ثماني ساعات عمل، ثماني ساعات نوم، ثماني ساعات فراغ للراحة والاستمتاع

هكذا بدأت ذكرى الأول من مايو / أيار بشعار المطالبة بالعدل للعمال "ثماني ساعات عمل، ثماني ساعات نوم، ثماني ساعات فراغ للراحة والاستمتاع". من هنا انطلقت حملة الاضراب والمطالبة بتحديد ساعات العمل. أصبحت ذكرى العمال الذين قتلوا خالدة، وكان اختيار هذا اليوم من قبل الأممية أيضا بمثابة تكريم لضحايا ساحة هيماركيت في شيكاغو وغيرها من الاحتجاجات والاضرابات العمالية التي شهدتها المدينة عام 1886. ويُعدّ الأول من مايو يوم عطلة رسمية في 107 دول حول العالم تمثل ما لا يقل عن 67% من سكان الكرة الارضية.

بدأ نضال المطالبة بتحسين ظروف العمل في العام 1886 وما زال مستمر حتى يومنا هذا، منذ زمن ليس ببعيد طرح على طاولة المفاوضات اقتراح تقليص أيام العمل، وزيادة معدل الحد الأدنى للأجور. ماذا جد وتغير بهذا الأمر؟! ليس الكثير.

ما زال هناك الكثير مما يحتاج للتغيير ومن ضمنه نمط التفكير للوصول لتغيير وتأثير ذو معنى بنمط ونظام عدد ساعات وأيام العمل في البلاد. هناك حاجة لإيجاد وخلق قناعة بأن تقليل أيام العمل يؤدي لرفع مستوى إنتاجية الموظفين ويزيد من دافعيتهم مما يؤدي لنجاعة وفاعلية عملهم ورفع مستوى انضباطهم وتفانيهم للعمل والتقليل من الغيابات الدورية المتكررة بسبب ودون سبب.

بات معروفا أنه في البلاد معدل ساعات عمل الموظفين بازدياد وأن استغلال ساعات العمل الإضافية مستهلك بشكل متكرر. بحسب الاحصائيات نحن نعمل أكثر من 44 ساعة بالأسبوع، 168 بالشهر، وما يقارب 1900 ساعة بالسنة. هذه الساعات تقريباً 9% أكثر من معدل الساعات بدول ال OECD التي يتراوح عدد ساعات العمل بها 1740 ساعة عمل سنوياً.

من المعلوم أن ساعات العمل المتواصلة والعمل وفق ساعات إضافية أكثر من ثماني ساعات له اسقاطات عديدة وندفع ثمنها باهظاً. العمل المتواصل والعمل بساعات إضافية يؤدي الى ارهاق وتعب واحتراق وظيفي وبهذا فاعلية ونجاعة العمل تقل ومن ثم يبدأ صعوبة التوازن بين حياة العمل والحياة الشخصية.

كما أن الأبحاث التي أجريت في دول مختلفة وشركات متعددة من الذين اعتمدوا تقليل أيام العمل لأربعة أيام وتبين أن نتائج هذا الاجراء مرضية جداً من رفع مستوى إنتاجية الموظفين أي ارتفاع 40% من نسبة الإنتاجية مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. إضافة لتقليصات بمصروفات الشركات التي اعتمدت نظام تقليل أيام العمل مثل: مصروفات الكهرباء، مطبوعات وغيرها من المصروفات الأخرى لأماكن العمل.

الكثيرون من المشغلين لديهم تفكير مغلوط أن تواجد الموظفين في العمل لساعات أكثر من ساعات دوامهم هذا مؤشر ايجابي ودلالة لتفانيهم بالعمل وهذا يؤدي لزيادة في إنتاجيتهم، لكن كما ذكرت هذه معتقدات مغلوطة التي تكلف المشغل تكلفة ساعات عمل إضافية ومصروفات باهظة، وتكلف الموظف صحته ووقت فراغه وعائلته.

ختاماً أقول، ما دام صاحب الحق مستمراً في المطالبة والسعي لأخذ كامل حقوقه فلا بد من الاستجابة، تحقيق ونيل هذه المطالب. ويوم العمال أو الأول من مايو / أيار الذي كان وما زال رمز للمطالبة بالعدل والمساواة في ظروف العمل، وبدأ بشعار المطالبة بجعل ساعات العمل ثماني ساعات وما زال مستمر هذا النضال بالمطالبة بتقليل ساعات العمل ورفع الحد الأدنى للأجور وبالمساواة والعدل بقضايا أخرى لا تقل أهمية حتى يومنا هذا.

مروة مجادلة بدران

مستشارة تنظيمية ومختصة في مجال الموارد البشرية

شاركونا رأيكن.م