التربية الجنسية في المدارس.. حماية لأولادنا
لطالما كان موضوع التربية الجنسية هو من المواضيع الأكثر حساسية في مجتمعنا . أثيرت في الآونة الأخيرة ضجة اجتماعية وإعلامية حول برنامج التربية الجنسية ضمن برنامج مهارات حياتية.
وما أثار هذه الضجة هو قرار وزيرة التربية والتعليم شاشا بيتون ان التربية الجنسية هو برنامج اجباري في منهاج المهارات الحياتية في جميع المراحل العمرية من الصف الأول وحتى الصف الثاني عشر.
طبعا، أتى هذا الإعلان بصورة عامة من غير الدخول في تفاصيل هذا البرنامج. لماذا تم الاعلان عن حتمية تمرير برنامج التربية الجنسية.
تشير المعطيات إلى تزايد كبير في عدد ضحايا الاعتداء الجنسي وخاصة عبر الشبكة.
ينكشف اطفالنا إلى محتوى جنسيّ غير ملائم على الأقلّ مرّة واحدة في الشهر ضمن معطيات الأبحاث الأخيرة وأغلب هذه المضامين هي مضامين إباحية بلا رقابة عليها، ناهيك عن المضامين التي تحتوي على جنس وعنف معََا .
حتى لو حافظنا على المضمون الذي يتعرض له الطفل وايضََا لكميّة المشاهدة، كل طفل بحاجة مرافقة ومتابعة في التطوّر النّمائي الطبيعي ولا يمتلك كل الأهالي الأُسلوب الملائم لهذه المهمة، فيتوقعون أن تقوم المدرسة بسد الفجوات.
نرى في وزارة التربية والتعليم أهمية دور الأهل في مرافقة أولادهم وهذا حق أساس، أن يتعرف الأهالي على المضامين التي سيتعلمها أولادهم.
ولهذا السبب قمنا في السنة الماضية وأيضََا سنستمرّ في هذه السنة بإعطاء محاضرات أهالي عبر منصة الزوم. وأيضََا نحثّ ونشجّع كلّ مدير\مديرة مدرسة بالتنسيق مع مستشارة المدرسة ومرشدة الموضوع في اللواء ان يتابعوا في اللقاءات للأهل وتزويدهم في المعلومات وَأيضََا بمحاضرات خاصّة إذ إنّ الأهل عطشى لاكتساب أساليب تعامل تربويّة للتعامل معَ أطفالهم لما يحمل هذا العصر من تحديات.
برنامج التربية الجنسية هو برنامج تربويّ تطوريّ تراكمي، أي أنه يلائم المضامين للفئة العمرية ويضيف عليها كل سنة دراسية، معلومات ذات أهمية.
يعمل البرنامج من خلال رؤية تعتمد الأبعاد الأَربعة:
البعد الفيزيولوجيّ: وهو كل ما يتعلق في التطور الفيزيولوجي في جسم الاولاد والبنات. ايّ نتحدّث عن حقائق علمية موثوقة . وهي متشابهة عند كلّ أطفال العالم. الهدف منها أن يدرك الطفل أنّ التطور الذي يحدث في جسمه طبيعي ويحدث لكل الناس . نوصي في الوزارة في هذا القسم بالذات أن يفصل البنين والبنات وأن من يقدم المعلومة يكون من نفس جنس الطفل وذلك مراعاة للخجل الطبيعي الذي من الممكن أن يرافق الأطفال. طبعََا المعلومة ملائمة جيل. أي ما يتعرف عليه ابن الصّفّ الأوّل هو كيف احمي جسمي وأعضائي الخاصّة من أَيّ أذى، بينما ابن الصف السادس يتعرّف على كل التغييرات التي من المتوقع أن تحدث في جسمه.
البعد النفسي: وهو كل ما يحدث لي في أفكاري، مشاعري، أحلامي، نظرتي الذاتية والجسدية. كيف أتقَبَّل التغيير. كيف أتقبّل كوني ذكرََا وكوني أصنثى. كيف أعزّز الأدوار الذكوريّة والأنثوية مع ذاتي. هذا البعد هو الأصعب على الإطلاق، إذ إنّه يحمل معه كل المشاعر الدفينة والتي من الضروري التعامل معها حتى لا يرتفع مستوى القلق العام لدى الاطفال، فيجد الآذان الصاغية ولا يمر هذه المراحل الحرجة وهو يتخبط لوحده.
البعد الاجتماعي: وهو البعد الذي يشمل علاقة الفرد مع الآخر. علاقة الطفل مع أهله، أصدقائه، أبناء الجيل، المؤثّرين في السوشيال ميديا، وهنا أبدأ الحوارات في السلوكيّات المجتمعيّة الملائمة. وتبدأ النقاشات حول ما هو مقبول أو مرفوض اجتماعيََّا، ومن خلال الحوار تُصاغ القيم المجتمعية في الصفّ والّتي تُؤثّر على الفرد كثيرَا إذ إنّها تصدر من الطلاب أنفسهم بحسب معايير المجتمع وتقاليده.
البعد الأخير هو البعد التربويّ الأَخلاقيّ: ( أو البعد الدينيّ) في البعض من الأماكن التي تعتبر أن المرجعيّة النهائيّة لتحديد كل سلوك هو الدين. هذا البعد هو الأهم إذ إنّه يعتبر البوصلة الّتي توجّه كلّ من الطالب والمعلّم بأن يقرّر إذا ما كان السلوك صحيحََا أم غير صحيح. مثلََا : إذا كنا نتحدث عن العلاقة بين الجنسين والعاطفة التي تتطور بين الذكور والإناث في جيل المراهقة، فنحن نتحدث عن الهرمونات وفهم المرحلة العمرية التي يتواجد فيها المراهق، نتحدث أن هناك شرعية للمشاعر التي تنشأ وتتطور عند المراهق او المراهقة و نبدأ بالحوار عمّا هي السلوكيات المقبولة اجتماعيََّا في هذا الجيل وما هي المعايير الاجتماعية الملائمة. نتحدّث مع الطلاب عن أهمّيَّة مشاركة الأهل في جميع هذه الأمور. وفي بعض المناطق والبلدان نتحدث عن الدين وكيف ينظر لهذه السلوكيّات.
كل هذا يحدث من خلال فعاليات وورشات عمل والتي تهدف إلى رفع الوعي والإدراك وأهمّيّة اتّخاذ قرار كطالب لما هو صحيح بحسب اهلك، وبيئتك، ومجتمعك ودينك.
الرسالة مثلا في هذا السياق هناك شرعية للمشاعر ولكن ليس كل سلوك هو مقبول .
حاليََّا تمرّر البرنامج مستشارات المدارس اللواتي تأهَّلن للقيام بهذه المهمة. في هذه السنة سيتم تأهيل المربون ليقوموا هم أيضََا بهذه المهمة.
البرنامج يُعطي معلومات علمية وصحيحة يرفع الوعي ويعطي آليات للتصرف وقت الحاجة.
كتبت البرنامج مرشدات عربيات يعملن في الحقل منذ سنين والبرامج ملائمة لجميع الالوية مع ليونة الملاءمة المدرسية.
بخصوص السؤال فيما إذا كان هذا البرنامج يشجع على المثليّة؟ اؤكد على ان مضامين كافة اللقاءات لا تتطرق لهذا لموضوع إذ إنّنا ندرك أن مجتمعنا غير جاهز لذلك.
كاتبة المقال: سريدة منصور - أسعد وهي مرشدة قطرية للجنسانية ومنع الاعتداءات في وزارة التربيه والتعليم.