لقاحات كورونا - ماذا نعرف حتى الآن؟
بعد مرور قرابة السنة على جائحة الكورونا (كوفيد-19)، ينتقل العالم كله إلى مرحلة جديدة من التعامل مع هذه الأزمة، وهي مرحلة يصفها المتفائلون بأنها بداية نهاية الأزمة، بينما يكتفى المتحفظون بتسميتها نهاية بداية الأزمة. وبأي حال تبقى هذه المرحلة، مرحلة توزيع اللقاحات، هي بارقة الأمل الأولى للانفراج.
وكما توقعنا، فإن هذه المرحلة أيضا كانت مصاحبة للعديد من الإشاعات والأخبار المضللة والمعلومات الخاطئة التي تناولها العديد من الناس في جميع المجتمعات وبجميع اللغات. ولذلك، سنحاول هنا تلخيص آخر المستجدات حول هذه اللقاحات (المطاعيم) ثم سنحاول الإجابة، باختصار، عن أهم الأسئلة المتداولة.
لمحة عامة:
هناك أكثر من 200 شركة تقوم على تطوير لقاحات ضد فيروس الكورونا، منها حوالي 64 دخلت مرحلة التجارب السريرية (تجارب على البشر)، بينما لا تزال الشركات الباقية في مراحل مبكرة من الدراسات والتجارب المخبرية أو التجارب على الحيوانات.
وبينما تشترك جميع اللقاحات بالهدف المرجو منها، وهو تدريب وتحفيز الجهاز المناعي في جسم الإنسان على إنتاج الأجسام المضادة، إلا أنها تختلف بشكل أساسي بالوسيلة التقنية المستخدمة في إنتاج اللقاح والوصول لهذا الهدف.
هنا أيضًا، نشير إلى أن جميع "التراخيص" التي يتم استصدارها حاليًا للقاحات، تقع ضمن ما هو معروف بالترخيص الطارئ، وهو ترخيص مؤقت يتم إعطاؤه للأدوية واللقاحات في الحالات الطارئة مثل انتشار الأوبئة، كما هو حاصل الآن. هذا الترخيص يتم مراجعته بشكل دائم وعلى فترات قصيرة، وتستمر معاينة البيانات الخاصة باستعماله وتأثيره على متلقي اللقاح - حتى يتم إصدار الترخيص الدائم، أو سحبه من الأسواق في حال لم تثبت فعاليته (أو ظهور خطورة في استخدامه).
اللقاحات الرائدة:
حتى كتابة هذه الكلمات، بلغ عدد اللقاحات التي وصلت إلى مراحل متقدمة من التطوير والموافقة إلى 11 لقاحا، منها 4 لقاحات من الصين ولقاحان اثنان من روسيا.
لن نتطرق هنا لهذه اللقاحات الستة لسبب واحد، هو أن أيّا من هذه اللقاحات غير مرشح للوصول إلى البلاد، ولا توجد أي نية لدى وزارة الصحة الاسرائيلية باقتنائه.
إذًا ما هي اللقاحات المهمة بالنسبة لنا على المدى القصير؟
قبل التطرق لكل لقاح، هناك بعض المعلومات العامة والتي تنطبق على غالبية اللقاحات وهي:
المعلومات المتوفرة هي للبالغين فقط - وليس للأولاد - حيث بدأت التجارب على الأولاد في الأسابيع الأخيرة فقط.
لا توجد معلومات كافية عن تأثير اللقاحات على النساء الحوامل، ولكن في أغلب البلدان يتم إعطاؤه لهن أيضا دون أي تقارير عن تأثير سلبي حتى الآن.
غير معروف حتى الآن ما هي مدة فاعلية اللقاحات، حيث تتوفر معلومات عن الشهرين - ثلاثة الأولى فقط، ومن المرجح أن تكون اللقاحات فعالة لمدة نصف سنة حتى سنة - على الأقل.
لا تسبب هذه اللقاحات، بأي شكل، تغييرًا في المادة الوراثية للإنسان، ولا أساس علمي لأي مخاوف من هذا القبيل.
جميع اللقاحات (الأمريكية والأوروبية) تمت تجربتها على عشرات الالاف من الناس، ومن مختلف العرقيات، وشملت أيضًا كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة.
بالنسبة لمن أصيب من قبل بالمرض وشفي - ينصح بتلقي اللقاح ايضًا.
الأعراض الجانبية: لم يتم رصد أعراض جانبية خطيرة لأيّ من اللقاحات، بينما هناك تقارير عن حالات نادرة (0.2%) لظهور الم في العضل، تعب وارتفاع في درجة الحرارة.
هناك 5 لقاحات تستوجب متابعة أخبارها وتعقبها، وهي المرشحة لأن تكون اللقاحات المتوفرة لنا للاستعمال في البلاد خلال السنة الحالية 2021، وفيما يلي تفصيل مبسط لكل منها، حسب ترتيب مرحلة المصادقة عليها:
لقاح فايزر (بالشراكة مع بيونتك) - أمريكي-ألماني: يستخدم تقنية الـ mRNA وتمت تجربته في المرحلة الثالثة على أكثر من 30 ألف مشترك، وأظهر نجاعة بنسبة 95% ويتم إعطاؤه حقنة في العضلة على جرعتين بفارق 3 أسابيع بينهما. يحتاج اللقاح إلى ظروف تخزين مشددة بدرجة حرارة أقل من 70 تحت الصفر (-70) سعره في السوق 20$ دولار أمريكي وتستعد الشركة لإنتاج 1.3 مليار جرعة خلال العام 2021، وهو أيضًا اللقاح الأول الذي تم ترخيصه للاستعمال من قبل السلطات الأمريكية والأوروبية، وهو اللقاح الذي يتم توزيعه حاليا في البلاد.
لقاح موديرنا - أمريكي: أيضًا يستخدم تقنية الـ mRNA ويعطى على جرعتين ولكن بفارق 4 أسابيع. يحتاج لحفظه بتبريد -20 (20 درجة مئوية تحت الصفر) ولكن سعره أغلى (40$) ومتوقع وصوله للبلاد خلال شهر شباط - آذار 2020. قدرة التصنيع الحالية تصل حتى 400 مليون جرعة سنويًا. وقد تم المصادقة عليه من قبل السلطات الأمريكية (FDA).
لقاح استرازينيكا (بالشراكة مع جامعة أوكسفورد)- السويد وبريطانيا: يستخدم تقنية مختلفة وهي الادينوڤايروس - Adenovirus وهو أيضًا يُعطى على جرعتين بفارق 4 أسابيع وفاعليته تصل إلى 90%، ولكن يمتاز هذا اللقاح بثلاث عوامل مهمة ستجعله على الأغلب الأكثر إستعمالًا حول العالم، وهذه العوامل هي سهولة التخزين (برادات عادية)، سعر معتدل - 3$-5$ "فقط" وقدرة تصنيع سنوية تصل حتى 3 مليار جرعة. اللقاح حاليًا حاصل على المصادقة من قبل السلطات البريطانية فقط، وكانت وزارة الصحة في البلاد قد أبرمت عقدا منذ شهور للحصول على 4 ملايين جرعة منه.
لقاح جونسون & جونسون - أمريكي: لا يزال في مرحلة تجارب المرحلة الثالثة، والتي من المتوقع أن تنتهي خلال الشهر الحالي (01/2021). هذا اللقاح هو أيضًا بتقنية الأدينوفايروس وظروف تخزينه سهلة، ولكن الميزة الأهم فيه، هو أنه يتم إعطاؤه بجرعة واحدة فقط. يصل سعر الجرعة حوالي 10$ وستقوم الشركة بإنتاج قرابة المليار جرعة خلال السنة الحالية 2021.
لقاح نوڤاڤاكس - أمريكي: يستخدم تقنية حقن البروتين، وهي تقنية تقليدية معروفة ومن المتوقع نشر نتائج المرحلة الثالثة من التجارب خلال الربع الأول من العام 2021 حيث تتم تجربته على 30 ألف شخص ويعطى بجرعتين بفارق 4 اسابيع بينهما، ويمكن تخزين اللقاح وحفظه في البرادات العادية. تستعد الشركة لتصنيع حوالي 2 مليار جرعة سنويًا في حال الموافقة على التطعيم.
وحتى توزيع اللقاحات على الجميع والتأكد من فعاليته، يبقى سبيلنا الوحيد للسلامة هو التقيد بتعليمات الوقاية من التباعد ولبس الكمامة والتعقيم المستمر.
د. محمود كيال
طبيب وريادي أعمال. شريك مؤسس في موقع وقاية منذ عام 2016، وكان مؤسسًا ورئيسًا تنفيذيًّا لموقع ويب طب الإلكتروني بين الأعوام 2011 - 2016