دور الشباب في عملية التغيير المجتمعي
لا يخفى على أحد ما آل إليه وضع المجتمع العربي في السنوات الأخيرة من فقر وعنف وضياع. ويتساءل كُثر: أين الشباب والجيل الشاب مما يحصل؟
يسعى كثيرون من شباب وشابات المجتمع العربي للنهوض به، ويحاول آخرون، ولكن السنوات الأخيرة بدأت تظهر ظاهرة غريبة هي عزوف الشباب والشابات في بداية العشرينيات عن المبادرة والتغيير المجتمعي. كثيرة هي المبادرات التي لم تجد من يستمر بها وكثيرة هي القرى والمدن العربية التي لا تزال متعطشة للطاقات الشبابية.
قبل أن نحكم على الجيل الشاب ورغم صعوبة ما يمر به مجتمعنا، لا يخفى علينا أن هذا الحال نتاج سنوات انتهجت فيها المؤسسة الإسرائيلية زرع قيمة الفردانية والخلاص الفردي في أفراد هذا المجتمع متناسيين وللأسف أن لا خلاص للفرد دون خلاص المجتمع. وقد رأينا ذروة هذه النتيجة في أحداث أيار 2021 حين عاد الشباب والشابات العرب إلى بلادهم هربًا من العنصرية والعنف.
إحدى أفضل المبادرات الشبابية هي روابط الأكاديميين والأكاديميات في القرى والمدن العربية، هذه الروابط التي تدخل إلى بلداتنا فكراً وأفقًا جديدًا، تنظم مشاريع ومبادرات وأمسيات تحمل فكراً وروحاً جديدة تؤكد بأن طلابنا وطالباتنا يستحقون الأفضل وأن العالم أكبر وأوسع مما اعتقدنا يومًا. بالإضافة الي كل المعرفة التي تجلبها هذه الروابط، تجلب معها أيضّا إحدى أهم القيم التي تنقص مجتمعنا اليوم، ألا وهي العطاء؛ وكأن لسان حالهم يقول: نحن نتطوع ونعطي من منطلق الانتماء لمجتمعنا، ولكن لا ننسى ذواتنا في الخلف، بل نحقق الأمرين معاً لضمان استمرار تطوير المجتمع ودفعه قدماً.
لا أدعي بأن حل أزماتنا يكمن في أيدي شريحة الشباب فقط، ولكن أعتقد أن بأيديهم أحد أهم المفاتيح للنهوض بالمجتمع من خلال المعرفة والمهارات اللازمة لدفعه إلى الأمام وليكون قادرًا على التطور والإنتاجية. وعليه، أعتقد أن ما تحتاجه بلداتنا وقرانا العربية اليوم هو استثمار أكبر في الطاقات الشبابية، وهذا يتطلب الابتعاد عن القبائلية والعشائرية وإتاحة المجال لتطوير طاقاتهم ورفع الوعي في أوساطهم حول مفاهيم التضامن والانتماء، حيث لا خلاص فردي دون خلاص جماعي.
في الختام، يحتاج مجتمعنا إلى قدوات جديدة تلهم الأجيال الشابة، وتنمي لديها حس العطاء والرغبة الحقيقية في بناء مستقبل واعد وواقع أفضل. فلا حلول سحرية للعنف والفقر ولكن العلم والمعرفة والعطاء الشبابي هي بداية الطريق، بلا شك.