"ستوديو كولكتيف" - مساحة للفن والرقص والحوار
كان العرض الأول لمجموعة "ستوديو كولكتيف" بعنوان "سحاب" في يوم 19/11/2022 في رام الله وهنا كانت بداية الحلم.
خمس راقصات وموسيقى من بلدات مختلفة في أنحاء فلسطين - القدس، الناصرة، يافا ورام الله. كونّا هذا العرض من ساعات طويلة في الاستوديو سوية، وتنقل من بلد إلى بلد بهدف اللقاء في مساحة تحتوينا معاً والحاجة للتخيل بشكل حر.
كان يوم العرض الأول مليئاً بالتحديات والمشاعر، لكونها تجربتنا الأولى، حيث قمنا بتنسيق وترتيب كل المتطلبات لإقامة عرض بشكل مستقل ومجهود ذاتي من أفراد آمنوا بفكرنا الفني وبالحس الجسدي.
تجند أصدقاؤنا العاملون في العديد من المجالات الفنية لدعم هذا العرض وإنجازه. وكان هذا الشعور بالدعم أحد العوامل التي ساهمت في إقامة العرض وإنجاحه. فقد كانت أمسية من أشخاص لأجل أشخاص. رغم كل التحديات، فإن الوجود الاجتماعي والوقوف الفني لكل فرد من المجموعة كان دافعاً للإصرار والمثابرة على خلق هذه الأمسية الفريدة التي مزجت بين الرقص والتنسيق الموسيقي الحي.
"حتى اليوم ما بعرف كيف كلشي مشي بسلاسة وكيف وقعت كل الأشياء بمحلها الصح. بتذكر أول لحظات العرض، لما وقفنا قدام الجمهور، بتذكر الضغط المخلوط مع الحماس والرجفة الصغيرة في جسمي، وبتذكر اللحظة لما بدأ العرض في قاعة النصبة /سرية رام الله الأولى، استوديو صغير، حميم، جمهور قريب وإحساس قوي بكل شخص فيهم والموسيقي عدنان معتوق ورانا. كان في شعور انو كلشي عم ينخلق بنفس اللحظة.
مع الخوف اللي برافق الارتجال، وكونه شفاف وصادق، بتذكر الدفء اللي حسيتو من العيون علينا، ومن نظراتنا وإحساسنا بأجساد بعض، بتذكر نهاية العرض والتصفيق الحار وعيوننا الملآنة واللامعة اللي حست وشافت شو ممكن نبني ونتخيل مع بعض".
شهد جبارين
كان العرض ارتجالياً، موسيقياً وحركياً، ومبنياً على أساس اللغة الحركية الشخصية لكل راقصة. نتيجة سنوات طويلة من العمل معاً استطعنا خلق حوار وتناغم حركي سلس بدون تخطيط مسبق، وكان التعبير اللحظي والصادق بيننا كافياً لتحرير الحركة من أجسادنا بشكل انسيابي.
بعد كل حلقة ارتجالية خرجنا متجددين، كأننا اكتشفنا أفكارنا الباطنية، دوافعنا ومخاوفنا من جديد. أردنا مشاركة هذه الحالة من التجديد مع الجمهور وفحص مدى تأثيره علينا ومدى أثرنا عليه. اخترنا أن نكون حرين امام الجمهور، أن نعطيه الفرصة للدخول معنا لأسباب الحركة اللحظية المتغيرة والموجودة في داخلنا.
هدفنا من العرض كان بسيطاً؛ مشاركة تجاربنا الجسدية والحسية مع المجتمع. أو، بالأحرى، فحص إمكانية خلق هذه المشاركة. وقد تساءلنا هل هناك تقبل لهذه المشاركة؟ هل بإمكاننا تجريد أنفسنا من الطبقات الخارجية ونسمح لها أن تكون حية ولحظية مع العالم الخارجي؟
هذه التساؤلات رافقتنا في مسيرتنا المختلفة، توهتنا وأرهقتنا حتى فهمنا أهمية هذه المشاركة التي تنبع من إيمان كبير بالجسد كأداة للبحث والتواصل فرأينا الجسد كأداة مركبة نستطيع الوصول عن طريقها إلى أعماق حدسنا وأحاسيسنا التي يصعب التطرق إليها بأدوات اخرى.
أصبحنا على يقين بأهمية انخراط الرقص في المساحة الفنية، ليكون الجسد أداة لا نخاف منها.
هذا العرض التجريبي كان المحرك الأساسي لبدايتنا، ولتبلور فكرة ستوديو كولكتيف. نادت رند زياد طه، الراقصة ومصممة الرقص من القدس ومؤسسة ستوديو كولكتيف، بالعمل من داخل المجتمع ولأجله. "كان بدي يكون في عنا مساحة فيها أمان ودعم وتواصل، وفيها خلق للحوار مع المجتمع ومحاولة للتقرب منه وإدخاله إلى مساحاتنا الفنية، لأني أنا جزء من المجتمع وهدفي أن يتطور الفن داخل المجتمع ومش خارجه".
رند طه
"ستوديو كولكتيف" هو مبادرة اجتماعية لفنانين من مجالات مختلفة يسعون إلى تنظيم، تنسيق والمشاركة في أمسيات وفعاليات خاصة في مجال الرقص بشكل منتظم ومتتالٍ في فلسطين. الهدف من هذه المبادرة هو تقريب الجمهور من هذا العالم الذي هو، بالنسبة لنا، عالم محرك للمجتمع. نعمل على توفير أمسيات ولقاءات بين فنانين من مجالات مختلفة بشكل دائم ومستمر بهدف ترسيخ مشهد الرقص وحضوره في المجتمع، بالإضافة إلى منح الراقصين والفنانين فرصة تقديم أعمال خاصة وتطويرها في بيئة فنية داعمة وحاضنة.
من أهم القيم التي يجسدها "ستوديو كولكتيف" الرباط القوي بين الحركة والتحريك الاجتماعي. فنحن نؤمن بالحركة المستمرة والمتجددة في المجتمع، فنياً، ثقافياً، فكرياً وعلى الصعيد الشخصي. نرى أن بداية هذه الحركة التي تسعى للتغيير والتجديد والتحرر هي حركة داخلية، تحركنا حسياً وجسدياً وفكرياً.
تناولنا أفكاراً وقضايا معينة من خلال الفن مع تسليط الضوء على المساحة المفتوحة التي تنشأ ما بين الأفكار والعوالم الفنية المختلفة، كالرسم، الموسيقى، المسرح والتصوير…
ريما ناصر الدين (من اليمين) وأسيل قبطي (في الوسط) وعدن عزام (من اليسار)
وجدنا في هذا التقاطع وجهة نظر ومعنى لم يكن متاحاً لنا بدون وجود هذه التداخلية المركبة التي تعكس لنا، في نهاية المطاف، واقعنا المعقد وتتيح لنا، من خلال الرباط والتواصل، خلق منظور جديد.
من خلال أعمالنا بدأنا بتشكيل الشراكات مع فنانين، لإيصال الرسالة الشخصية والجماعية "الكولكتيفية" في آن واحد.
حتى الآن عملنا بشكل مستقل وبمبادرات شخصية من أشخاص داعمين ومساحات استضافتنا لعروضنا. نرى في رؤيتنا المستقبلية دائرة تتوسع لتحتضن شراكات فنية متعددة وفريدة، فنتخيل الكثير من العروض والانتاجات الفنية في كل أنحاء فلسطين.
ويلي التخيل العمل والمثابرة على تجسيده في واقعنا واستمرارية وجود أعمال فنية مختلفة في مساحات الفن الفلسطينية، سواء كان مسرحاً أو جاليري أو ستوديو وحتى وسائل رقمية مثل الأفلام القصيرة الراقصة…
خلال مسيرتنا معاً، كمجموعة "ستوديو كوليكتيف"، فهمنا بشكل واضح أن هدفنا بشكل رئيسي، كأشخاص وكمجموعة، هو إتاحة الفرصة للتخيل والحلم سوية، أن نستطيع رؤية ولمس كل ما في داخلنا ليكون محركنا ووجهتنا.
شهد جبارين
راقصة وعضو في "ستوديو كولكتيف" -مجموعة تسعى لتنظيم عروض وفعاليات رقص في فلسطين، وانخراط عالم الرقص في المجتمع الفلسطيني. اعضاء المجموعة الرئيسيين: رند طه ، ريما ناصر الدين، عدن عزام، أسيل قبطي وشهد جبارين