كيف تساهم الورشات في الهواء الطَلْق في ترميم النَّفس والنفسيّة؟

ما هي انعكاسات الطبيعة على نفسيّتنا؟ كيف تقوم الورشات الجماعيّة بتوطيد العلاقة ما بيننا؟ كيف بمقدور الورشات في الطبيعة ان ترمّم أنفسنا؟ ما هي سياحة المغامرات والسياحة العلاجيّة؟ وما دور شركة ماجلان في كل هذا وذاك؟ تجدون الإجابة على كل ذلك وأكثر في المقالة التالية: 

تعتبر السياحة العلاجيّة والفعاليّات الجماعيّة من أهم النشاطات التي تجمع ما بين الأفراد في المجتمع الواحد اذ إنها تهدف الى تعزيز التواصل والتفاعل بين الأفراد، وتعزيز الروح الاجتماعيّة والمشاركة المجتمعيّة. تشمل هذه الفعاليّات مجموعة متنوعة من الأنشطة التي تدفع الاشخاص نحو الترفيه من جهة ونحو التفاعل وبناء العلاقات من جهة أخرى، وتلعب بذلك دورًا حيويًا في تعزيز الترابط الاجتماعي وتعزيز التكافُل لخلق فرصة للتواصل المباشر وتبادل الأفكار، المشاعر، التجارب والاندماج في المجتم، كما تساهم في بناء العلاقات الاجتماعيّة وتوطيدها. عندما يجتمع المشاركون في فعاليّة مشتركة، فإنهم يتعاونون لإنجاح الفعاليّة والمَهمّة التي يخوضونها معًا وهذا التعاون والتفاعل يمتد أحيانًا إلى خارج الفعاليّة نفسها، بحيث تتشكل صداقات وعلاقات قويّة وتساعد في الانفتاح على ثقافات وعادات وتقاليد مختلفة، خاصّة حين يعمل المشاركون في شركات أو برامج مختلفة تتعدد فيها الثقافات والمعتقدات. 

إن التفاعل بين الأفراد في بيئة غير رسميّة، وخارج إطار مؤسّسة أو عمل، تمكنهم من التواصل والتعارف وبناء العلاقات بشكل سليم وتخلق روابط جديدة للاندماج في المجتمع بشكل أفضل، لتحفّز الأشخاص على المساهمة في تحقيق أهدافهم بشكل مشترك من خلال العمل الجماعي وحل المشكلات وتحقيق النجاح المشترك، فتقوم بذلك بتعزيز الصحة النفسيّة والرفاهيّة حيث تعتبر السياحة والفعاليات الاجتماعيّة فرصة للترفيه والاسترخاء وتحسين الصحة العقليّة والجسديّة وتهدئة النفس، بحيث تساهم في تقليل مستويات التوتر والضغط وتعزيز الشعور بالسعادة. 

يتلخّص هذا الأمر في مصطلح يُدعى "”Outdoor training أو  "التدريب في الهواء الطلق" الذي ظهر في أوائل القرن العشرين، ويتمحور حولَ التعلّم عن طريق المغامرة والتجارب. بدأ المفهوم الحديث للتدريب في الهواء الطلق في الظهور تأثرًا بحركات الإصلاح التربويّة والرغبة في توفير فرص التعلّم التجريبـي، إذ دعا المعلمون "كورت هان" و"جون ديوي" إلى الخبرات والتجارب خارج نطاق المؤسّسات كوسيلة للتعليم الشامل.  أطلق "كورت هان" نظريّة التركيز على الأنشطة الخارجيّة والتحدّيات البدنيّة وتنمية الشخصيّة من خلال المغامرة والسياحة في الهواء الطلق والتعلم التجريبي. أمّا "جون ديوي" الفيلسوف والمعلم الأمريكي، فقد أثنى على التعلّم من خلال التجربة وقد شدَّدت فلسفته في التعليم التقدمي على التعلّم العملي وحلّ المشكلات وربطها بمواقف الحياة الواقعيّة. وفي منتصف القرن العشرين، اكتسب التعليم في الهواء الطلق زخمًا أكبرَ مع ظهور المزيد من البرامج والمؤسّسات المخصَّصة للتدريب في الهواء الطلق، منها حركة Outward Bound التي توسعت عالميًّا، حيث قدّمت رحلات استكشافيّة ودورات في البريّة، تجمع بين التحديات في الطبيعة والعمل الجماعي لاكتشاف الذات، حتى أصبحت منظمة بارزة في التعليم الخارجي والتعلُّم القائم على المغامرة، ومن ضمنه انطلق التعليم القائم على السياحة العلاجيّة في الطبيعة، إذ اكتسب التعليم البيئي مكانة بارزة خلال هذه الفترة التي ركزت منظّمات قياديّة عديدة في الولايات المتحدة على التعليم القائم على الطبيعة، ومهارات الحياة البريّة. 

منذ أواخر القرن العشرين وحتى يومنا هذا، استمر التدريب في الهواء الطلق في التطوّر والتنوّع، واشتمل على نطاق أوسع من الأنشطة والفعاليّات. ومن هناك تطوّرت الورشات في الهواء الطلق لتشمل: 

  • البرامج العلاجيّة وبناء فرق العمل: بدأت البرامج الخارجيّة في دمج العناصر العلاجيّة، باستخدام الطبيعة والأنشطة الخارجيّة لتعزيز النموِّ الشخصي والشفاء والتأمل الذاتي، كما اعتمدت على ورشات لبناء فرق العمل في الطبيعة الخارجيّة.

  • سياحة المغامرات: أدّى ظهور سياحة المغامرات إلى دمج التدريب في الهواء الطلق بالأنشطة الترفيهيّة والتحدّيات التي يسعى الناس إلى خوضِها لترفع من الأدرينالين لديهم. على سبيل المثال: تسلق الصخور نزول منحدرات، التجديف، ورحلات المغامرات كوسيلة للتحدي والنمو الشخصي.

  • برامج التعليم في الهواء الطلق في المدارس: قامت العديد من المؤسسات التعليميّة حول العالم بدمج التعليم الخارجي في مناهجها الدراسيّة وأنشأت المدارس والجامعات برامج تعليميّة خارجيّة، مثل رحلات ميدانيّة قائمة على الطبيعة، ومبادرات تعليميّة بيئيّة لتعزيز خبرات تعلم الطلاب.

في وقتنا الحالي، يشمل التدريب في الهواء الطلق مجموعة واسعة من الأنشطة التي تصبُّ في دائرة السياحة الترفيهيّة والاجتماعيّة، بما في ذلك: الرحلات البريّة، برامج تنمية المهارات القياديّة وسياحة المغامرات. كل ذلك يساهم في تعزيز النمو الشخصي، وتطوير المرونة، وتعزيز العمل الجماعي، وتعزيز علاقة الإنسان بالطبيعة. تختلف هذه الأنشطة ومحتوى التدريب في الهواء الطلق تبعاً لأهداف البرنامج والجمهور المستهدف. 

يوفر التدريب في الهواء الطلق العديد من الفوائد التي تميزه عن طرق التدريب التقليديّة في الأماكن والأُطر المغلقة، إذ أنه يوفّر بيئة تعليميّة ديناميكيّة ومثيرة تشجع المشاركين على الخروج من مناطق راحتهم ومواجهة التحدّيات. 

بناءً على هذه الأُسس نمرّر في شركة ماجلان مختلَف الورشات التي تستهدف الشرائح والفئات العمريّة وتشمل القيام بنشاطات وورشات تدريب في الطبيعة، مثل مناطق مهجرة بهدف العودة للجذور أو في بلدات عربيّة وأماكن حضريّة لتفعيل المجموعات والقيام بورشات لتعزيز العمل الجماعي وزيادة الثقة بين الأفراد من جهة، وتعزيز الشعور والانتماء للطبيعة وللمكان الذي تتم فيه الورشة من الجهة الأخرى. وبالتالي للمساهمة في الخروج من منطقة الراحة إلى تطوير المهارات المهنيّة والشخصيّة والترويح عن النفس في الطبيعة الخارجيّة. واليكم بعض الأمثلة:

فعاليّة هروب من الصناديق في الطبيعة

وتشمل فعاليات ألغاز لتعزيز العمل الجماعي، تحفيز التفكير الإبداعي، التفكير الاستيراتيجي والتعامل مع ضغط الوقت، وكل ذلك عن طريق مسائل ومعضلات لتطوير مهارة التفكير خارج الصندوق، عن طريق التنافس الإيجابيّ وإدخال عنصر التحدّي، وبالتالي تشجيع المجموعات على التحاور والتعاون حتى بلوغ الهدف. 

 فعاليّة هروب من الصناديق في الطبيعة

ورشة مُحاكاة في الطبيعة

يتم فيها تقسيم مهام وأداور بين أفراد المجموعة، والعمل على بناء أشكال مختلفة عن طريق تطوير مهارة التواصل الفعّال بينهم. الفعاليّة مبنيّة من درجات صعوبة مختلفة من أجل إخراج المجموعة من منطقة الراحة والعمل معًا على بلوغ هدف واحد لإتمام المَهَمَّة بنجاح. 

ورشة مُحاكاة في الطبيعة

ورشات تدريب علاجيّة في الطبيعة

باستخدام الحِبال وأدوات خشبيّة مختلفة من الطبيعة. تشمل الفعاليات تحديّات لكسر حاجز الخوف، عن طريق تسلّق مرتفعات وتخطّي عقبات في المرتفعات، بهدف تمكين الشخصيّة وزيادة الثقة بالنفس والثقة بالمجموعة إضافةً إلى ادخال عنصر الاستبصار الداخلي لكلّ فردٍ من المشتركين. 

ورشات تدريب علاجيّة في الطبيعة

وعلى مستوى الأطر الحكوميّة نقوم بالعديد من البرامج التي تستهدف شرائح مستضعفة. تشمل شباب أو شابات في ضائقة. نساهم بها في تفعيل هذه الورشات لمحاولة إخراج هؤلاء الشباب من الضغوطات، منع التسرّب واستخدام التدريب في الطبيعة للتقليل من العنف والوقاية من انحدارهم الى عوالم خطرة عن طريق خلق أطر وبيئة احتواء حاضنة لهم من خلال الورشات والبرامج في الطبيعة. ولكَون الورشات تتم في أحضان الطبيعة فإنها تساهم في: الترويحِ عن النفس، زيادة الوعي الذاتي، تعزيز شعور الانتماء ورفع الثقة والتقدير الذاتي حتى الوصول لنسيج اجتماعي متماسك لإبعادهم، قدر الإمكان، عن مناطق الخطر ووقايتهم من الدخول إليها.

وفقاً لذلك، فإنَّ ما نؤمن به في شركة ماجلان هو أنّ للسياحة العلاجيّة والورشات في الطبيعة دورًا كبيرًا وعميقًا في تعزيز الشخصيّة الفرديّة من جهة والمجموعات من جهة أخرى، وكل ذلك يساهم بخلق نسيج مجتمعي أقوى، ويساهم بدون أدنى شك بترميم النفس والنفسيّة.  

أمير أبو حسين

يحمل اللقب الأول في العمل الاجتماعي، موجِّه مجموعات ومرشد سياحة ومغامرات، وطالب لقب ثاني في إدارة الأعمال في جامعه حيفا. مؤسس شريك ومدير شركة "ماجلان"

شاركونا رأيكن.م