مركز الابتكار كفر قاسم

الفكرة

كفر قاسم، مدينة عربية تقع في منطقة المثلث. كما باقي المدن والبلدات العربية، تسعى إدارة البلدية الى تحسين ورفع المستوى المعيشي لسكانها. الى جانب البلدية تعمل الشركة الاقتصادية، والتي تختص في مجال ادارة المناطق الصناعية، انشاء مباني وبنى تحتية، كما تساهم في انشاء مشاريع ذات أهمية استراتيجية للبلدة. 

أحد اهم المشاريع التي تقوم عليها البلدية من خلال الشركة الاقتصادية هو مشروع قرية الهايتك. وهو مشروع ضخم من خلاله تسعى البلدية الى توظيف عدد أكبر من الشابات والشباب من المجتمع العربي في مجال الهايتك، سيدر هذا المشروع أرباح كبيرة على البلدية لزيادة استقلاليتها المادية وحصانتها لبناء مشاريع أكبر.  من خلال بحث اولي قامت به الشركة الاقتصادية بالتعاون مع بعض شركات الهايتك تبين ان أحد اهم نقاط الجذب لهذه الشركات هو وجود الموارد البشرية ذات الكفاءة للعمل في هذا المجال. من هنا جاءت الفكرة لبناء مركز للعمل على زيادة عدد المتعلمين والمنخرطين في مجالات برمجة الحاسوب والهندسة.

الفرص

مما لا شك فيه ان العمل في مجال التكنلوجيا والبرمجيات يعد من أفضل الفرص للشباب في هذا العصر. لا سيما ان هنالك اهتمام من قبل الوزارات المختلفة بان ينخرط المجتمع العربي في هذا المجال من اجل دفع عجلة الاقتصاد الى الامام. وحين ننظر الى معطيات مدينة كفر قاسم من ناحية الموقع المركزي والاستراتيجي الى جانب العمل الدؤوب والمهني للمؤسسات التعليمية فيها فان الفرصة سانحة لتطوير مجال البرمجيات والتكنلوجيا. 

لكن القصة لا تنتهي هنا، النقطة الأهم في هذا المجال ليست زيادة عدد العاملين في الهايتك، انما بناء مجتمع مبادر يقوم بحل المشاكل بطريقة إبداعية باستخدام التكنلوجيا، ووجود كثير من المشاكل في مجتمعنا يشكل رافعة لبناء كم أكبر من المبادرات والابتكارات لحل هذه المشاكل. 

لذلك فان اللغة والاهداف تحولت مع الوقت من بناء مركز لزيادة العاملين في مجال الهايتك، الى بناء مركز للمبادرة والابتكار، وهو موضوع أوسع وأعم ويشمل بداخله قطاعات إضافية من مجتمعنا بإمكانها إيجاد فرص كالمستثمرين، وأصحاب الأفكار الإبداعية، وغيرهم ممن يمتلكون اهتمام في مجال المستقبليات. 

ماذا نفعل

حين نلج الى موضوع عالم الابتكار، الهايتك والهندسة فاننا نجد امامنا عدة تحديات. أولا: نسبة العاملين العرب في مجال الهايتك منخفضة جدا مقارنة بنسبة المجتمع العربي في الدولة وتكاد لا تتعدى ال 5% من مجمل العاملين في المجال. إضافة الى قلة معرفة المجتمع لهذا المجال وانحصاره في مجموعة صغيره مهتمة فيه بدوافع فردية وليس من خلال مأسسة العمل. كذلك هناك حواجز نفسية في الدخول الى هذا العالم لوجود الكثير من الصعوبات المرتبطة بنسب النجاح المنخفضة فيه (خصوصا مجال الابتكار) ويمكنني ان ادعي بحذر ان هناك جانب ثقافي مرتبط بقلة انخراطنا في بناء ابتكارات ومبادرات يعود الى ثقافة "التمسك" لدينا كمجتمع، وهي ثقافة معاكسة للديناميكية والحركة والتقدم الى المناطق الغير مضمونة وهو الطابع العام للابتكار. 

وعليه فإننا في مركز الابتكار قمنا ببناء ثلاث اطر للعمل على بناء مجتمع مبادر ومبتكر. وذلك بشراكة تامة مع مؤسسات المجتمع المدني. جمعيات مثل "مونا"، "اجيك" و"تسوفن" والتي تمتلك تخصصات مختلفة في المجال، الى جانب المدارس، البلدية، الوزارات، مؤسسات وجمعيات محلية، كلها تعمل في إطار مشترك من اجل انجاز المهمة على اكمل وجه، يوجه كل هذه الاجسام هدف واحد: وهو الملائمة الثقافية لكل ما يقدم للمجتمع. 

  • الإطار الأول هو الإطار التعليمي التربوي، جمهور الهدف فيه الطلاب من أجيال ابتدائية حتى ثانوية وما بعدها، كمشروع من فكرة الى منتج والذي يتم فيه كشف الطلاب على عالم المبادرة والابتكار ومرورهم بتجارب مشابهة لبناء ابتكارات من مرحلة تحديد المشكلة مرورا ببناء فكرة أولية وانتهاء ببناء منتج وتسويقه. كذلك برنامج "بريدجتيك" وهو برنامج لإعداد الشباب في المرحلة الانتقالية للجامعة.

  • الإطار الثاني وهو إطار الشباب، وهو المرحلة الثانية من عملنا في السنة القادمة. هذا الإطار يحتوي على دفيئة ابتكارات في مجال مخصص، يتم فيه الربط بين هذه الابتكارات وتجربتها في الحقل، كما سيحتوي المركز على بنك معلومات واستبيانات نتعلم من خلالها عن المجتمع وخصائصه، بالإضافة الى كونه بيئة يلتقي فيها المبتكرون والمبادرون وكذلك رجال الاعمال من اجل التشبيك وبناء مشاريع أكبر. 

  • الإطار الثالث والذي من المرجح إنشاؤه خلال أربع – ست سنوات هو قرية الهايتك والى جانبها الاكاديمية التطبيقية والتي من خلالها يتم ربط مجتمع العاملين في مجالات البرمجيات والهندسة بشركات الهايتك كما يتم بناء برامج تدريبية محددة لاحتياجات السوق والشركات. 

الى اين نتجه

عالم الابتكار هو عالم واسع، بحاجة لتكاتف الجهود، وتعدد القوى وانتشارها من اجل عمل إنجازات ملهمة وحقيقية في هذا المجال. لكي تكون الخطى ثابتة ذات تأثير حقيقي على العاملين في هذا الحقل تحديد أهدافهم. في هذه المرحلة تقوم كفر قاسم بوضع اللمسات الأخيرة على خطتها الاستراتيجية في عالم الابتكار والمبادرات. لتكون عنوان محلي وعالمي مستقبلا في هذا المجال، تقدم الحلول، وتعالج الإشكاليات وتساهم في تصدير ابتكارات إبداعية كما تقوي المجتمع المدني في محيطها. 

مسؤوليتنا كمجتمع

عالم الابتكار ينقسم لقسمين: ابتكار جديد لا يوجد له سابقة، او ابتكار يقوم بحل تحدي معين بصورة إبداعية. مسؤوليتنا كمجتمع هي تشجيع هذا المجال وزيادة العاملين فيه، لأنه يتعامل مع المستقبل، يقوم بحل الإشكالات القائمة بشكل ابداعي. لا يمكننا انتظار أحد من الخارج لكي يأتي ويبتكر حلول لمشاكلنا، لكن بإمكاننا المساهمة في انشاء جيل يمارس هذا العمل، ذا بعد أخلاقي وانتماء لهذا المجتمع، يعيش الامه ويسعى الى حلها، كي ننجح افرادا وجماعة، في حل مشاكلنا وتصدير حلولنا الى العالم، لنتحول من مجتمع مستهلك الى مجتمع منتج، مجتمع ينتظر الغير لينقذه، الى مجتمع يأخذ مسؤولية ذاتية على مستقبله ويقوم بتصميمه بنفسه. 

عبد الرحمن ابن بري

عامل اجتماعي ومدير مركز الابتكار في كفر قاسم

شاركونا رأيكن.م