كذبة أول نيسان - الاختلاف حول المصدر والاتفاق علـى الأثر!

كذبة أول نيسان أصبحت عادة دارجة في العديد من البلدان، في اليوم الأول من شهر أبريل \ نيسان...ويشارك عادة فيها كل الناس... ويتفننون في صياغتها، ومن يبدع أكثر في اختلاق كذبة تؤثر على سامعيها.

وأحيانا تؤدي هذه المزحة أو الكذبة إلى نتائج كارثية وعواقب وخيمة... مثلا حين يفاجئ أحدهم شخصا آخر بحالة وفاة عزيز أو قريب... مما يسبب أثرا نفسيا بالغا أو صدمة أو حالة إغماء يمكن أن تلازمه مدة من الزمن أو مرضا نفسيا أو انهيارا عصبيا.

ولا توجد حقيقة مؤكدة لهذه العادة غير المستحبة والتي تعطي شرعية للكذب، ويصبح فيها الكذب مباحا أو متاحا.

ورغم الاختلاف في أصل هذه الكذبة إلا أن المتفق عليها أن جذورها أوروبية. خاصة من دولة رومانيا...فتقول إحدى الروايات.... بأن كارول ملك رومانيا كان يزور أحد متاحف العاصمة...وقد سبقه إلى المتحف رسام مشهور رسم على أرضية إحدى قاعات المتحف ورقة نقدية أثرية ثمينة...وقد رأى ملك رومانيا الورقة المالية فأمر أحد حراسه لالتقاطها...فانحنى الحارس لالتقاطها ليكتشف بأنها خدعة.

ورواية أخرى تقول إنه في نفس المتحف في عام آخر رسم فنان صور لسجائر مشتعلة على أرضية خشبية...وجعل يراقب عن كثب ردة فعل الناس...مما جعل حالة من الهلع والفزع تنتاب الناس مما جعلهم يهرولون لالتقاط السجائر المشتعلة قبل اندلاع حريق واشتعال الأرضية.

على الرغم من أن الكذب أصبح آفة اجتماعية مضرة بصحة الكاذب النفسية ومشكلة اجتماعية تجعل من غير الممكن على أي شخص أن يتأكد من أمانة شخص آخر فإن موقع الكذب من الثقافة لا يزال في صعود، بل يتفنن البعض في ممارسته وأصبح حقيقة من حقائق الحياة مما جعله يكتسب بعض الشرعية بصفته عادة شائعة. واللجوء إلى الكذب لإخفاء مشاعر ومواقف غير مقبولة وإنكار تصرفات غير تقليدية، والتغلب على هذه العادة مشكلة عويصة لانعدام حرية الرأي والثقة الاجتماعية؛ فمثلا في شهر رمضان نلاحظ أنه من الصعب جدا أن يعترف غير الصائم بعدم صيامه حتى وإن كان لديه عذر شرعي.

وحين يسأل المرء عن موقف شخصي لا يملك الجرأة على البوح به فإنه يجد الكذب وسيلة مضمونة لإنقاذه من ورطة مؤكدة، بينما الصدق قد يعود عليه بعواقب وخيمة.
الموقف الشرعي للفقهاء حول جواز الكذب واضح وصريح. لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم أهل الريب والبدع أي الكذب فأظهروا البراءة منهم وليحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدَعهم يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات."

وفي معرض الحديث عن عادة الكذب والتي تعتبر من قضايا التخلف الثقافي أصبحت تستخدم مهارة الكذب على نطاق واسع في المناسبات العامة حين يجد الكاذب نفسه مضطرا لإنكار تصرف مخالف لما يتوقع منه الآخرون أو اتخاذ موقف لا تجيزه الأعراف والعادات المرعية بين الناس؛ أو حين يفشلون في الوفاء بالتزام قد قطعوه على أنفسهم أو فشل بأداء واجبات وظائفهم.

 


كاتبة المقال: فتحية خطيب (أم مبارك) وهي كاتبة وباحثة تراثية وناشطة في المجال الثقافي.

فتحية خطيب

كاتبة وباحثة تراثية وناشطة في المجال الثقافي

شاركونا رأيكن.م