عدم الجهوزية للشراكة.. أصل الخلافات الزوجية!

ها هو موسم الاعراس يتصدر المشهد، بهذه الفترة ينتابني شعور بالقلق حيال هذه الأزواج هل هم فعلا جاهزون للدخول الى هذا العالم؟

بعد الاطلاع على معطيات نشرتها المحاكم الشرعيّة في البلاد، تبين ان هناك ارتفاعا ملحوظ في نسبة الطلاق مقابل الزواج، وهذا الارتفاع بلغ 32% في سنة 2020 مقابل 30% في سنة 2019. وهنا تطرح التساؤلات هل تم التعاطي مع هذه المعطيات المقلقة من قبل المسؤولين؟ من المتضرر المباشر من هذا الطلاق وما هي تداعياته على المجتمع؟

تجدر الإشارة إلى أن الخلافات بين الزوجين جزء لا يتجزأ من مؤسسة الزواج، ومصدر كبير للتوتر في العلاقة وبالتالي، فإن الخلافات الزوجية لها عواقب طويلة المدى على الصحة الجسدية والعقلية للزوجين والأولاد واصعبها المشاكل السلوكية والعاطفية ، ويخلق هذا النهج عند الكثير من الأولاد عنفا بشتى الاشكال وهنا تبدا دائرة العنف بالاتساع من الوالدين للأبناء وللمحيطين بهم ومن ثم المجتمع ككل . وبالمقابل عندما تتم إدارة الصراعات بشكل صحيح ، يمكن أن تساهم في زيادة العلاقة الزوجية تناغما وحبا وتعزيز النمو داخل العلاقات ، من خلال تطوير أنماط اتصال وتواصل فعالة.

في السنة الأخيرة تبين اقبال ملحوظ على مجال الاستشارة . ومع ذلك، هنالك أزواج عديدة لا تستفيد من هذه الخدمة وتحفظ البعض من اللجوء الى مختصين لعدم اقتناعهم بأهمية الاستشارة, للأسف يضطرون التوجه للاستشارة، فقط بعد أن تسوء الأمور ويعجزون عن حلها بأنفسهم.

اطرح لكم اهم هذه الشكاوى هي: لغة تواصل خاطئة وضعف في التواصل, عدم تلبية حاجات عند احد الزوجين وقلة الاهتمام, الانشغال بأمور خارج نطاق العلاقة, الانشغال بمواقع التواصل.

من خلال بحث قمت به في مسار اللقب الثاني ومن خلال مقابلات اجريتها مع عدد من الأشخاص استنتجت ما يلي:

  • الاستنتاج الأول: الرجال في المجتمع العربي غير مدركين الحاجة إلى طلب المشورة والعلاج للزوجين كجزء من الاستراتيجيات اللازمة للتعامل مع المشاكل والأزمات في حياة الزوجين. كان نقص الوعي لدى الرجال العرب ملحوظًا بشكل خاص بسبب نظرتهم للاستشارة الزوجية وأهدافها ولمن هي موجهة. اذ قال احد الرجال المشتركين بالبحث :"هذه الخدمة مخصصة لـ "المرضى". احد الاسباب قلة الوعي للموضوع لدى الرجال، بالأساس جاءت من الشعور بالخجل من كشف اسرار البيت لشخص غريب, بالنسبة لهم قد يضر هذا التدخل أكثر مما ينفع, وقد ادعى احدهم بان العلمانية بمواضيع الاسرة أعطت شرعية للزوجات بالتمرد على ازواجهم , لذلك فإنهم يفضلون التعامل مع الأزمات بشكل انفرادي أو على الأكثر اللجوء إلى شخصية من الأسرة. شدد معظمهم على أنهم يعتقدون أن لديهم القدرة للتعامل مع خلافاتهم مع زوجاتهم, مهم ان اذكر, ان مستوى التعليم والحياة في المجتمع العصري ليس لهما تأثير كبير على تصور الرجال لأهمية طلب المشورة والعلاج الزوجي. أكد معظم الرجال الذين تمت مقابلتهم في الدراسة ، ، أنهم يعيشون وفقًا لعاداتهم وثقافتهم والتي أولت أهمية وقوة لمكانة الرجل العربي كشخصية محورية في الاسرة, وأكدوا أن الأزمات التي تنشأ بين الازواج هي بالنسبة لهم "سر" يجب أن يبقى في زنزانة الزوجين داخل الاسرة.

  • الاستنتاج الثاني: النساء اللواتي تمت مقابلتهن في الدراسة عبرن عن تصورات أخرى لا تتطابق مع تصورات الرجال. تدرك النساء مقارنة بالرجال أهمية الاستشارة والعلاج الزوجي لإدارة الخلافات وحلها. وتعتبر هذه الخدمة مهنية وذات أهمية تحمي الاسرة من الضياع . وتعملن على تغيير تصورات أزواجهن حول ضرورة طلب الخدمة عندما يواجهون أزمة في العلاقة. إنهن يدركن صعوبة تصورات الرجال حول هذه القضية ويبذلن جهودًا كبيرة لتغيير هذا الوضع. على عكس الرجال، فإن النساء على استعداد لتبني آراء وعادات ووجهات نظر جديدة. بالنسبة لهن، لا يُفترض بهن ولا يوافقن على العيش في نفس الظروف التي عاشت فيها أمهاتهن وجداتهن.

  • الاستنتاج الثالث : بعض الرجال العرب يتفهمون أهمية الإرشاد الزوجي ، لكن متى يتم ذلك ! فقط بالأزمات الحادة وبمرحلة متأخرة من الخلافات, ولتجنب تفاقم الأزمة والخوف من الطلاق وتداعياته .وفي حال اجبروا عن طريق المحكمة .

من خلال عملي كمستشارة للعلاقات الزوجية لاحظت ان من الأسباب المباشرة للخلافات الزوجية كان الأول: هو عدم الجهوزية لهذا العالم. والثاني : الاختيار الخاطئ لشريك الحياة.

من هنا تركزت مسيرتي البحثية والعلمية بتعمق اكثر بهذا العالم لإيجاد الحلول ,احدها كانت دورة "تحضير لعالم ازواج ", للحد من ظاهرة الطلاق المتفاقمة ,وهو عبارة عن دورة من عدة لقاءات تمرر للمقدمين على الزواج تشمل هذه اللقاءات ثلاثة اقسام: 1- العلاقة الزوجية بين الزوجين, 2- الوالدية, 3- الإدارة المالية السليمة وتمرر في فترة التعارف الأولى.. فترة الخطوبة. هذه الدورة تأهل كل من الشريكين للدخول الى عالم الزواج بجهوزية تامة مع حقيبة استراتيجيات للتعامل مع كل حدث متوقع.

والحل الثاني في حال التردد في اختيار شريك الحياة ,يجب اللجوء الى مختصين بالعلاقات الزوجية ,فهنالك اليات وطرق حديثة تساعدهم على اتخاذ القرار الصحيح .منها جلسات الخمسين سؤال لاختيار الصحيح خدمة طورتها من خلالها يستطيع المقبلون على الزواج اتخاذ قرار بمهنية ومرافقة للنهاية. حيث يتطرقون الى أمور مصيرية تتعلق بالشريك مثل مبادئ , طريقة التفكير , نهج حياة , واهداف مستقبلية , ويكون القرار بنسبة 80% يميل الى الصواب مع الاحتفاظ بالأمور التي لا نستطيع الحكم عليها الا بعد الزواج وتحت سقف واحد.

انا على يقين انه ومن خلال عملي في هذا المجال استطعت في حل العديد من حل المشاكل والأزمات واعادة اللحمة الزوجية وابعاد شبح الطلاق. وهنا يتوجب علينا زيادة الوعي والتوعية لأهمية الإرشاد والعلاج الزوجي في إدارة وحل الخلافات.


كاتبة المقال: لبنى شتيوي - الشيخ خليل وهي مستشارة زوجية ومرشدة مرشدين أسرية ومرشدة مجموعات في المجالات التالية: اولاد في ضائقة، ارشاد والدي وإدارة مالية سليمة وتجسير.

لبنى شتيوي - الشيخ خليل

مستشارة زوجية ومرشدة مرشدين أسرية ومرشدة مجموعات في المجالات التالية: اولاد في ضائقة، ارشاد والدي وإدارة مالية سليمة وتجسير

شاركونا رأيكن.م