فيتامينات تخطي الأزمات في سوق العمل

يمر سوق العمل بأزمات متتالية، أزمات أدت الى ارتفاع بنسب البطالة جراء عمليات الفصل من العمل أو الخروج الى اجازات بدون راتب.

حيث أفاد استطلاع جديد لسلطة التطوير الاقتصادي بالشراكة مع المنتدى الاقتصادي العربي وشركة "ليكسدل" ومعهد يافا لاستطلاعات الرأي حول تأثير الحرب على سوق العمل في المجتمع العربي، بأن نسبة البطالة في صفوف القوة العاملة في المجتمع العربي وصلت إلى نحو 15% مقارنة بنسبة البطالة العامة في البلاد التي وصلت الى 5%.

ورغم شدة وقع هذه الأزمات على الكثير من العمال والموظفين، الا ان سرعان ما يليها الأمل بفرص إعادة اكتشاف ذواتنا، قدرتنا على التحمل، وتدريب ذواتنا على التعامل مع الأوضاع المستجدة.

ما دفعني الى التساؤل في قرارة نفسي عن كيفية تحويل الأزمات الى فرص سانحة؟ ووجدته بعبارة أسميتها "فيتامينات تخطي الأزمات". وهذه الفيتامينات هي عبارة عن مهارات مكتسبة تعزز من قدراتنا على تجاوز الأزمات وتحويلها لفرص تمكننا من التعامل المضبوط، المسؤول والسلس في فترة الضغوطات وحتى بعض اجتيازها.

اذا ما هي هذه "الفيتامينات لتخطي الأزمات"؟

  • فيتمين "ذ" الإدارة الذاتية: المحافظة على نظام يومي خلال فترة الازمات، قدر المستطاع؛ واستغلال وقتنا بنجاعة ومنح أولوياتنا حقها، والالتزام ببرنامج عمل يومي منظم.

  • فيتمين "ت" التفكير النقدي: أي التمكن من فهم وربط العلاقة المنطقية بين الأفكار والسلوكيات خلال فترة الأزمات، التي قد تساعدنا على تجاوز التفكير المألوف المعتمد على أنماط التفكير السابقة التي لم تأتنا بالنتائج المرجوة.

  • فيتمين "ر" الرؤية الشمولية: القدرة على النظر بشكل أوسع على الأزمات ومن زوايا مختلفة وبحالات متعددة.

  • فيتمين "ب" الابداع والابتكار: التفكير خارج الصندوق لإيجاد بدائل وحلول للإشكاليات التي نمر بها  وقت الأزمات، تذويتها وتطبيقها قدر المستطاع.

  • فيتمين "ق" اتخاذ القرارات: القدرة على اتخاذ القرارات بشكل مدروس استنادا إلى حقائق وليس مشاعر، بعيدا عن تأثيرات الأزمة المباشرة، أخدين بعين الاعتبار تداعيات القرار خلال وبعد الأزمة في الحالات المختلفة.

  • فيتمين "ع" الذكاء العاطفي: إدراك ردود الافعال والانفعالات خلال الازمات والقدرة على ضبطها من خلال تعزيز الاحتواء العاطفي لمحيطنا.

هناك أهمية قصوى للعمل على تطوير هذه المهارات وغيرها، نظرا لتأثيرها الكبير علينا وعلى سلوكياتنا المهنية وحتى الشخصية. فباكتسابها والتدرب عليها، سيكون بمقدورنا رفع حصانتنا النفسية بشكل مستدام، الى جانب التميز على المستويين المهني والشخصي، وتساهم في تخطينا الأزمات.

ان كنا في موقع صنع القرار او موظفين في شركة او مكان عمل آخر، يمكننا الاستفادة من هذه التوصيات لا سيما خلال فترات الازمات التي قد تنتهي أحيانا بإقالات او احالة لإجازات بدون راتب. فاعتماد الذكاء العاطفي لدى المشغلين يمكنهم من التواصل الفعال واحتواء الموظفين والذكاء العاطفي ذاته يمكن الموظفين من تفهم قرارات المشغل وخلفيات قراراته وربما تقبلها.

من المهم أن نتذكر بانه من الضرورة بمكان اعتماد نظام يومي روتيني يمكننا من الحفاظ على نشاطنا وادارتنا الذاتية، وان نسعى لابتكار طرق جديدة لإعادة اكتشاف قدراتنا في حال اندمجنا بعمل جديد. أما في حال استمرت الأزمة لفترة أطول، من المهم أن نسعى لإيجاد حلول مؤقتة حتى يكون بمقدورنا اتخاذ قرارات بشكل مدروس حال توفر عروض عمل جديدة أو اتاحة المجال لعودتنا لعملنا السابق، أو المبادرة لعمل خاص بنا.

لا شك بان الأزمات في سوق العمل تؤدي لزعزعة الأمان الوظيفي وزعزعة الثقة بين الموظف والمشغل، وعليه فان المهارات المذكورة أعلاه إن توفرت لدى لمشغل و\او الموظف فمن شأنها أن تخفف من وطئة هذه الزعزعة وأثارها الوخيمة.

مروة مجادلة بدران

مستشارة تنظيمية ومختصة في مجال الموارد البشرية

شاركونا رأيكن.م