حربُ غزّة والدولة الفلسطينية
نقتربُ من مرور سنة كاملة على حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة، لم تتوقف آلة القتل والدمار الإسرائيلية خلالها -جوًا وبرًا وبحرًا- عن القتل، ما أوقع عشرات آلاف الشهداء والجرحى غالبيتهم الساحقة من المدنيين؛ أطفالٌ ونساءٌ وشيوخ، إلى جانب تدمير البنية التحتية للقطاع، وأكثر من ٨٠٪ من مَساكِن المواطنين.
يجري ذلك كلّه بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية ومشاركةٍ مباشرة أو غير مباشرة منها، والفيتو الأمريكي دائمًا جاهز للاستخدام في مجلس الأمن الدولي، حتى الميناء العائم الذي بَنته أمريكا على ساحل قطاع غزة وثَبُت فشله في إيصال المساعدات الإنسانية للسكان، استخدمه جيش الاحتلال الإسرائيلي الغازي لأغراضٍ عسكرية بحقّ القطاع.
في الوقت نفسه، وسّع جيش الاحتلال اقتحاماته مدنَ الضفة وبلداتها ومخيماتها وعاث فيها دمارًا وتخريبًا وقتلًا واعتقالات واسعة، وواصل حماية هجمات قطعان المستوطنين المتتالية، خاصةً أثناء اقتحامهم المتواصل المسجدَ الأقصى والأغوار، وأثناء تدميرهم بيوتَ البدو وسرقة ممتلكاتهم بما فيها الأغنام التي توفر الحدّ الأدنى من احتياجاتهم.
تجري هذه الأعمال الوحشية كلّها في ظل عجز كلٍّ من المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمحكمة الدولية ومحكمة الجنايات الدولية عن القيام بواجباته لتنفيذ القرارات المتتالية الداعية لإنهاء الاحتلال وإيقاف أعمال مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات التي تعتبر حجر زاوية في إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ ٤ حزيران ١٩٦٧، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بما فيها عاصمتها، القدس الشرقية، وفق حلّ الدولتين الذي أقرته الأمم المتحدة في قراراتها المتعاقبة، بل واعترفت ١٤٧ دولة بالدولة الفلسطينية حتى الآن والتي أصبحت عضوًا مراقبًا في الأمم المتحدة وفق قرارها رقم ١٩/٦٧ لعام ٢٠١٢. لكن، رغم كلّ هذه المصاعب، فنحنُ واثقون أن الدولة الفلسطينية المستقلة قادمة لا محالة، أمام صمود شعبنا في أرضه ووطنه وقدرته على التحمل والصبر والاستمرار في بناء كل مقومات هذه الدولة اقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا.
وستستمرُ السلطة الفلسطينية القائمة التي جعلنا منها نواة لبناء الدولة الفلسطينية المستقلة، في القيام بمسؤولياتها تجاه أبناء شعبنا في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس كافة، رغم المصاعبِ الكبيرةِ التي تضعها حكومة اليمين المتطرف بزعامة الثلاثي نتنياهو وبن غفير وسموتريتش الذين لا همَّ لهم إلا مصادرة الأراضي الفلسطينية وسرقة أموال المَقاصّة، والحدّ من تحرّك السكان في أنحاء الضفة الغربية، ورغم كلّ ذلك نحن باقون وملتفون حول منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني، ونناضل بكلّ الأساليب المتاحة، ومستمرون في بناء مؤسسات الدولة القادمة لشعبنا.
كما أننا مستمرون في القيام بواجباتنا كُلّها دون تقاعس في الضفة والقطاع، ونعمل بدون كللٍ أو ملل من أجل تعزيز الوحدة الوطنية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية بمساعدة أصدقاء الشعب الفلسطيني وأشقائه لتحقيق الأهداف الوطنية التي يتطلع لها شعبنا، ووقف الحرب، وضمان انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلية الكامل من قطاع غزة، والعمل في "اليوم التالي" بأسرعِ ما يمكن من أجل بدء عملية إعمار ما تمّ تدميره.
عزام الأحمد
عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح".