توظيف أوساط الشّبيبة في بناء مجتمع عِلمي مُنتِج وخلّاق

تؤمن جمعيّة الروّاد للعلوم والتقنيات بالقدرات الكامنة في جيل الشّبيبة في مجتمعنا العربي وبأهميّة العمل الاستراتيجي المدروس من أجل تطوير هذه القدرات، ليقوم هذا الجيل بتوظيفها من أجل بناء مستقبل أفضل لنفسه ولمجتمعه على حدّ سواء. إنّ تقدّم مجتمعنا العربي خاصة في المجالات الرّائجة عالميًّا كالعلوم والتّكنولوجيا من مجتمع مستهلك إلى مجتمع باحث ومُنتِج وخلّاق يستغل قدراته ويوظّفها لخدمة مجتمعه هي مسؤولية كل فرد منا داخل المجتمع لاسيما جيل الشّبيبة الذي يمتلك الوقت الكافي والطّاقة والمعرفة الحديثة لإتمام هذه المهام. فمن الهام جدًّا تطوير رؤية التّداخل الاجتماعي في أوساط الشبيبة بحيث تكون تطلّعاتهم نحو النّجاح المجتمعي كتطلّعاتهم للنّجاح الفردي الخاص بهم على حدّ سواء.

من أجل دفع عجلة التّقدّم من ناحية علميّة واجتماعية واقتصاديّة، فإنّ جمعيّة الروّاد للعلوم والتقنيات بطاقمها المكوّن من أكاديمييّن عرب أغلبهم ذوي ألقاب متقدّمة في مجالات العلوم والتكنولوجيا المتنوّعة تقوم بتخطيط وتنفيذ برامج علميّة وتكنولوجيّة عديدة تتلاءم مع احتياجات مجتمعنا العربي بشكل عام ومن ضمنها ما يَعنى باحتياجات جيل الشّبيبة بشكل خاص.

هذه البرامج تتمركزعلى محوَرين أساسيّيْن: 

  • محور المدارس: بحيث تقوم الروّاد بقيادة برامج علميّة وتكنولوجيّة قُطريّة تستهدف آلاف الطّلاب في المدارس كأيام علوم، برنامج نبراس للطلاب المتقوّقين، دورات روبوتيكا، أردوينو وبرمجة وغيرها. هذه البرامج منها قصير المدى وآخر بعيد المدى بحيث تكشف الطّلاب على جمال العلوم بطرق حديثة مُغايرة للطّرق المتّبّعة في جهاز التربية والتعليم كالتّعلّم عن طريق تجارب وبناء مجسّمات علميّة تكنولوجية تُصبح من خاصّة الطّالب ويستخدمها بشكل متكرّر في أوساط عائلته وقرنائه. بهذه الطّريقة يقوم بتذويت القيم العلمية من ورائها على المدى البعيد ويزيد من فرص الحديث العائلي عن مواضيع علميّة شتّى. كما ويشغل وقته بما هو مثري للعقل ومحفّز للتفكير الخلّاق الّذي من شأنه نقل عقل الشاب والفتاة من متلقٍّ للمعلومة إلى عقل يحوّل المعلومة إلى انتاج ويُنبِت منها أعمال علميّة أخرى. 

  • محور الجامعات: يشمل هذا المحورعدّة برامج تَعنى باحتياجات الطّالب الجامعي العربي بشكل خاص ويهدف للمساهمة في زيادة عدد وجَوْدَة العُلماء والباحثين العرب في المجالات العلميّة والتّكنولوجيّة الرّائدة عالميًّا ليتسنّى لهم مستقبلًا الانخراط في سوق التقنيّة العالية أو في الجامعات كمحاضرين وباحثين خلّاقين. 

تبدأ سيرورة العمل في هذا الجانب من خلال برنامج "سنة المعبر" الذي من ضمنه تقوم الروّاد بتجنيد عدد من الشبيبة العرب الذين يُنهون تعليمهم الثانوي لسنة واحدة من أجل تهيئتهم للتعليم الجامعي من خلال العمل على صقل القيم والمبادئ الواضحة، مهارات القرن ال- 21، كشفهم على أدوات ومواد علميّة وتكنولوجيّة عديدة، تساهم في بِناء التّصوّر المستقبلي وتوجيههم جامعيًّأ حتّى يتم قبولهم في الجامعات. جنبًا إلى جنب تقوم الجمعيّة في هذه السّنة بإتاحة الفرصة لهؤلاء الشّبيبة باستغلال وقتهم وتوظيف هذه القدرات التي يكتسبونها في إفادة المجتمع من خلال إرشاد طلاب مدارس في فعاليّات علميّة لزيادة الوعي العلمي والمجتمعي.

بالإضافة إلى ذلك، من البرامج التي تقودها الروّاد للعلوم والتقنيات في ست جامعات في البلاد هو برنامج "تمكين" لطلاب الدُكتوراة والّذي من خلاله تقوم على تطوير المهارات النّاعمة كمهارات عرض البحث العلمي في مؤتمرات عالميّة، كتابة مقالات وكيفيّة نشرها في المجلّات العالميّة الرّائدة، منح أدوات لتطوير شركات ناشئة، التحضير لمقابلات عمل، بناء شبكات تواصُل مهنيّة لتزيد من فرص التّقدم والتعاون في الأبحاث، تطوير براءات اختراع وغيرها من الاحتياجات والمهارات التي يحتاجها طالب الدكتوراة العربي لينتقل من مرحلة الاستهلاك إلى البحث والانتاج على مستوى عالمي. جنبًا إلى جنب، تقود الروّاد برنامج "النُخبة" الذي من خلاله يقوم طلاب الدُكتوراة العرب بتوظيف مهاراتهم من أجل النّجاح الجماعي، بحيث يمنحون توجيهًا فرديًّا لطلاب اللقب الأوّل ليسد احتياجاتهم وتطوير مهاراتهم ومساعدتهم في الانخراط في اللّقب الثاني والثّالث. 

هذا النّجاح يُتوّج أيضًا في مؤتمر الروّاد العلمي السّنوي الذي يُقام بلسان وعقول عربيّة يشارك فيه مئات الطلاب والباحثين الجامعييّن. من خلاله يتم كشف الطلاب على باحثين شبيبة عرب متميّزين في مجالاتهم العلميّة والتّكنولوجيّة العديدة، براءات اختراع ومتطلّبات الألقاب المتقدّمة وسوق العمل العالمي المستقبلي. فهذه الجهود تتكلّل ببناء مجتمع أكاديمي صلب وزيادة في عدد الباحثين الشبيبة العرب وانخراطهم في مواضيع علميّة حديثة وخلّاقة. 

وصال غنايم

من مؤسّسي جمعيّة الرواد للعلوم والتقنيات، ومديرة قسم الاستشارة التربويّة في الجمعية، وطالبة دكتوراة في مجال تدريس العلوم في التخنيون

شاركونا رأيكن.م