عن تجربتي البرلمانية كنائبة في الموحّدة
كانت فترة عملي نائبة في الكنيست قصيرة الأمد، لكنها كانت مليئة بالتّحديات والعمل والأحداث؛ بدايةً من أزمة كورونا وما يتعلق بها وصولًا إلى أزمة حلّ الكنيست. ومع أنني قد أكون جديدة على ساحة العمل في البرلمان، لكنني بكلّ تأكيد لست جديدة على الساحة العامة، وميادين العمل والنّضال الجماهيري والسّياسي من أجل حياة كريمة وأساسًا من أجل عدالة اجتماعية تصنفنا كأقلية وأيضًا كنساء.
في فترة عملي في الكنيست وضعت نصب عيني تحدي الأفكار المسبقة حولنا كمجتمع عربي، كنساء في الحيّز السيّاسي وحولنا كنساء ملتزمات ومحجبات على وجه الخصوص في المجتمع الإسرائيلي بشكل عام وداخل مجتمعنا العربي؛ وجودي كمحجبة أولى، واختيار نساء لجانبي يمثلن هذا التوجه وخلق جو عام إيجابي داخل الكنيست وخارجها حول النّساء العربيات ودورهن في الحياة العامة، ساهم في زيادة الوعي حول التّحديات اليومية الّتي تواجه النساء في المجتمع الإسرائيلي وخاصة المحجبات منهن، وتحديدًا من العنصرية وانعدام المساواة في الفرص.
وعليه وضعت نصب عيني هدفًا بأن أعمل على فتح آفاق وامكانات أمام الفتيات الملتزمات، وأكون مثلا أعلى أمامهن ليتأكدن بأنهن قادرات على تحقيق ما يظنه الآخرون مستحيلًا، فهن قادرات على خلق واقع مجتمعي أفضل يكن فيه شريكات ومؤثرات، ومن الأشياء التي قمت بها هي أن أكون صوتًا لهذه المجموعة الّتي تم إقصاؤها مطولًا في المجتمع الإسرائيلي.
كمن أتت من حقل العمل الاجتماعي والجماهيري الّذي يهدف أولًا إلى بناء المجتمعات، حاولت جاهدة في فترة عملي القصيرة في البرلمان أن أرفع لواء العدالة الاجتماعية وقضايا المهمشين والمغيبين من أبناء وبنات شعبي وعلى رأسهم أهلي في النقب والقرى مسلوبة الاعتراف، خاصة قضايا النساء والأطفال حيث تعاني هاتان الفئتان من التّهميش والعنصرية بشكل مضاعف على صعد عدة، إضافة لقضايا الفقر، والعنف، والجريمة، الجريمة المنظمة و قضايا التّعليم في المجتمع العربي وقضية المناطق الصناعية والمواصلات العامة، إضافة لهذا تابعت قضايا تتعلق بصحة النساء خاصة العربيات منهن، وعلى وجه الخصوص قضية فحوصات "المموغرافيا" لسرطان الثدي، إذ تعاني النّساء العربيات من الإصابة بسرطان الثّدي بجيلٍ مبكر خلافًا لنساء غير عربيات، وعليه قدمت اقتراحًا لقانونٍ يعطي الحق بفحص "المموغرافيا" كفحص ينقذ الحياة، وخفض الجيل الملزم للفحص لجيل 40.
خلقت جائحة كورونا تحديات محليّة وعالميّة عديدة، لكن أصعب التّحديات كانت تتعلق بالمواطنين العالقين في الخارج.
كإمراة تؤمن بالتّواصل وخلق قواسم مشتركة على أوسع نطاق ممكن، كنت على استعداد للتعاون مع كلّ عضو من أعضاء الكنيست الذي يحمل أي من القضايا والأجندات الّتي اؤمن بها، ويعمل على متابعتها مثل خلق حياة مشتركة وضمان إنهاء الاحتلال الإسرائيلي في الضّفة الغربية وقطاع غزة، وإنهاء الحصار وإقامة دولة فلسطينية ضمن حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية إلى جانب إسرائيل، الأمر الّذي يشكل باعتقادي الضّمان الوحيد للسلام بين الشعبين المتجاورين بين النّهر والبحر.
في نظري طلب إنهاء الاحتلال كضمان للسلام أساسي، وأيضًا هناك حاجة لضمان الحفاظ على ثوابتنا الاجتماعية والدّينية كما الوطنية. مجتمعنا يعاني الكثير على المستوى السّياسي والاجتماعي على حد سواء ويتطلب التّغيير، نتائج الانتخابات الأخيرة تثبت هذا، ما يستوجب الاصغاء لنبض الشّارع.
قلتها منذ البداية واليوم اؤكدها مرة أخرى، إن التّصويت على اقتراح حل الكنيست كان خطًأ تاريخيًا أجهض انجازًا تاريخيًا غير مسبوق لمجتمعنا العربيّ، كان يمكن أن تكون له إنجازات كبيرة تعطي أجوبة شافية لقضايا حارقة لمجتمعنا وعلى رأسها آفة العنف، الأرض والمسكن، والاعتراف بالقرى مسلوبة الاعتراف.
ليس هذا فحسب بل إن هذا التّصويت للجبهة وحلفائها أيضًا أدى إلى دخول أشخاص متطرفين مثل بن جفير وربما حكومة عنصرية أكثر من سابقتها. لقد كنا أمام فرصة تاريخية للعمل وتفعيل قوتنا الكامنة من أجل حلول جذرية لقضايانا الحارقة كأقلية أصلانية في هذه البلاد.
أهم نتائج هذه الانتخابات هي هُوية مجتمعنا وكيف يريدها الأبناء؟ ومن يحملها ويصونها ويعمل على تطبيق شعار الوطنية قولًا وفعلًا.
كاتبة المقال: ايمان خطيب– ياسين وهي النائبة السابقة عن القائمة العربية الموحّدة