مئات الحالات من الملاحقات متعددة الأشكال للمواطنين الفلسطينيين في اسرائيل

في الأسابيع الثلاث الأخيرة، توالت إلى مركز عدالة توجّهات من شرائح مختلفة في المجتمع الفلسطيني في إسرائيل إثر تعرّض المواطنين لملاحقات متنوعة، سواء إن كانت جنائية أو ملاحقات في أماكن تعليمهم أو عملهم؛ وذلك على خلفية تعبيرهم عن آرائهم فيما يخصّ الأحداث الجارية في البلاد.

بالتعاون مع هيئة الطوارئ العربية، المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا، واللجنة الحقوقية التي يركّزها "عدالة"، قام مركز عدالة برصد 161 حالة (لا يشمل شرق القدس) لإجراءات قانونية جنائية على خلفية الوضع الراهن، وذلك منذ تاريخ 7.10.2023.

تفاوتت الإجراءات القانونية ما بين استدعاء لتحقيق، اعتقال، تقديم لوائح اتهام وطلبات اعتقال حتى انتهاء الإجراءات القانونية، وما بين استدعاء "لمحادثات تحذيرية" من قبل الشرطة أو جهاز الأمن العام (الشاباك).

يشار إلى أنّ معظم الاعتقالات والتحقيقات تمحورت حول منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، وبشكل أساسيّ، على منصّات فيسبوك، انستغرام، تيكتوك وواتس آب. يدور الحديث في هذا السّياق عن 58 حالة تم رصدها حتى اللحظة (نرجّح أن تكون الأرقام أكبر من ذلك). بالمقابل، جرت اعتقالات اخرى إثر المشاركة في وقفات احتجاجية. في هذا السّياق، رصد مركز عدالة 22 حالة اعتقال، من بينها 12 حالة على خلفية مظاهرة أم الفحم (19.10.2023) وحدها.

معظم الشبهات التي وُجّهت أثناء التحقيقات دارت حول القيام مخالفة "تصرف غير لائق قد يؤدي الى الإخلال بالأمن العام" وفقًا لقانون العقوبات، إضافةً إلى تهمتيّ "التحريض على الإرهاب" و"التماهي مع منظمة إرهابية" وفقًا لقانون مكافحة الإرهاب.

وفقًا للرصد، أُطلق سراح معظم الأشخاص الّذين حُقّق معهم أو تمّ اعتقالهم فورًا بعد التحقيق، ضمن وضع شروط مقيدة كالحبس المنزلي، الإبعاد، الكفالات والضمانات مالية. في 64 حالة على الأقل، تم تقديم طلبات للمحاكم لتمديد الاعتقال.

هذا وقُدّمت 11 لائحة اتهام ضد مواطنين فلسطينيين وذلك على خلفية منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي. جميع لوائح الاتهام تشمل تهم "التحريض على الإرهاب" و/أو "التماهي مع منظمة إرهابية" وفقًا لقانون مكافحة الإرهاب الذي تم تشريعه عام 2016، كما قُدّمت 8 لوائح اتهام أخرى ضد سكان القدس الشرقية، 6 منها على خلفية منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، ولائحتا اتهام على خلفية إلقاء خطب في المساجد. في إحدى لائحتيّ الاتّهام على خلفية خطب المساجد، استندت لائحة الاتّهام على بند بقانون العقوبات يتطرق الى "إظهار قرار بالخيانة"، وهي تهمة قد تصل عقوبتها إلى 10 سنوات سجن.

بما يخص التوزيع الجغرافي للمعطيات، فقد رُصدت 81 حالة في منطقة الشمال، 56 حالة في منطقة المثلث والمركز، و20 حالة في منطقة النقب (بالإضافة لحالات قليلة لم نستطع رصد المعطيات الجغرافية بها).أما في سياق التوزيع الجندري للحالات، فقد استهدفت الإجراءات القانونية نساءً في 40 حالة، وذلك مقابل 121 حالة استُهدف فيها رجال. أما لوائح الاتهام(لا يشمل شرق القدس) 6 منها قُدّمت ضد نساء، و5 أخرى ضد رجال.

وعلى الرغم من تخصيص مركز عدالة طاقمًا لرصد حالات الاعتقال ومتابعة التطورات فيها، والعمل مع مجموعات المحامين المتطوعين من كافة مناطق البلاد والمنسقين المناطقيين، من المهم لنا أن نشدّد على كون هذه القائمة جزئية ولا تعكس الصورة الكاملة، ونعزو ذلك للزيادة المستمرة في أعداد الحالات، كما إلى ارتفاع وتيرة الملاحقات القانونية التي نشهدها.

أمّا فيما يخصّ الطلاب، فقد شنّت المؤسسات الأكاديمية حملة ضد الطلاب العرب وتم تقديم العشرات منهم لإجراءات تأديبية على خلفية مشاركتهم لمحتويات على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بهم. في بعض الحالات قامت المؤسسات التعليمية بتعليق تعليمهم أو حتى فصلهم فعليًا، بدون سابق إنذار وقبيل إجراء جلسات تأديبية. من الجدير بالذكر انه في الأيام الأخيرة هنالك عدة حالات قامت بها الشرطة بالتحقيق مع طلاب على خلفية نفس المنشورات المطروحة أمام اللجان التأديبية.

هذا ورصد مركز 99 حالة ملاحقة للطلاب بالمجمل، يمثّل عدالة 83 منها. عدد الطلاب الذين تلقّوا رسالة بتجميد تعليمهم حتّى اللحظة هو 48 طالبًا. ، قامت "همخللاه لمنهال" بإيقاف 7 طلاب عن التعليم بشكل فوري ودون أي إجراء. عدد الطلاب الذين تلقّوا دعوات لجلسة استماع هو 74، 41 جلسة منها قد عقدت بالفعل. أما بالنسبة لأعداد الطلبة الذين انتهت الإجراءات المأخوذة بحقهم في لجان الطاعة(مع إمكانية للاستئناف) فهم 14. في ثمانية من الحالات، انتهت الإجراءات بنتيجة مرضية تتراوح بين إغلاق الملف أو فرض عقوبات بسيطة. في خمسة حالات أخرى تم اتخاذ قرار بفصل 5 الطلاب فصلًا نهائيًا من أماكن تعليمهم. بينما في اثنتين من الحالات تمّ تعليق التعليم لمدة سنة دراسية أو فصل دراسيّ واحد، وهذه القرارات قابلة للاستئناف.

وتندرج كل هذه الإجراءات تحت أساليب القمع والاضطهاد السياسي التي يتعرض لها راهنًا المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل على كافة شرائحهم. وتشمل هذه الإجراءات على استهداف الطلاب العرب الفلسطينيين في الجامعات والمؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، وإيقاف العمال الفلسطينيين عن العمل وطردهم من وظائفهم، وحملة التحقيق والاعتقالات على أساس تتبّع المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، وحظر الشرطة للاحتجاجات التضامنية مع غزة، وقمع حرية المحامين الفلسطينيين في التعبير، والتحريض ضد أفراد وضد ممثلي الأحزاب السياسية العربية الفلسطينية. تشكل هذه الإجراءات معًا حملة قمع صارمة ضد الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل، كما وتشكل ملاحقة سياسية جماعية لهم.


27.10.2023

الصورة: للزميل محمد خليلية.

عدالة

المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في اسرائيل

شاركونا رأيكن.م