألم والدعم، تكتمل لها دعائم الصمود. تلك الحاضنة المقدسية تهب لنجدة بعضها عند كل خطب، توفر الحشد الميداني، والدعم المادي والمعنويّ، وتمتنع عن التثبيط أو النقد السلبي، مقوضة الصورة النمطية عن المرأة الشرقية ودورها في المجتمع.

4. قدوات حاضرة

لا يولد صمود المرأة من العدم، فتنشأ على قدوات ماثلة أمامها من محيطها العائلي أو المجتمعي، تنشأ على حكايات جدتها المخلدة لنساء قويات من أسلافها، على شاشات التلفاز تبث قصصا وخطابات لنساء صامدات، ترى أمها وأختها وجارتها، تمتص صمودهن عبر السنين، وتنطلق بنسخة حديثة ووحيّ عتيق، لتؤرخ لأسطورة جديدة وقدوة مستقبلية.

5. حضور إعلاميّ

عدا عن الأسرار الأربعة الآنفة، تحظى بعض النساء المقدسيات بطلاقة لسان وقوة تعبير وحسن ظهور أمام وسائل الإعلام، كما أنهن لا يفوتن طلبا للحديث الإعلامي عن قضيتهن، بل ويمثلنها أفضل تمثيل. كما فهمت المرأة المقدسية أيضا متطلبات عصر الإعلام والسرعة اليوم، وأهمية الإعلام والتوثيق في نصرة قضية أو طمسها.

6. لأنها القدس

أحيانا، لا يكون الصمود خيارا بين رغد العيش، ولكنه قدر حتميّ على من عاين المأساة، وخصوصا على من عاش في القدس. فتحمل المرأة المقدسية على عاتقها أمانة ورسالة لنصرة قضيتها الفردية التي تصب في قضية القدس المركزية ومن فوقها فلسطين كوحدة واحدة.
فكيف لمقدسية تعيّ حقها التاريخي، وحضارة مدينتها وعظمتها، أن تغفل الدفاع عنها أو الصمود فيها، كيف لجسد عاشت روحه بين جنبات القدس أن يتكاسل أو يتردد أو يمتلك صمودا هشا يتداعى عند أول قارعة؟

لأنها القدس، تمنح أسرار الصمود لمن حوتهم وحوتهن، لافظة –ولو بعد حين- من آذى أبناءها وبناتها وزوّر تاريخها وأظلم حاضرها!


(استخدام الصورة بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال ملاحظات ل [email protected]).

شاركونا رأيكن.م