العُمْلَة النّادِرة في سوق العَمَل

لماذا أصبح الموظَّف المُؤهَّل عُمْلَة نادِرة؟

في السنوات الأخيرة، أصبح سوقُ العمل يُعاني من نَقْص حادّ في الموظَّفين المُؤهَّلين، حتى أنّهم أَصبحوا عُملة نادِرة، الوضع الذي ساهمت عوامل عديدة في نشوئه. واكَبتُ خلال عملي في تجنيد طواقم العمل، ظاهرةَ صعوبة تجنيد الموظّفين واستمرارهم فترةً ممتدة وثابتة في العمل، حيث باتَ نجاحهم في الاستمرار من التحدّيات الكبيرة. أشارككم من خلال هذا المقال في أهمّ المحاور التي تُفسِّر هذه الظاهرة.

 1. التغيرات الاقتصادية العالمية

تتأثر أسواق العمل بشكل كبير بالأزمات الاقتصادية العالمية، مثل الأزمات المالية والجوائح. تؤدي الأزمات إلى تقليص الوظائف وزيادة البطالة في بعض القطاعات، بينما يتزايد الطلَب على المهارات المتخصّصة في قِطاعات أخرى. تبحث الشركات عن موظّفين يمتلكون مهارات معيّنة تساعدها على التكيّف مع التغيّرات السريعة، مما يزيد من ندرة هؤلاء الموظفين.

 2. تطور التكنولوجيا

غيّر التقدّم التكنولوجي، وخاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي، من احتياجات الشركات. أصبحت بعض الوظائف التقليديّة مهدّدة، بينما زاد الطلب على المهارات الرقميّة المتقدمة. تحتاج الشركات إلى موظفين قادِرين على التعامل مع التقنيات الحديثة، مما يجعل المهارات التكنولوجية شرطًا أساسيًا للنجاح في سوق العمل.

 3. تَغيُّر توقّعات الموظفين

تغيّرت توقّعات الموظفين بشكل كبير. اليوم، يبحث الكثيرون عن توازن بين العمل والحياة الشخصيّة، ويرغبون في بيئات عمل مرنة وداعمة. تتطلب هذه التوقعات من الشركات تعديل سياساتها وبيئات عملها لجذب الموظفين والاحتفاظ بهم. 

4. المنافسة بين الشركات

تتنافس الشركات بشكل مُتزايد لجذب المواهب المميّزة. تستخدم العديد من الشركات استراتيجيات مبتكرة، مثل تقديم حوافز العمل والمزايا التنافسية، مثل العمل عن بُعد، وبرامج التدريب، والتطوير المهني، لجذب الموظفين الجيِّدين. تجعل هذه المنافسة من الصعب على الشركات الصغيرة أو التقليدية الاحتفاظ بالموظفين، مما يزيد من نُدرتهم في السوق.

 5. نَقْص المهارات

تَظْهر فجوة واضحة بين التعليم ومتطلبات السوق. لا يمتلك العديد من الخريجين المهارات اللازمة التي تبحث عنها الشركات، مما يعني وجود نقص في المهارات أصلًا. لذلك، أصبح التدريب والتطوير المهني أمرًا حيويًا لمساعدة الموظّفين على تلبية احتياجات السوق المتغيّرة. 

 6. العولمة وتأثيرها

تؤثر العَولمة بشكل كبير على سوق العمل المحليّ. تعني المنافسة العالميّة أن الشركات ليست فقط في صراع مع بعضها البعض محلّيًا، بل أيضًا مع الشركات العالمية. تتيح فرص العمل عن بُعد للموظفين العمل مِن أيّ مكان، مما يزيد من التنافس على الوظائف ويجعل الموظفين المؤهَّلين أكثر نُدرة.

 7. أهمية الثقافة المؤسسية

تَلعب الثقافة المؤسسية دورًا حيويًا في الاحتفاظ بالموظفين. تؤدي بيئة العمل الإيجابية، والقيادة الفعالة، والدعم من الإدارة إلى زيادة الرضا الوظيفي. تكون الشركات التي تستثمر في ثقافتها المؤسسية أكثر قدرة على جذب المواهب والاحتفاظ بها.

 8. التوجُّهات المستقبلية

مع استمرار التغيرات الاجتماعية والديموغرافية، ستتغير متطلّبات الموظفين في المستقبل. قد تتزايد أهمية الاستدامة ورفاهيّة الموظفين، بينما قد تظهر مهارات جديدة نتيجة التطورات التكنولوجية. على الشركات الاستعداد لهذه التغيّرات لضمان استمرارية نجاحها في سوق العمل المتغيّر.

9. التطلّعات للاستقلالية

شُيوع التوجُّه نحو العمل المستقلّ والمشاريع الحرّة، التي باتت مُتاحة أكثر، ومن متطلّبات العصر لأصحاب المهارات العالية وأصحاب المبادرات، إذ يترك هؤلاء العمل كأجيرين ويعملون كمستقلين، ما يعني عملًا أكثر حرية، ومرونة، وأعلى دخلًا، وتحررًا من الروتين، وغيرها من الأمور.

تُمثّل ندرة الموظفين المؤهلين تحديًا كبيرًا للشركات في العصر الحديث. من خلال فهم العوامل المختلفة التي تؤثر على سوق العمل، يُمكِن للشركات تطوير استراتيجيات فعّالة لجذب المواهب والاحتفاظ بها، مما يساهم في نجاحها المُستدام.

وبالمقابل هناك أهمية لأخذ الموظفين دورًا فعالًا بمواكبة الحداثة، وتطوير المهارات الإدارية والتزوّد بأدوات عملية حديثة للرفع من أدائهم وإبداعهم في العمل.

مروة مجادلة بدران

مستشارة تنظيمية ومختصة في مجال الموارد البشرية

رأيك يهمنا